بين الحين والآخر وعند كل تطور أمني وعسكري فيما يتصل بدمشق وتل أبيب، يعاد الحديث حول إمكانية تحرك تل أبيب تجاه دمشق في خطوة قد تعزل دمشق عن المحور الإيراني الآخذ بالتراجع الاقتصادي والسياسي إثر الضغوط التي ينالها مؤخرا.

ما سبق يتصل بشكل مباشر فيما تسبب به “حزب الله” اللبناني وأمينه العام، حسن نصر الله، بموجة عالية من التوترات خلال الأسبوع الفائت، إثر تحليق مقاتلة مُسيّرة لمدة أربعين دقيقة في العمق الإسرائيلي.

محددات التطبيع مع دمشق

 مصادر دبلوماسية لـ”الحل نت”، قالت إن أي حراك نحو دمشق، لا بد أن يحمل معه تطبيع أمني مع الرئيس السوري، بشار الأسد، لا سيما في ظل تصاعد الأحداث في جنوب لبنان، والرغبة المتزايدة لإسرائيل في تحجيم نفوذ إيران التي تلعب دورا سلبيا كبيرا في الملف السوري وطريق الحل فيه.

وبينت المصادر، أن البيت السياسي في إسرائيل، يرى أن من شأن تطبيع العلاقات مع دمشق أن يقلل من نفوذ إيران على سوريا. إذ تتخذ إيران نفس الطريقة التي سمحت بها حرب العراق عام 2003 لإيران بزيادة نفوذها في بغداد وخارجها، فإن الحرب السورية أضعفت الدولة السورية ودفعتها للاعتماد على إيران للحصول على الدعم المالي والعسكري.

سعت إيران خلال الفترة الماضية لإيجاد مساحة حرية نسبية في نقل القوات والأسلحة في كل من العراق وسوريا ولبنان. في الوقت الذي تعمل فيه المليشيات الإيرانية بنشاط على الأراضي السورية، وغالبا ما يتم قصفها من قبل الإسرائيليين بسبب قلقهم من تنامي النفوذ الإيراني.

ويعتقد السياسيين في تل أبيب وفقا للمصادر الدبلوماسية، أنه قد يؤدي العمل مع دمشق إلى تخفيف قبضة روسيا أيضا على سوريا. لأن الدول الغربية والولايات المتحدة بشكل رئيسي ليس لديها علاقات مع دمشق، لذلك فإن راعية سوريا هي روسيا بشكل افتراضي.

وبالتالي، فإن السوريون ليس لديهم خيار سوى اتباع إرادة موسكو. والهدف قد لن يكون إخراج روسيا من سوريا في المقام الأول، حيث سيواصل الأسد الاعتماد على الأسلحة الروسية لإعادة بناء جيشه.

للقراءة أو الاستماع: في ذكرى اغتيال رفيق الحريري.. ما دور إيران في ذلك الوقت؟

لا خروج عن العباءة الإيرانية

 المحلل العسكري والاستراتيجي، العقيد مصطفى فرحات، استبعد أن تكلل جهود إسرائيل وسوريا بالتطبيع. واصفا إياه بأنه بعيد كل البعد عن الحقيقة بسبب المحيط الإيراني الذي يطوق دمشق جيوسياسيا ومحليا. حيث قال، “النظام مكبل بالتواجد الإيراني حتى في الدائرة الضيقة لديه”.

وأضاف فرحات، أنه إذا ما أراد الرئيس السوري، بشار الأسد، الخروج عن إيران، فــ “اغتياله أو تصفيته إن لم تكن بأيادي إيرانية، فستكون من موالي إيران داخل مؤسسات الحكومة العسكري والأمنية”. ما يعني أنه منصهر كليا مع الجانب الإيراني، وفق تقديره.

إلا أن هذا الخيار يمكن أن يحدث وفق تصور المحلل العسكري، ولكن بشروط، أهمها تدخل دولي قوي أو مساعدة دولية. أو تكثيف للتواجد العسكري الروسي، وهذا الموضوع طبقا لحديث فرحات غير موجود حتى الآن على الساحة السورية.

