يتعرض المواطن السوري لارتفاع غير معقول في الأسعار، والذي يرتفع تدريجيا في البلاد التي ينهكها تدهور الاقتصاد فيها. ورغم أن ارتفاع الأسعار في سوريا لا يميز بين المناطق أو القوى المسيطرة، إلا أنه أثار مؤخرا احتجاجات في جنوب البلاد، حيث طالب المتظاهرون بإدارة مستقلة بعيدا عن حكومة دمشق.

اختفاء الألبان من الأسواق

أكد عضو مجلس إدارة الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان، أحمد السواس، أمس السبت، أنه لم يطرح كيلو الجبن في الأسواق حتى اليوم لأن سعر كيلو الجبن من المربي بلغ 12 ألف ليرة سورية، بينما سعره في هذه الأيام من العام الماضي لم تتجاوز 8 آلاف ليرة.

وتوقع السواس، خلال هذا الموسم أن يتأخر طرح الجبن في الأسواق حتى الربيع عندما تكبر الأغنام. مشيرا إلى أن المشكلة الأكبر هي ارتفاع تكلفة الأعلاف، الأمر الذي دفع المربين إلى التحول إلى الأعلاف منخفضة في قيمتها الغذائية مثل التبن والخبز. 

حيث يعرف هذا النوع من الأعلاف باسم “حشو البطن”، لأنه يجعل الخراف تشعر بالامتلاء، ولكنه لا يوفر عائدا مرضيا على الحليب. فكيلو العلف يساوي كيلو من الحليب، وإن تكلفة كيلو العلف حاليا تقترب من 1800 ليرة. فيما يتم الحصول عليها من الحلاب بسعر 1650 ليرة، مما يعني أن المنتج يفقد حوالي 200 ليرة في كل كيلو.

وقال السواس، إنه قبل الحرب كان كل 2.6 كيلوغرام من الحليب ينتج كيلوغراما من اللبنة. ولكن اليوم 3.5-4 كيلوغرام من الحليب لا ينتج كيلو لبنة، بسبب رداءة جودة الحليب نتيجة نقص التغذية. وعندما تدخل مصاريف النقل والتبخر بعد الغليان، والتي قد تصل إلى 100 ليرة للكيلو، فإن الكيلو من الحليب يكلف أكثر من 2000 ليرة. ناهيك عن نفقات العمالة الباهظة التي يمكن أن تصل إلى 15 ألف ليرة في اليوم.

وأكد عضو مجلس إدارة الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان، أنه في آخر اجتماع مع وزير التموين والتجارة الداخلية عمرو سالم منذ نحو 10 أيام خفض التسعيرة لكيلو اللبن من 2200 ليرة إلى 2000. بعد تطبيق التسعيرة الأولى لمدة وصلت إلى نحو 3 أشهر. الأمر الذي جعل أغلب أصحاب المحلات يبيعون بطريقة مخالفة للتسعيرة لأنها غير منصفة، خاصة للأنواع غير المغشوشة كم الألبان.

وبحسب السواس، فإن دمشق تستهلك 60 بالمئة من الحليب المنتج في ريف دمشق. حيث تختلف أماكن تجميع الأبقار، فالمركز الرئيسي في ريف دمشق هو منطقة القلمون التي تنتج 50-100 طن من الحليب يوميا. كما إن منطقة الغاب في حماة مصدر رئيس لإنتاج الحليب.

للقراءة أو الاستماع: عائلات سورية تعزف عن الألبان والأجبان وأخرى تشتري بـ”الوقية”

السوريون يبتعدون عن شراء الألبان والأجبان

مع ارتفاع الأسعار الجنوني الذي أصاب الأسواق السورية لاسيما في المواد الغذائية، عزف السوريون عن استهلاك العديد من المنتجات والاستغناء عن الكثير منها، فكان من أبرز المواد الغذائية التي تتصدر المائدة السورية هي الأجبان والألبان.

رئيس جمعية الأجبان والألبان في دمشق، عبد الرحمن الصعيدي، أرجع في كانون الثاني/يناير الفائت، انخفاض الاستهلاك لمادة الأجبان والألبان، إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، الأمر الذي نتج عنه كثرة العرض وقلة الطلب.

وأكد الصعيدي، أنه بالرغم من استقرار أسعار المواد المنتجة، إلا أن نسبة استهلاك الأجبان والألبان ككل انخفضت 15 بالمئة عما كانت عليه سابقا. مضيفا “في حال توافرت المراعي المجانية للأغنام بشكل أكبر وجيد خلال شهر شباط القادم ستصل نسبة الانخفاض إلى 20 بالمئة، شريطة ألا يصدر أي قرار بتصدير الأغنام”.

وكانت الجمعية الحرفية للألبان والأجبان في دمشق، اشترطت حول أسعار الجبنة والألبان في سوريا، استمرار تحسن توزيع المحروقات على حرفيي الجمعية من قبل الحكومة، لتخفيض أسعار منتجات الألبان في الأسواق، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعا غير مسبوقا في تلك المنتجات.

للقراءة أو الاستماع: بعشرات الأطنان.. أسباب تراجع استهلاك منتجات الألبان والأجبان في سوريا

تقييم لأنظمة أسواق الثروة الحيوانية

كشفت دراسة، لـ”الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”، أن طبيعة وتأثير قلة هطول الأمطار وندرة المياه السائدة التي أصابت سوريا بالشلل. ولا سيما تأثيرها على سبل العيش القائمة على الثروة الحيوانية وأنظمة الإنتاج الحيواني في المنطقة.

وأفاد تعداد للماشية، أجرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، أن 42 في المئة من رعاة الأغنام و 36 في المئة من مربي الدواجن و 16 في المئة من مربي الماشية في سوريا هم من النازحين. كما تضاعفت أعداد الماشية المجترة منذ عام 2011، حدث انعدمت خدمات التلقيح الاصطناعي. وعلاج الخصوبة الخاصة بالماشية المنتجة للحليب ونتيجة لذلك، فإن الخدمات الغائبة وإنتاجية حيوانات الألبان آخذة في التدهور التدريجي.

وقد ازدادت في الآونة الأخيرة مشاكل الثروة الحيوانية، تزامنا مع فقدان الحكومة السورية القدرة الاقتصادية لدعم المربين. إضافة إلى مغادرة الكثير من المربين إلى ترك المراعي والهجرة أو حتى التفكير بأعمال أخرى.

وبناء على بيانات وزارة الزراعة السورية، فقد تراجعت أعداد الثروة الحيوانية في سوريا. من نحو 25 مليون رأس غنم سنويا قبل 2011، إلى أقل من 10 ملايين، وفق وسائل إعلام محلية.

ذلك بعد أن كانت الثروة الحيوانية في سوريا تساهم بشكل كبير في الأمن الغذائي. كما كانت تلعب دورا اقتصاديا كبيرا في الدخل وتأمين فرص العمل، وتدخل منتجاتها في العديد من الصناعات النسيجية الرائدة.

وأدت عشر سنوات من النزاع وانعدام الأمن وحالات النزوح في سوريا، إلى استمرار تدهور الحالة الإنسانية. حيث يعاني 60 في المئة من السكان السوريين من انعدام الأمن الغذائي. و26 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن والتقزم.

للقراءة أو الاستماع: ليس بسبب ارتفاع أسعارها.. السوريون يبتعدون عن شراء الألبان والأجبان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.