31 عاما على قصف “ملجأ العامرية”.. العراقيون يستذكرون الفاجعة ولا يَنسون

31 عاما على قصف “ملجأ العامرية”.. العراقيون يستذكرون الفاجعة ولا يَنسون

تمر اليوم الذكرى الـ 31 على قصف “ملجأ العامرية” من قبل واشنطن إبان حرب الخليج الثانية، إذ حدثَت “الفاجعة” فجر 13 شباط/ فبراير 1991، ومنذ ذاك لم تُنسَ هذه الذكرى عند العراقيين.

“ملجأ العامرية” هو ملجأ شيده نظام صدام حسين إبان الثمانينيات لحماية المدنيين من الحرب والقصف وما من ذاك، ويقع في حي العامرية غربي العاصمة العراقية بغداد.

لم يكن هو الملجأ الوحيد الذي شيدته السلطات العراقية آنذاك، إذ شيدت بذات الوقت عشرات الملاجئ، وهو يحمل اسم “الملجأ رقم 25” أيضا، لكنه الوحيد العالق بالذاكرة العراقية.

في فجر هذا اليوم عام 1991 قصفت أميركا بوساطة طائرتين نوع “F – 517” الملجأ بصاروخين من الليزر صُمما تحديدا لهذا الغرض وجُربا بذاك اليوم لأول مرّة.

يتسع الملجأ الذي يقع على مساحة 500 متر مربّع إلى 1500 شخص، وكان يحتمي فيه المئات يومئذ من المدنيين على اختلاف أعمارهم وأجناسهم، أطفال، نساء، شيب، وشباب.

https://twitter.com/8ii29/status/1492612393469464586?t=htfLUC3epyI13kGHFNAEaQ&s=19

حصيلة مجزرة “ملجأ العامرية”

أدى القصف وقتئذ على الملجأ الذي يضم طابقين علوي وسفلي وثالث تحت الأرض لمقتل 400 مدني من الأطفال والرجال والنساء، والحصيلة في الحقيقة أكبر من ذاك الرقم.

الصاروخ الأول اخترق سقف الملجأ فأغلقه، أما الثاتي فانفجر بداخله، فيما انصهرت أجساد الضحايا جراء الصاروخ الثاني الذي وصلت درجة حرارته إلى آلاف الدرجات المئوية.

للقراءة أو الاستماع: العراق ينهي ملف تعويضات “غزو الكويت” بعد ربع قرن من التسديد

لم ينج من القصف إلا 11 مدنيا فقط، وعثر على 400 جثة فقط، في وقت تلاشت الكثير من الجثث بفعل الحرارة الشديدة، لذا فالضحايا أكثر من الرقم المعلن بكثير.

كان القصف إبان إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، وزلزلت الفاجعة الرأي العام العالَمي، لتعترف أميركا فيما بعد بأنها قصفت الملجأ بالخطأ ظنا منها بأنه ملجأ عسكري لا مدني.

https://twitter.com/dr_faqd97/status/1492530563344908290?t=yJh8EwtDBkVqOiJnhghQBQ&s=19

منذ الفاجعة وإلى اليوم يستذكر العراقيون كل عام ذكرى القصف بكل ألمٍ وحسرة، خصوصا أنه لا أحد حوسب على تلك الجريمة، واليوم استذكروا الفاجعة عبر مواقع “التواصل الاجتماعي”.

فيلم وعزف ونصب تذكاري

في موقع “فيسبوك” العراق لا تكاد تمر على تدوينتَين إلا وتكون الثالثة عن ذكرى القصف، أما في “تويتر” العراق فقد تصدّر وَسم “ملجـأ العامرية” الترند بمئات التغريدات.

وُثّقت تلك الذكرى الأليمة بفيلم عراقي تحت اسم “الفَجر الحزين”، وعزف الموسيقار العراقي نصير شمة من داخل الملجأ مقطوعة خصصها لضحايا القصف المشؤوم.

كما تحول الملجأ إلى ملجأ شاهد على ذكرى القصف، فيما بني نصب كبير، شيده علاء بشير عُرفَ باسم “الصرخة” يقع عند الملجأ وهذه الصورة التقطت له اليوم بذكرى القصف.

النصب هو على شكل رأس إنسان محشور وسط قوالب حجرية قوية، ووجه متوتِر يصيح من شدة الألم بشكل يجسّد الرعب الذي عاشه ضحايا قصف الملجأ.

للقراءة أو الاستماع: بعد سداد ديون الكويت: ما الذي سيجنيه العراق اقتصاديا؟

كذلك وثق الشاعر العراقي الراحل يوسف الصائغ ذكرى المجزرة بقصيدة طويلة تحت عنوان “أما كانَ يُمكن”، سنأخذ مقطعاً منها ليكون خاتمة هذه المادة، وهو التالي:


"إنها الساعة الثانية وثلاثون من بعد منتصف الليل..
بغداد نائمة، والهزيع ثقيل..
وحده النهر مستيقظ والمنائر..
والقلق المتربص، خالف جذوع النخيل..
فجأة، صرخت طفلة، الخوف في نومها..
وتخبط في العش فرخ يمام..
وصاح المؤذن في غير موعده: 
- استيقظوا أيها النائمون..
وماد المدى، وتجعد جلد الظلام، واقشعر السكون:
ترى أما كان يمكن إلا الذي كان؟ 
ما كان يمكن إلا الذي سيكون؟
كان، لامناص، سوى أن تخان،
على صدق حبك ياصاحبي أو تخون.. 
هو ذا قمر من دم، قد التصقت كسر الخبز فيه..
دم.. تراب.. 
وهرِّ على منكبيه غراب..
ولقد نظرت بمقلتي ذئب إلى وطني..
وأحسستُ العواء، يجيئني دبقا. يبلِله اللعاب..
ورأيتني أتشمم الجثث الحرام..
أفتِش القتلى عن امرأتي..
لكن صاح غراب البين..
فانشق المشهد قسمين:
مشهد عن يسار ضريح الحُسَين..
وآخر في ملجأ العامرية..
ورويدا حتى يبتدء القصف.. 
وتصعد من بين شقوق الإسمنت المحروق تراتيل الخوف.. ترافقها أصوات مخاض..
تسقط قنبلة، تسقط أخرى، وأخرى..
ينفجر الملجأ، ينهدم السقف، تحترق الدنيا، فنموت".
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة