قوات بيلاروسية في سوريا: لماذا تسعى روسيا إلى جلب حلفائها إلى الشرق الأوسط؟

قوات بيلاروسية في سوريا: لماذا تسعى روسيا إلى جلب حلفائها إلى الشرق الأوسط؟

الأنباء عن تواجد قوات بيلاروسية في سوريا أثارت كثيراً من التكهنات والجدل. رغم نفي الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو صحة هذه الأنباء.
فيما نشرت وكالة الأنباء البيلاروسية، في السابع من شباط/ فبراير الحالي، أن “الحكومة الروسية وافقت على مسودة مشروع اتفاقية تعاون مع حكومة بيلاروسيا، بشأن تقديم مساعدات إنسانية إلى سوريا”.
كما نقلت الوكالة عن الرئيس لوكاشينكو قوله إن “الأخبار التي زعمت أننا أرسلنا جنودا إلى سوريا، بطلب من الحكومة الروسية، مزيفة ولا أساس لها من الصحة”.
غير أن هنالك تناقضا بين تصريحات لوكاشينكو وتصريحات رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، الذي أكد أن بيلاروسيا “سترسل قوات عسكرية، يصل قوامها إلى مئتي فرد. للمشاركة في أنشطة تقديم المساعدات في سوريا”. وفق ما نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية.
وكانت وكالة “أسوشيتد برس” قد كشفت عن وثيقة روسية، تتحدث عن اتفاق بين روسيا وبيلاروسيا حول إرسال جنود إلى سوريا. وبحسب الوثيقة فإن “بيلاروسيا تريد نشر ما يصل إلى مئتي جندي في سوريا، للخدمة إلى جانب القوات الروسية، وتقديم مساعدة إنسانية للسكان خارج مناطق القتال”.
ووفقاً للمشروع المسرّب، الذي سيتم مصادقته لاحقا من قبل وزارتي الخارجية والدفاع في كل من روسيا وبيلاروسيا، فإنه على “القوات البيلاروسية العمل تحت السيطرة العملياتية للجيش الروسي في سوريا، عند نشرها في البلاد”.
الخطوة الروسية تفتح باب التساؤل عن مدى قانونية توقيع اتفاقية روسية بيلاروسية، لإرسال قوات إلى بلد ثالث. مع العلم أن الاتفاقية، التي تنظم وجود القوات الروسية في سوريا، والمبرمة عام 2015، لم تتضمن بندا يمنح الحق لموسكو بزج قوات أجنبية في البلاد. فضلا عن تناقض الموقف الروسي، الذي يطالب دائما بانسحاب القوات الأجنبية من سوريا.
ورغم أن الاتفاقية المزعومة نصت على إرسال مئتي عسكري بيلاروسي فقط. إلا أن العدد يمكن زيادته، وفقا لأحد بنودها.

هل توجد حاجة عسكرية لوجود قوات بيلاروسية في سوريا؟

الصحفي السوري مازن الرفاعي يرى، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “التواجد الروسي في سوريا لا يحتاج الى دعم لوجستي أو طبي أو عسكري من بيلاروسيا. ورغم نفي الرئيس لوكاشينكو، إلا أن وجود قوات بيلاروسية في سوريا  سيكون مشاركة عسكرية رمزية لتحقيق أهداف سياسية. وهي توجيه رسالة إلى الغرب بأن بيلاروسيا باتت تدور تماماً في الفلك الروسي. وأنها تتضامن مع موسكو في قضاياها الخارجية، مما يوسع جبهة الصراع مع روسيا بالنسبة لحلف الناتو”.
ويشدد الرفاعي على أن “خطوة إرسال قوات بيلاروسية إلى سوريا تأتي في سياق مجموعة من الخطوات لتوسيع رقعة المواجهة مع الغرب، وليست خاصة بسوريا. إذ تسعى روسيا لتشكيل حلف جديد، يوازي حلف وارسو السابق. وقد عقد في موسكو مؤخراً مؤتمر منتدى فالداي، الذي نظّم تحت شعار “لأمن الجماعي”. والمنتدى منظمة دولية إقليمية، تم إنشاؤها عام 1992. وتضمّ أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وطاجيكستان”.

