منذ فترة يتساءل الناس فيما بينهم عن سبب ارتفاع الأسعار بهذه النسبة المرتفعة مؤخرا، خاصة وأن الإعلام المحلي بشكل عام في سوريا وخصوصا الإعلام المتواجد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية ينشرون تقارير يومية عن ارتفاع أسعار السلع في الأسواق وفوضى الأسعار بشكل عام في المحلات. بينما تتهرب الحكومة السورية من مسؤوليتها تجاه هذا الارتفاع وعدم قدرتها على ضبط الأسعار.

تهرب الحكومة من المسؤولية

قال مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تمام العقدة لصحيفة “تشرين” المحلية، إن “القرار الأخير الذي أصدرته الحكومة برفع الدعم عن مجموعات كبيرة من العائلات في سوريا ليس له علاقة برفع الأسعار على هذا النحو السريع حاليا”، وألقى اللوم على التجار، حيث قال “سبب هذا الارتفاع هو محاولات لبعض ضعاف النفوس وبعض التجار استغلال قرار رفع الدعم، أما بالنسبة لارتفاع أسعار بعض الخضروات، فسببه الظروف المناخية في فصل الشتاء من كل سنة.

مع العلم أن هذه الظروف المناخية تحدث في كل عام مثل “الصقيع وموجات البرد والعواصف المطرية” التي تسبب خسائر في منتجات الخضار والفاكهة، ولكن ليس مثل هذا العام، الذي تزامن مع ارتفاع الأسعار بشكل كبير مع صدور قرار رفع الدعم.

بدوره، قال المحلل الاقتصادي فاخر قربي لصحيفة “تشرين” المحلية نفسها: إن ارتفاع الأسعار الأخير نتج عن قرار إلغاء الدعم لبعض المواد، وهذا الأخير يعني سحبها من السوق بشكل افتراضي، وبالتالي فقدانها من العرض وزيادة الطلب عليها وزيادة سعرها، إضافة إلى تفاوت في أسعار المواد البترولية (الحروقات) والخبز.

وأضاف المحلل الاقتصادي، هذا الأمر أفسح المجال أمام تجار السوق السوداء، وكل ذلك في ظل الغياب غير المبرر للرقابة التموينية، وهو ما ردّت عليه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، “مع انتشار الدوريات التموينية في جميع الأسواق لوضع حد لضعاف النفوس من التجار وأصحاب المحال التجارية”.

قد يهمك: ارتفاع أسعار القمح عالميا.. ماذا عن رغيف الخبز بسوريا؟

عدد الضبوط التموينية أقل!

وبالعودة إلى سجل الضبوط الذي حصلت صحيفة “تشرين” السورية، على نسخة منه من مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمد إبراهيم، بلغ عدد المخالفات المضبوطة بعد قرار رفع الدعم خلال شباط/فبراير الفائت وحتى تاريخه 459 ضبطا، من بينها 9 ضبوط فقط للبيع بسعر زائد، وما تبقى يتراوح بين ما تطلق عليه الوزارة اسم المخالفات الجسيمة وغير الجسيمة، فهل ذلك العدد كاف قياسا بواقع تجاوزات الأسعار التي تشهدها أسواق دمشق؟، وفق تساؤل المراقبين.

أما إذا أردنا المقارنة بين عدد الضبوط المسجلة لدى المديرية قبل قرار رفع الدعم، أي خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2021، والذي بلغ 613 ضبطا, من بينها 24 ضبطا للبيع بسعر زائد، و بين عدد الضبوط بعد قرار توجيه الدعم الذي أوردناه سابقا, ندرك أن عدد الضبوط تراجع، فما مؤشرات هذا التراجع في ظل قفزة الأسعار الأخيرة التي أنهكت المواطن، وفق تقارير إعلامية.


هذه المقارنة السريعة تطرح تساؤلات كثيرة في أذهان المواطنين والمراقبين، إذ تشير تصريحات الحكومة إلى أن الدوريات التموينية تقوم بواجباتها ومع ارتفاع معدلات الأسعار يجب أن تكون أعداد الضبوط المخالفة أكبر خلال هذه الفترة على الأقل.

صحيح أن عدد الضوابط ليس معيارا يمكن الاعتماد عليه للحد من ارتفاع الأسعار واستغلال التجار، ولكن في ظل تفشي الفساد في المؤسسات الحكومية والارتفاع غير المسبوق في الأسعار وقرارات الحكومة الرنانة فقد يؤدي بالبلاد إلى كارثة اقتصادية أكبر مما هي عليه أساسا.

عجز في موازنة الدولة!

في حين يرى المحلل الاقتصادي في حديثه للصحيفة المحلية، أن توجيه الوفر الناتج عن قرار توجيه الدعم وتحويله إلى تقليل العجز في الموازنة العامة للدولة غير مقبول، متسائلا: “من أين يأتي العجز في الموازنة ولم نصل للربع الثاني من العام الحالي؟ “.

وعن تحويل الدعم الحكومي لصالح قطاعي الصحة والتعليم، فيقول المحلل الاقتصادي، “هذا غير مقبول لأن تلك القطاعات تتميز بكتلة نقدية لا يستهان بها من الميزانية العامة للدولة، وحتى الرواتب والأجور لن تستفيد من قرار إعادة هيكلة ولاسيما أن الضرائب على شرائح الرواتب تنهشها بفئات معينة” على حد تعبيره.

ويقترح المحلل الاقتصادي، أن “الحل يكمن في عودة الدعم لجميع القطاعات والفئات ومراقبة الأسعار في الأسواق واعتماد الاقتصاد المنتج بدلا عن المستهلك وتقديم تسهيلات للقروض وخاصة الحرفية والإنتاجية وبهذه الطريقة يتم إنعاش الوضع الاقتصادي للمواطن بشكل عام، كما يجب تشكيل خلية اقتصادية تبحث في أسباب ارتفاع الأسعار وتراقب السياسة المالية و المصرفية، وتفسح المجال أمام القطاع الإنتاجي والاستثمار، بالتزامن مع مراقبة دعم المزارعين وما نتج عنه، وإعطاء الخبز الأولوية القصوى بعيدا عن سياسة الدعم واعتباره غير قابل للتداول في القرارات الحكومية”. وفق رأيه في تصريح لصحيفة “تشرين” السورية.

وشهدت الأسواق السورية خلال هذا الأسبوع، ارتفاعا حادا في الأسعار، نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، ونتائج هذه الحرب بدأت تظهر تدريجيا على الاقتصاد السوري، رغم ادعاء الحكومة بأنها تخطط لتجنب هذه التداعيات، فضلا عن تضارب تصريحات الجهات الحكومية حول الأمر، وتبرير ذلك باستغلال التجار للأزمة الأوكرانية.

قد يهمك: ارتفاع غير مسبوق للذهب والنفط بسبب أوكرانيا.. ما تأثيره على سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.