استنكرت الأوساط الصناعية السورية الخيارات “غير العادلة” التي ترفع تكاليف الإنتاج وتهدد بوقف عجلة الصناعة المتعثرة أساس، بعد أن أنفقت الحكومة السورية ملايين الليرات على المعارض الداخلية والخارجية للشركات المحلية.

تخبط السياسة الاقتصادية

حديثا، نقل العديد من الصناعيين في دمشق، وجهة نظر كانت مجرد تحليل في وسائل الإعلام، حيث قالوا إن الوضع الصناعي في سوريا “من سيء إلى أسوأ”. والحكومة تحولت من راع داعم للاقتصاد، إلى جابي ضرائب هدفه سد العجز في الخزينة العامة، بغض النظر عن استمرار الإنتاج.

وحسب تعليق أحد الصناعيين في دمشق لـ”الشرق الأوسط”، أمس الجمعة، فإن القطاع الصناعي مهدد،  بسبب الارتباك في السياسة الاقتصادية وإصدار قرارات غير مدروسة، وفي كثير من الحالات، قرارات غير منطقية، مثل منع أصحاب الدرجة الرابعة من السجل التجاري من الاستيراد والتصدير، حتى يستمر التاجر في الاستفادة من دعم المواد الغذائية بالبطاقة الإلكترونية (الذكية).

وأوضح، أنه في حين أن هذا القرار يفيد التاجر الصغير بمساعدة لا تزيد عن 50 دولارا، إلا أنه يلغي أيضا فرصة تجارية أرباحها مضاعفة هذا المبلغ، في حين أن الحكومة غير مهتمة بتحول التاجر الصغير إلى عامل أو عاطل عن العمل بحاجة إلى المساعدة.

للقراءة أو الاستماع: ارتفاع أسعار المواد الصناعية غير واقعي.. ما هي الأسباب؟

آثار سلبية على الصناعة السورية

يقول أحد تجار  المواد الغذائية، محمد السكري، لـ”الحل نت”، إنه كجزء من الزيادات المتتالية في أسعار الطاقة ومشتقات النفط، رفعت الحكومة سعر الوقود. في حين تختلف مفاهيم المساعدات الحكومية والخسائر من حيث التعريف. 

وأوضح السكري، أنه إذا كان رفع أسعار الوقود يساعد في التخفيف من خسائر الحكومة، إلا أنه يسبب الخسائر  ل”القطاع الصناعي”في سوريا، من خلال سلسلة الزيادات في الأسعار. ومع ذلك، يبدو أن الصناعيين والاقتصاديين، الذين لديهم رؤية محدودة ولا يستطيعون مجابهة الحكومة، وافقوا على هذا الترتيب.

أكد السكري، أن ارتفاع أسعار المحروقات سيضع الصناعيين في فجوات كثيرة. وتشمل هذه العوامل ضعف تنافسية المنتجات السورية في الأسواق الخارجية والآثار الضارة على المستهلكين السوريين. مشيرا إلى أن عدم المشاركة في صنع القرار مع القطاع الصناعي مشكلة في حد ذاتها. وهذا النهج الإقصائي سيضر بالصناعيين الذين يبرمون العقود الأجنبية، وحتى أولئك الذين يعملون محليا.

للقراءة أو الاستماع: ارتفاع نسبة البطالة في سوريا ومؤسسات الدولة مهددة بالإفلاس

فشل النظام الاقتصادي السوري

ومن جهته، أوضح الخبير الاقتصادي، ماجد الحمصي، لـ”الحل نت”، أن النظام السوري الاقتصادي الحديث تشكل فعليا في عام 1963 بعد انقلاب عسكري على القواعد المدنية أطلق عليه “عصر الانفصال”. والخطر الذي يشكله الآن على البلاد ينبع من حقيقة أنه دمر الاقتصاد السوري وكل ما يتعلق بالتجارة والخدمات والزراعة وموقع سوريا في المنطقة. 

ويضيف الحمصي، و”الأهم من ذلك كله أنها دمرت مؤسسات الدولة السورية، وخاصة القضاء الذي تسيطر عليه الآن دوائر حاكمة عليا. ولعدم وجود قضاء، لا أحد يريد الاستثمار في سوريا”.

ونتيجة لذلك، يذكر الحمصي، أنه اختفت الطبقات الوسطى والعليا التي كانت الدعامة الأساسية للمجتمع السوري ونسيجه الاجتماعي. إذ كان لهذه الفئات القدرة على إنتاج وبناء نظام مرتبط بالسوق العالمية. 

وبين الحمصي، أن سوريا لديها إمكانات في كل مجال. من الصناعة إلى البنوك والشركات القادرة على القيام بمشاريع كبيرة. إلا أن ذلك اختفى مع بدء هجرة النخبة السورية المستمرة حتى يومنا هذا، ومعظمها إلى لبنان ودول الخليج. فالدول التي استقبلت النخب السورية استفادت كثيرا من هذه المواهب في مجالات عديدة منها الصناعة والتجارة والبناء والبنوك.

وكان صناعيو سوريا، تفاجئوا بوصول رسائل الاثنين الفائت، تفيد برفع سعر مادة الفيول إلى مليون و25 ألف ليرة للطن الواحد، وذلك للقطاعين العام والخاص. وذلك قبيل وصول 1.5 مليون برميل من النفط الخام إلى سوريا قادمة من إيران.

اعتبر صناعيون، أنه في ظل هذه الظروف، تعتبر الزيادة في تكاليف نواقل الطاقة غير منطقية. وإذا كانت الحكومة تحاول تعويض الخسائر الناجمة عن هذه الزيادات، فإن الأمر بات أكثر عبثية. ولا يهدف إلى خفض تكاليف الإنتاج على الصناعيين حتى يتمكنوا من الاستمرار في المنافسة والتصدير.

وتواجه سوريا اليوم أزمة اقتصادية غير مسبوقة، كنتيجة مباشرة لسنوات عديدة من الابتزاز الذي حل محل التحرير الاقتصادي. فحل حكم الدولة التي تسيطر عليه الأجهزة الأمنية محل سيادة العدل والقانون. كما أن السلطات الحاكمة العليا التي تسيطر على الاقتصاد السوري هذه الأيام لا تعرف كيف تخرج من المأزق.

للقراءة أو الاستماع: شراء الخضار بـ“الحَبّة” في سوريا.. ارتفاع الأسعار بسبب المطر والكهرباء والمواصلات!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.