يحاول المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، المضي قدما في مقاربته للحل ” خطوة مقابل خطوة”، للتقريب بين أطراف الصراع في سوريا، ومؤكدا انه حصل على دعم كبير من مجلس الأمن لتطبيقها بين الأطراف في سورية للوصول إلى حل وفق القرار 2254.

إلا أن مقاربة بيدرسن، اصطدمت برفض من الحكومة السورية، التي ترفض تقديم أي تنازلات للتوصل إلى الحل، ومن قبل المعارضة، حيث تعتبر أن دمشق السبب في عدم التوصل لأي حل.

ما وجه القصور في سياسة بيدرسن؟

هناك العديد من الثغرات في سياسة المبعوث بيدرسن، والتي قد تؤدي إلى عدم نجاحه في سياساته بشكل عام، وفي مقاربة “خطوة مقابل خطوة” بشكل خاص.

فلا تزال هذه المقاربة غير واضحة المعالم، في ظل تعنت النظام والمعارضة في رفضها من جهة، وتراجع الاهتمام الدولي بالتوصل لحل للأزمة السورية من جهة أخرى، كما أن بيدرسن، لم يتطرق إلى الدور الذي تلعبه بعض القوى الإقليمية في سوريا، كإيران وروسيا، وهي قوى فاعلة على الأرض.

يقول الباحث السوري، كرم الشعار، في تقريره في موقع “كارنيغي”، ان الدول الغربية خفضت توقعاتها من إسقاط حكومة الرئيس الأسد، إلى تغيير سلوكه في الوقت الحالي، لذلك تركزت المحادثات الأخيرة على مقاربة “خطوة مقابل خطوة”، والتي تهدف إلى تقديم تنازلات صغيرة بشكل تدريجي ومتبادل، بحيث يؤدي إلى علاقة متبادلة المنفعة، تردم الهوة بين الأهداف الغربية في سوريا، وتلك التي تسعى إليها دمشق.

وأضاف الشعار، ان ما تريده معظم الدول هو قبول الأسد بالقرار 2254، الذي يدعو ضمن قائمة تشمل مسائل أخرى، إلى انتخابات نزيهة، ودستور جديد، وحكم ذي مصداقية وشامل وغير طائفي، ومع ذلك يرفض الأسد التراجع عن موقفه، لأن مستوى الضغط الذي يمارس عليه أقل من المستوى المطلوب بكثير، لإجباره على قبول شروط القرار 2254، والذي سيؤدي في النهاية لإبعاده عن السلطة، وربما زجه في السجن.

إقرأ: اللجنة الدستورية “خط منحرف” في العملية السياسية.. ما علاقة بيدرسن وروسيا؟

لماذا قد لا تنجح مقاربة بيدرسن؟

تشهد الأزمة السورية حالة من الاستعصاء السياسي، في ظل رفض الحكومة والمعارضة معظم المبادرات للحل، ومنها مقاربة بيدرسن “خطوة مقابل خطوة”، ولكن المهم في العمل لإنجاح هذه المقاربة هو كيفية التعامل مع الأسد، الذي تعتبر حكومته صاحبة اليد الطولى في تعطيل أي حل سياسي.

ويرى الشعار، ان الأسد ماهر في الخداع السياسي، وهو ليس شخصا يقوم بتنفيذ كل ما يقال له من حلفائه وحسب، فتاريخه حافل بهذا الخداع، منذ إرسال الجهاديين إلى العراق بعد عام 2003، وما مارسه من انتهاكات في سوريا منذ 2011، على الرغم من رفعه لحالة الطوارئ، وإلغاء المادة الثامنة من الدستور، فقد نفذت حكومته آلاف عمليات الاعتقال، ثم استخدام السلاح الكيماوي لعدة مرات.

لذلك، وحسب الشعار، يجب على صانعي السياسة الغربيين، التعامل معه بحذر، وهناك 4 مبادئ يجب تطبيقها لإنجاح مقاربة بيدرسن، الأول: الامتيازات والتنازلات، كأن يتم رفع عقوبات قيصر، مقابل الإفراج عن جميع المعتقلين الأحياء، والوصول لسجون الحكومة، مع إمكانية إعادة فرض العقوبات إذا أعيد اعتقال من تم الإفراج عنهم.

الثاني: لا تنازلات مجانية، أي ان تقديم أي تنازلات من أي جهة للحكومة السورية، دون الحصول على تنازلات مقابلة، يجعل من مقاربة ” خطوة مقابل خطوة” أقرب إلى التطبيع. والثالث: اعتماد نهج أكثر فعالية، من خلال تبني سياسات متسقة ونشطة ومتزامنة بين الشركاء الغربيين، بتغيير أدوات الضغط الحالية، وخاصة العقوبات.

أما الرابع: وضع استراتيجية كبرى في الاعتبار، حيث يتمثل الخطر الأكبر في مقاربة “خطوة مقابل خطوة”، عند التعامل مع الأسد، في استخدامه كأداة للوصول إلى تسوية للصراع تحفظ ماء وجه الدول المعادية له، بل ما يستوجب التذكير به، ان أي تسوية لا تعالج الأسباب الجذرية للصراع، كالاستبداد والوحشية والطائفية، وعدم المساواة والفساد، ستكون وصفة لعدم الاستقرار الدائم.

قد يهمك: بيدرسن وديمستورا.. فشل مستمر وتخريب للعملية السياسية في سوريا؟

إذا يمكن إنجاح واستخدام مقاربة “خطوة مقابل خطوة” فقط لإطلاق العملية السياسية المتعثرة، لكن هذه المقاربة كنهج بمفرده لا يمكن ان تقدم حلا دائما وعادلا، دون تطبيق كامل للقرار 2254، أي رحيل حكومة دمشق، ومواجهتها للعدالة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة