“يونامي” غاضبة.. الفساد مستمر بالعراق والوقت الثمين يمضي!

“يونامي” غاضبة.. الفساد مستمر بالعراق والوقت الثمين يمضي!

جمود سياسي يعيشه العراق بعد مرور 4 أشهر ونصف على الانتخابات المبكرة، وبدل استغلال الوقت الثمين، ينقسم ساسة البلاد حول كيفية تقاسم كعكة التعيينات في الحكومة المقبلة.

قدّمت جينين بلاسخارت، ممثلة بعثة “الأمم المتحدة” لدى العراق “يونامي”، اليوم الخميس، إحاطة أمام “مجلس الأمن” الدولي، تخص التطورات السياسية في بغداد.

وقالت بلاسخارت في إحاطتها المطولة، إن العراق يعيش حالة جمود سياسي مستمرة، ومع تواصل ذلك الجمود، يمضي الوقت على العراقيين. إنه “الوقت الثمين” الذي يمضي، بحسب تعبيرها.

وأردفت المبعوثة الأممية إلى العراق، أن “وراء الجدل الرئيسي حول حكومة أغلبية مقابل حكومة توافقية، يزداد تساؤل الكثير من العراقيين، إذا ما كانت المصلحة الوطنية هي بالفعل الشغل الشاغل للمفاوضات الجارية، بدلا من الحصول على الموارد والسلطة أو كيفية تقاسم كعكة التعيينات السياسية والوزارات هذه المرة؟”.

فساد مستمر

وأكدت بلاسخارت، على ضرورة أن “تكون الأولوية هي الاتفاق بصورة عاجلة على برنامج عمل يعالج فورا وبشكل هادف، قائمة العراق الطويلة من المسائل الداخلية المعلقة”.

وبينت مبعوثة “يونامي”، أن ما يشهده العراق هو عرقلة التغيير والإصلاحات التي تحتاجها البلاد بشدة، “بدل الحوارات الحيوية حول توجهات السياسات ومسارات التنمية وخطط الإصلاح الاقتصادي”.

وأشارت جينين بلاسخارت في إحاطتها، إلى استمرار الفساد، في وقت يمتلك العراق إمكانات هائلة “يمكنها جعل مستقبله مشرقا”، على حد تعبيرها.

وذكّرت بلاسخارت ببلوغ “صبر العراقيين أقصاه” وخرج الكثير والكثير منهم إلى الشوارع في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، احتجاجا على “انعدام الفرص الاجتماعية والاقتصادية والسياسية”، في إشارة منها إلى “انتفاضة تشرين”.

وخرجت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، تظاهرات اجتاحت الوسط والجنوب العراقي وبغداد، عُرفَت بـ “انتفاضة تشرين” ضد الفساد والبطالة ونقص الخدمات والتدخل الإيراني بشؤون البلاد.

“جهود تفوق قدرات البشر”

لكن الميليشيات و”قوات الشغب”، قتلت وخطفت وعذّبت وأخفَت المئات من الناشطين والمتظاهرين بالسلاح الكاتم وبالقناص وبالقنابل الدخانية.

للقراءة أو الاستماع: تدخل إيراني بمفاوضات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة

وقتل منذ “انتفاضة تشرين”، زهاء 750 متظاهرا وأصيب نحو 25 ألفا، بينهم 5 آلاف محتج بإعاقة دائمة، وفق الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية.

وتابعت ممثلة بعثة “الأمم المتحدة” لدى العراق، أن “أقل ما يتوقعه العراقيون الآن، هو شعور ممثليهم المنتخبين بهذه الضرورة الملحة. ضرورة الإصلاح”.

وواصلت أن أحد المسؤولين العراقييين قال لها قبل مدة: “حتى لو بدأنا تنفيذ الإصلاحات الأكثر إلحاحا (…) فسيتطلب الأمر جهودا تفوق قدرات البشر لمعالجة التحديات المالية والاقتصادية والبيئية والسياسية بشكل كاف اليوم”.

وشدّدت بلاسخارت، على “أهمية الإحساس بالضرورة الملّحة. من الضروري أن يتغلب القادة السياسيون على الانقسامات وأن يضعوا التحزّب جانبا ويدفنوا الثارات الشخصية”.

صراعان

ويمر العراق حاليا بصراعين، أولهما يتعلق بالصراع على منصب رئاسة الجمهورية، والثاني يخص شكل الحكومة العراقية المقبلة، والانقسام بين أن تكون أغلبية أو توافقية.

للقراءة أو الاستماع: خفايا الخلاف الكردي على رئاسة العراق: نفط كركوك “الجائزة غير المعلنة”؟

فيما يخص منصب رئاسة الجمهورية، فإن الصراع عليه محتدم بين حزبي “الديمقراطي” و”الاتحاد الوطني” الكرديين، إثر عدم اتفاقها على ترشيح شخصية توافقية واحدة للمنصب.

وبحسب العرف السياسي في عراق ما بعد 2003، فإن منصب رئاسة الجمهورية من حصة الكرد حصرا، وذلك في تقسيم طائفي، يعطي رئاسة البرلمان للسنة، ويمنح رئاسة الحكومة للشيعة.

ومنذ 2006 وحتى اليوم، فإن كل من أسندت لهم رئاسة الجمهورية هم من المنتمين لحزب “الاتحاد الوطني” الذي أسسه الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، ويسعى “الديمقراطي” لتغيير القاعدة هذه المرة، خاصة بعد فوزه في الانتخابات المبكرة وخسارة “الوطني” فيها.

وأما بشأن الحكومة المقبلة، فإن مقتدى الصدر الفائز أولا في الانتخابات المبكرة، شكل تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” بزعامة بارزاني ومع حزب “تقدم” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في محاولة منه لتشكيل حكومة “أغلبية” لا “توافقية”.

مسعى الصدر

ويسعى الصدر إلى تشكيل حكومة الأغلبية من دون قوى “الإطار التنسيقي” الخاسرة بالانتخابات والموالية لإيران أو معها من دون رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وعزل الأخير سياسيا، ودفعه نحو المعارضة السياسية للحكومة المقبلة من داخل البرلمان العراقي.

للقراءة أو الاستماع: ما دوافع الصدر لعزل المالكي سياسيا؟

وينحدر الصدر والمالكي من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية.

بينما يمثل المالكي، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

ومنذ 2011، توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الأول حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.