هل إرسال قوات بيلاروسية جانب من سياسة محاور جديدة؟

د.محمود الحمزة، الأكاديمي والخبير في الشأن الروسي، نفى خبر إرسال قوات بيلاروسية إلى سوريا، إلا أنه لا يستبعد “هذه الخطوة أو سواها من الخطوات الروسية. وإرسال قوات بيلاروسية أو شيشانية أو كازاخستانية إلى سوريا. لضمان سياسة موسكو، الرامية لتوسيع وتنويع وجودها على الأرضي السورية”. مستشهداً بـ”دبلوماسية موسكو لاستقطاب دول البريكس و شنغهاي، وسواهما من المؤسسات الدولية، الحكومية وغير الحكومية. وذلك ضمن الاستراتيجية الروسية الرامية لبناء محاور اقتصادية أو سياسية أو عسكرية، تصطف إلى جانب موسكو، في صراعها المفتوح مع التحالف الغربي”.
ويستنكر الحمزة، في حديثه لـ”الحل نت”، السياسة الروسية المعاكسة لتصريحات المسؤولين الروس. إذ “دأبت موسكو على التصريح بضرورة خروج القوات الأجنبية من سوريا. فيما تعمل في الوقت نفسه على استجلاب قوات إضافية. وكذلك صرّحت عام 2015 أن وجودها في سوريا قصير الأمد. فيما تدلل الاتفاقيات الخاصة بقاعدتي طرطوس وحميميم على نيتها بتأسيس وجود دائم لها على الأرض السورية. فقد نصت الاتفاقيات المذكورة على وجود روسي لمدة خمسين عام، قابل للتمديد لمدة خمسة وعشرين عاما”.

تجاهل لحكومة دمشق؟

يتفق الرفاعي والحمزة على التجاهل الروسي لموقف حكومة دمشق من وجود قوات بيلاروسية في سوريا. فبالنسبة للرفاعي “تجاوز السلطات السورية بات عادة متأصلة في السياسة الروسية. ولا تشكل سابقة دعوة قوات أجنبيه للتدخل في سوريا أول حادثة في هذا السياق. فقد سبقتها مجموعة من التصرفات، التي تعبّر عن حقيقة أن القيادة السورية تابعة لروسيا. وهو ما تجلى في زيارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير دفاعه إلى سوريا، دون احترام الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولية، في جميع اللقاءات مع أركان الحكومة السورية”.
إلا أن الحمزة يختلف قليلاً بالرأي مع الرفاعي، فهو يرى أن “روسيا بحاجة إلى الرئيس السوري بشار الأسد. فموسكو تريد نظاما يحقق مصالحها في المنطقة. وقد عبّر بشار الأسد عن هذا الأمر عام 2015 بقوله إن روسيا موجودة في سوريا لحماية مصالحها”.

دخول بيلاروسي أم خروج إيراني؟

يرى الرفاعي أن “التدخل الروسي  في سوريا شارف على تحقيق كافة أهدافه. من خلال السيطرة على الطرق البرية والبحرية والمجال الجوي السوري. إضافة لوضع موطئ قدم لموسكو في البحار الدافئة. وإمكانية تحكمها المستقبلي بطرق التجارة العالمية. فهي تحرص على المشاركة في مشاريع استخراج ونقل وتصدير الغاز الطبيعي في المنطقة. لذا تحاول روسيا إيجاد حلفاء لها على الأرض السورية. ووجود قوات بيلاروسية في سوريا يأتي ضمن هذا السياق”.

مقالات قد تهمك: ما هي الحرب التالية؟ روسيا تُحوّل مطار حميميم في سوريا إلى نقطةٍ حربية رئيسة في المنطقة

الحمزة يوافق على هذا الرأي. معتبراً “الوجود العسكري الروسي في سوريا قوة احتلال. ولذلك تسعى موسكو إلى تحجيم الميلشيات الإيرانية، وإخراجها من الساحة السورية. ما سيكسبها بعض الاحترام على الصعيد المحلي السوري. وكذلك على الصعيد الإقليمي والعالمي. نظرا لما يمثله الوجود الإيراني من خطورة. وهكذا فإن وجود قوات بيلاروسية في سوريا قد يأتي في إطار إعادة ترتيب موسكو لحيثيات وجودها في سوريا”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.