رئاسة الجمهورية العراقية في قلب الخلاف الكردي الداخلي: هل سينقسم إقليم كردستان مجددا؟

رئاسة الجمهورية العراقية في قلب الخلاف الكردي الداخلي: هل سينقسم إقليم كردستان مجددا؟

التنافس على رئاسة الجمهورية العراقية يعقد المشهد السياسي في العراق بصورة كبيرة جدا. فصراع المكونات المختلفة على المناصب دخل في نفق مظلم. ويصر كل طرف على أحقيته بالرئاسات الثلاث في البلاد.
وبعد حسم منصب رئاسة البرلمان لصالح محمد الحلبوسي، تتجه الأنظار نحو منصب رئاسة الجمهورية العراقية. وهو المنصب الذي جرى العرف السياسي في البلاد على أن يكون من نصيب المكون الكردي منذ عام 2005. بعد أن شغله جلال طالباني، الأمين العام لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

لكن بعد الانتخابات الأخيرة تغير المشهد بصورة جذرية، فالحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، يرى أنه الأحق بشغل منصب رئاسة الجمهورية، عطفا على عدد المقاعد التي حصل عليها في البرلمان العراقي. إذ جاء الحزب الديمقراطي الكردستاني بالمرتبة الأولى بين الأحزاب الكردية، بحصوله على واحد وثلاثين مقعدا. فيما لم يحصل الاتحاد الوطني الكردستاني سوى على سبعة عشر معقدا. الأمر الذي جعل الحزب الديمقراطي يعتقد بأن منصب رئاسة الجمهورية العراقية بات من حقه.
ورّشح الحزب الديمقراطي هوشيار زيباري، القيادي في الحزب ووزير الخارجية والمالية العراقي الأسبق، لمنصب الرئيس، لكن الترشيح اصطدم بعقبة القضاء العراقي، وتحديدا المحكمة الاتحادية، التي رفضت الترشيح، بسبب وجود ملفات فساد سابقة ضد زيباري.

مساعٍ إيرانية لحرمان “الديمقراطي” من رئاسة الجمهورية العراقية

سعيد ممو زيني، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، يرى أن “منصب رئاسة الجمهورية العراقية هو استحقاق سياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني. كونه صاحب أعلى عدد من المقاعد البرلمانية داخل المكون الكردي”.
ويؤكد القيادي الكردي، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “قرار المحكمة الاتحادية باستبعاد زيباي كان سياسيا بحتا. ونحن نرى بأن هناك أطرافا داخلية وخارجية، وتحديدا إيران، تعمل على منع وصول مرشحنا لمنصب الرئاسة”.
لكنه يضيف أن “الحزب الديمقراطي واثق من نيل مرشحه الجديد ريبر أحمد منصب رئاسة الجمهورية العراقية. لوجود توافق عليه بين أطراف التحالف الثلاثي، المكون من الحزب الديمقراطي والتيار الصدري وتحالف السيادة”.
وخلال فتح هيئة رئاسة البرلمان العراقي باب الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية العراقية، قرر الحزب الديمقراطي الكردستاني ترشيح ريبر أحمد، القيادي بالحزب، ووزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان، لمنصب رئاسة الجمهورية.
بينما يصر الاتحاد الوطني الكردستاني على التمسك بمرشحه برهم صالح لنيل ولاية ثانية بمنصب رئاسة الجمهورية. ويعتقد بأن الحزب الديمقراطي يريد الاستحواذ على المناصب، ولا يلتزم بالاتفاقات السياسية.
وحذّر مختصون في الشأن الكردي من انعكاس الصراع على منصب رئاسة الجمهورية العراقية على الأوضاع العامة في إقليم كردستان. في ظل التلويح بعودة نظام الإدارتين في الإقليم.
وقبل عام 2005 كان إقليم كردستان مقسما إلى إدارتين، واحدة تضم أربيل ودهوك، يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني؛ وأخرى في السليمانية وحلبجة، يقودها الاتحاد الوطني الكردستاني.
لكن تم في العام 2005 اتفاق وصف بالتاريخي. بين كل من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، والأمين العام للاتحاد الوطني آنذاك جلال طالباني. ينص على تولي بارزاني رئاسة الإقليم، وطالباني رئاسة الجمهورية العراقية.