وباعتبار أن “حزب الله” أداة إيران في دول الشرق الأوسط الأسيوية، فيرى فرحات، أنه لا يمكن لدمشق أن تدخل في عداء حقيقي مع إيران أو مع حزب الله؛ لسبب بسيط هو أن دمشق تعتمد كليا على هذه المليشيات لتثبيت تموضعها في ظل انهيار الجيش السوري بعد 10 سنوات من الحرب.

للقراءة أو الاستماع: ما تأثير الأزمة الأوكرانية على الغارات الإسرائيلية على سوريا؟

إيران تحرك أذرعها

ولم يخف فرحات توقّعه، بأن التصعيد الأخير على إسرائيل من قبل “حزب الله”، أن يكون بأوامر من طهران. إذ لم يخف أمين عام الحزب، حسن نصر الله، في المناسبات الأخيرة التي ظهر فيها، ارتباطه وتبعيته لإيران.

وشرح المحلل العسكري، أن العداء بين “حزب الله” وإسرائيل اليوم، وبشكل خاص بعد ترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية انتهى على صعيد المواجهات العسكرية. وكل ما يحصل اليوم هو لا يتعدى عن كونه تصريحات. وكذلك لا يتعدى خروقات مضبوطة الإيقاع تحت سياسة بند صناعة الأعداء، بحسب وصفه.

ويعتقد المحلل العسكري، أن التصعيد الأخير هو عبارة عن “تذكير بأن هناك محور مقاومة وممانعة. كما أن هناك إيران لديها أدوات، ويمكن أن تخلط الأوراق والاتجاهات في سوريا وفي لبنان، وتضغط باتجاه موضوع التفاوض بخصوص الملف النووي الحاصل في فيينا”.

للقراءة أو الاستماع: هل يتبع الأسد الأسلوب “الكوري الشمالي” الفاشل لانتشال البلاد؟

40 دقيقة في الأجواء الإسرائيلية

وكان “حزب الله”، قد أطلق الجمعة الفائت، رحلة استطلاعية بطائرة مسيرة تحمل اسم “حسان” داخل الأراضي التي تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، حيث امتدت مهمتها لمسافة 70 كيلومترا، قبل أن تعود إلى لبنان.

وبحسب بيان للحزب، “قامت الطائرة المسيرة بجولة في منطقة الهدف لمدة 40 دقيقة. كما أن هذه ليست أول طائرة استطلاع يرسلها الحزب نحو الأراضي الفلسطينية ولن تكون الأخيرة”.

وفي السياق ذاته، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن “الطائرة عبرت الأجواء الإسرائيلية وأن أجهزة الاستطلاع كانت تتعقب مسارها”. مضيفا أنه “تم استدعاء طائرات مروحية وطائرات حربية، وأطلقت صواريخ اعتراضية من القبة الحديدية، لكنها لم تنج في إسقاط الطائرة التي عادت إلى لبنان”.

وكان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، تحدث الأربعاء الفائت، مخاطبا تل أبيب بالقول، إن “المقاومة اللبنانية بدأت في تصنيع طائرات بدون طيار داخل البلاد ، ولديها التكنولوجيا لتحويل آلاف الصواريخ التي بحوزتها إلى ذخائر دقيقة التوجيه”.

للقراءة أو الاستماع: ما مصلحة روسيا من الغارات الإسرائيلية على سوريا؟

من هو حسان اللقيس؟

أطلق الحزب على أحدث طائراته المسيّرة اسم “حسان”، وهي على اسم القيادي في الحزب، حسان اللقيس، الذي قتل في عام 2013.

وبحسب مواقع مقربة من “حزب الله”، فإن اللقيس عمل طويلا على تطوير سلاح الإشارة لدى الحزب. وكان مرجعا في تكنولوجيا الأسلحة، وحلم دوما بسلاح الطيران، حتى وصفه الأمين العام لحزب الله بـ”المجاهد والمضحي والعامل المُجد والدؤوب… والمبدع، وأحد العقول المميّزة واللامعة في هذه المقاومة”.

ووفق ذات المواقع، فإن اللقيس كان الخبير اللوجستي ورئيس قسم المشتريات للحزب. وكان مقربا من نصر الله، وتظهر الصور المنشورة مدى حميمية العلاقة بين حسان اللقيس وحسن نصر الله.

للقراءة أو الاستماع: المجتمع الإيراني في حالة انفجار ضد خامنئي .. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.