بعد أن أكد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، الأربعاء الفائت، إمكانية عقد جولة جديدة من محادثات اللجنة الدستورية السورية في شهر آذار/ مارس المقبل. طالب نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، على ضرورة مشاركة ممثلي الأكراد في عملية الإصلاح الدستوري بسوريا.

هذه التصريحات، التي بينت فيها روسيا على أنها تدعم مشاركة ممثلي الأكراد في العملية السياسية، وأنه سيحول دون أي اتهامات بالانفصال، لا توضح حقيقة المطلب الروسي وما مدى جديته. وإذا ما كان يندرج تحت إطار إضاعة الوقت الذي تتمتع به موسكو.

مراوغة روسية

أوضح المحلل في الشأن الروسي، ديمتري بريجع، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن روسيا لا تضيع الوقت بل تكسب الجميع من  دون تقديم أي تنازلات، لأنه في مفاهيم الروس السياسية واللغوية لو بحثت لن يكون هناك مرادف أو ترجمة لكلمة تنازلات.

https://twitter.com/RTArNewsRoom/status/1494559504733818881?s=20&t=_5i-ARj5RfoZHe0aMihh4A

وبيّن بريجع، أن تصريحات بوغدانوف هي لمصلحة الحكومة السورية، والذهاب بالأمر بأكراد سورية إلى حالة إقليم كردستان العراق، حيث أنه من الأقاليم المستقلة، ولكنه يخضع للسلطة المركزية ببغداد. كما كذلك الحالة بروسيا حيث أقاليم القوقاز “الشيشان، داغستان، شراكس”، وهي مستقلة ولها برلمان ورئيس ولكنها تحت سيطرة “الكرملين”.

ويعتقد المحلل الروسي، أن أي كلام يطرحه نائب وزير الخارجية الروسي “ليس بأمر جدّي أبدا”، بل إنه وبحسب بريجع، يرسل رسائل لحكومة دمشق ليستطيعوا الضغط عليها والسيطرة الكاملة على القرار، وليظهروا أنهم مسيطرين أيضا على قرار الأكراد بعدما استطاعوا كسب الطائفة الدرزية في جنوب سوريا.

وفي السياق ذاته، يعتقد المحلل السياسي، بسام القوتلي، أن روسيا لا تدعم العملية الدستورية إلا شكليا. ووجود أي أفراد أو مجموعات فيها، لا يضيف ولا ينقص في هذه العملية الفاشلة أصلا. حسب تعبيره.

ويشير القوتلي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن الحديث الروسي عن مشاركة الأكراد في هذه العملية، هو مجرد محاولة لخلط الأوراق من جديد، والاستمرار في التأجيل. مضيفا، “وهذا لا يعني طبعا أنه ليس من حق الجميع المشاركة. وإنما أن هذه المشاركات تستغل من أجل المزيد من التأجيل. وبالنهاية عدم رغبة الروس بالتوصل إلى دستور يكون مقدمة لعملية انتقالية”.

للقراءة أو الاستماع: قاعدة “حميميم“.. أداة روسية لخلق التوتر الدولي؟

ترحيب بالمبادرة الجديدة

أشادت “الإدارة الذاتية” بكلمات نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، التي حث فيها الأكراد على الانضمام إلى اللجنة الدستورية السورية، كما اعتبرت أنها “تعكس حقيقة الحاجة السورية في هذه المرحلة”.

وصرحت الإدارة على صفحتها الرسيمة، أن “تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي، حول موضوع اللجنة الدستورية في سوريا، وتطرقه إلى ضرورة مشاركة مناطق الإدارة الذاتية فيها، تعبر عن حقيقة الحاجة السورية لها في هذه المرحلة كما كانت في المراحل السابقة”.

وأضافت في بيانها الذي اطلع عليه “الحل نت”، أن “هذه التصريحات تتماشى مع رؤية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا حول ضرورة رؤية الواقع السوري كما هو. مع ضرورة مشاركة جميع السوريين بكافة مكوناتهم في الحل السوري وعملية الحوار. والمشاركة في لجنة صياغة دستور يعبر عن احتياجات السوريين ويضمن لهم مستقبلا عادلا ومتكافئا”.

وفي بيانها، اعتبرت “الإدارة”، أن روسيا تلعب دورا مهما في هذا السياق. مشيدة بما وصفته بـ “ضمان كل الجهود السورية التي تؤدي إلى الاستقرار. وكذلك أي جهود إضافية لأي شخص يريد المساعدة في هذا المجال.

وكان بوغدانوف، قد أضاف في تصريحاته، اليوم السبت، “ندعم أن يجد السوريون، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية أو العرقية، حلولا وسطى في علاقاتهم، استنادا إلى مبادئ الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية”.

للقراءة أو الاستماع: بيدرسن يزور دمشق وموسكو لهذه الأسباب

بيدرسن إلى موسكو

وبعد زيارته لدمشق، وانطلاقه الأسبوع المقبل إلى موسكو، حمل المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن في جعبته ملفين أساسيين ضمن نشاطه المتعلق بتحريك العملية السياسية في سوريا. الملف الأول يتمثل بإعادة تسويق سياسته المسماة “خطوة مقابل خطوة”. والملف الثاني يتعلق بتحديد موعد مؤكد للجولة السابعة من اللجنة الدستورية السورية.

زيارة بيدرسن بحسب ما أفادت مصادر خاصة لـ”الحل نت” استمرت لمدة يومين، التقى خلالها الأخير كل من وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، والرئيس المشترك للجنة الدستورية، أحمد الكزبري. كما من المقرر بعدها أن يذهب إلى موسكو، من أجل إعادة تسويق سياسته “خطوة مقابل خطوة”.

وتأتي زيارة بيدرسن إلى دمشق، بعدما أجرى آخر زيارة له، في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي. وحينها تطرق إلى سياسته الخاصة في سوريا.

والجدير ذكره، أنه بعد ما يزيد عن عشر سنوات من الحرب والصراع في سوريا تحولت البلاد لأزمة مزمنة. تتشابك فيها الكثير من الخيوط الدولية والإقليمية، وتحولت فيها سوريا إلى ساحة لتصفية العديد من الحسابات.

وتزامن ذلك، مع وجود تعنت كبير وخوف لدى دمشق وحلفائها بخاصة الإيرانيين للتوصل إلى حل وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254، والذي يمكن أن يسبب تغيير النظام الحالي أو حتى تحجيمه، لتبقى كل المبادرات الأممية حتى الآن بمثابة أمنيات وتطلعات سياسية، لم ينتج عنها أي حل لأزمة يدفع السوريون فقط ثمن استمرارها.

قد يهمك: بيدرسن وديمستورا.. فشل مستمر وتخريب للعملية السياسية في سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.