الحزب الديمقراطي: على الاتحاد الوطني القبول بالواقع الجديد

ميادة النجار، النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، تنفي “وجود توجه لعودة نظام الإدارتين في إقليم كردستان”. مؤكدة أن “هذا الأمر مستحيل الحصول”.
لافتة، في حديثها لموقع “الحل نت”، أن «الاتحاد الوطني الكردستاني شريك أساسي ومهم في الإقليم. ولكن عليه احترام نتائج الانتخابات، وما تفرزه العملية الديمقراطية. أما التلويح بهدم الكيان الدستوري للإقليم، لمجرد عدم الحصول على منصب رئاسة الجمهورية العراقية، فهذا أمر معيب».
وأشارت إلى أن «الاتفاقية التي يتحدث عنها الاتحاد الوطني الكردستاني، والتي تم توقيعها عام 2005، أصبحت من الماضي. لأن هناك انتخابات جرت في الإقليم، ونتج عنها برلمان. وما يجري في كردستان يختلف عما يجري في بغداد».
ويسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصبي رئاسة الإقليم، ورئاسة الحكومة في كردستان، كونه حصل على خمسة وخمسين مقعداً في برلمان كردستان العراق. فيما لا يمتلك الاتحاد الوطني الكردستاني سوى واحدا وعشرين مقعدا.

الاتحاد الوطني: لن نقبل بحرماننا من منصب رئاسة الجمهورية العراقية

من جهةٍ أخرى هدد الاتحاد الوطني الكردستاني بعدم القبول بمحاولة إبعاده عن مشهد تشكيل الحكومة المقبلة، وتقاسم المناصب في العراق.
حسن آلي، النائب في البرلمان العراقي عن الاتحاد الوطني، يرى في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “حزب الاتحاد الوطني يمتلك ثقلا سياسيا. وهناك اتفاقات مع الحزب الديمقراطي، تضمن حصول الأخير على رئاسة إقليم كردستان. مقابل حصولنا على منصب رئاسة الجمهورية العراقية”.
متابعا: “نرفض من يريد إبعادنا قسرا عن المشهد السياسي. والاستحواذ على المناصب بطريقة غير شرعية وغير قانونية. وسنستخدم كل الأساليب المتاحة للمحافظة على استحقاقنا، وهو منصب رئاسة الجمهورية العراقية”.
وفي الدورة البرلمانية الماضية دخل مرشحا الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي في تنافس داخل البرلمان العراقي، قبل أن يحسم النواب التصويت لمصلحة برهم صالح، مرشح الاتحاد الوطني. ما أدى إلى نشوب خلافات بين الحزبين الكرديين، استمرت لأشهر عدة.

مقالات قد تهمك: خفايا الخلاف الكردي على رئاسة العراق: نفط كركوك “الجائزة غير المعلنة”؟

عدم الاتفاق سينعكس على المواطنين في الإقليم

السياسي الكردي محمود عثمان يشير إلى أن “عدم الاتفاق على حسم منصب رئاسة الجمهورية العراقية داخل الإقليم سينعكس على وضع المواطنين في كردستان، وهم من سيتحمل الضريبة”.
لافتا، في حديثه لموقع “الحل نت”، إلى أن “المواطن الكردي سيكون ضحية الخلافات السياسية. وبالتالي يجب تقديم التنازلات من قبل الحزبين، والذهاب بمرشح واحد متوافق عليه داخل الإقليم إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية العراقية، وعدم تكرار ما حدث في الدورة الماضية عام 2018”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.