في العراق، لعل المرأة السياسية من ضمن أكثر النماذج جدلا، من بين ما أنتجه النظام السياسي ما بعد 2003، والتي تكاد تكون ظروف معيشتها أفضل من كل امرأة أخرى في البلاد، بظل ما يوفره لها عملها من امتيازات ومردود مادية عالي، وغيرها من متطلبات الحياة.

ورغم ذلك، تعكس المرأة دورا ضعيفا في المشهد السياسي العراقي، مقارنة بأهميتها في تقرير مصير البلاد، ونشاطاتها التي تكاد تكون غائبة، وتنحصر في دورها المحدد من قبل الكتل السياسية التي تنخرط فيها، وفقا لمراقبين.

ومن بين تلك النساء العاملات في مجال السياسية، هناك من دخلن مجلس النواب بصفة أعضاء وخرجن من دون أن يسمع صوتهن، أو يعرفهن أحد، وذلك لسبب عدم فاعليتهن في المشهد، وأخريات يظهرن قبيل الانتخابات فقط، كما تقول الناشطة السياسية شهد العزاوي.

قد يهمك/ي: في يومها العالمي: المرأة العراقية تناضل ولا تحتفل

زيادة غلة!

وتضيف في حديث لموقع “الحل نت” أنه “على الرغم من أن المرأة العراقية حققت على مدار 4 دورات نيابية سابقة، ما لا يقل عن نسبة 25 بالمئة أي ما يعادل 83 مقعدا في كل دورة من أصل 329 مقعدا، إلا أن دورها اقتصر على أن تكون مقعدا إضافيا في استحقاقات الكتل السياسية، إذ لم تكلف بمنصب حساس أو تبرز كقيادية حقيقية على الساحة السياسية”.

وعن أسباب غياب الدور المحوري للمرأة في السياسة، أشارت العزاوي إلى أن “اللوم لا يقع كله على المرأة، على اعتبار أنها جزءا من المشهد العام، وبما أن المشهد السياسي برمته متداعي، ويخضع لمعاير فاشلة، فأن ذلك يحتم عليها أن تظهر بهذه الصورة”، لافتة إلى أن “المخجل في الأمر أن ترضى المرأة على نفسها أن تكون بهذا الموضوع”.

ومع تحقيق النساء تقدما كبيرا في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي اجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بنسبة تمثيل هي الأعلى منذ العام 2005، إذ حققن النساء المرشحات في عموم العراق 97 مقعدا، أي ما يقارب ثلث البرلمان، ظل السؤال عن دورهن قائما، لاسيما مع احتدام التدافع حول آلية تشكيل الحكومة المقبلة، والتنافس على منصب رئاسة الجمهورية، وغيابهن بشكل تام عن المشهد.

وفي هذا الشأن، تحدث موقع “الحل نت” إلى عضو مجلس النواب السابقة، هوازن الشمري، وقالت إن بعد 2003″رغم ظهورها المرأة في الواجهات السياسية مثل البرلمان ومجالس المحافظات، فإن تغييرا جوهريا في الحصول على حقوقها لم يحصل”، مشيرة إلى أنها “تظهر في مواقع مختلفة ضمن نظام المحاصصة، وتعمل تحت لافتة الأحزاب المشاركة في السلطة”.

وكل هذا بسبب “القوانين والتشريعات العراقية الخاصة بالمرأة، فالمسؤولين التنفيذين في الدولة لم ينصفوا المرأة، وعملوا جاهدين على إبعادها عن المناصب العليا، التي يمكن من خلالها تحقيق قدر أكبر من الإنصاف لها”، وفقا للشمري.

قد يهمك/ي:المرأة العراقية والرئاسات الثلاث: “المحاصصة” تمنع الحلم؟

الأوضاع تزداد سوءا

كما أشارت إلى أن “بعد عام 2003 وما جرى عقبه من كتابة الدستور الجديد، ومحاولة تفعيل دور المرأة في المجتمع، لاحضنا أن المرأة العراقية تعاني الكثير وأن أوضاعها تزداد سوءا”.

وبينما تحتفل نساء العالم بيوم المرأة الذي يوافق 8-مارس لتحقيق أهدافها، تجد المرأة العراقية نفسها مجردة من الكثير من حقوقها التي منحها لها الدستور والقانون العراقي والشرائع الدولية، بحسب الشمري.

“وخلال العقد المنصرم دهمت حياة المرأة الكثير من الأخطار وواجهت صعوبات كثيرة في الحياة اليومية، فهناك ملايين الأرامل نتيجة العنف المتواصل والقتل والاختطاف للرجال وللنساء أيضا، إضافة إلى ملايين الأيتام”.

الشمري استطردت، أن “الكثير من الفتيات قد حرمن من التعليم، وأصبحت العراقية لاجئة أو نازحة داخل حدود البلاد”، مشيرة إلى “تعرض المرأة العراقية للاعتقال والتعذيب من خلال انتهاكات قوات الاحتلال الأميركية، وبحسب منظمات حقوقية عراقية ودولية تعرضت للاعتقال والتعذيب والاعتداء من قبل الأمن العراقي أثناء وجود القوات الأميركية، وبعد انسحابها أواخر العام 2011”.

وطالبت بأن “لا يكون الاحتفال بيوم المرأة مجرد يوم تلقى فيه الكلمات، أو تقدم فيه الهدايا وباقات الزهور، وإنما هو احتفال لصون الحقوق والكرامة حسب قوانين السماء والأرض”.

وبالعودة إلى الناشطة السياسية شهد العزاوي، قالت إن “دور المرأة في السياسة بات تحصيل حاصل، لاسيما مع ما يمنحها إياه الترشح لمجلس النواب عبر قانون الكوتا، الذي بات يستخدم من قبل الأحزاب كرهان في الدوائر الانتخابية، خصوصا إذا ما شعروا بقلة حظوظ مرشحهم عن الرجال”.

ولفتت إلى أن “الأحزاب تلجأ لترشيح أي امرأة تخدم مصالحهم، وتكسبهم مقعدا، لاسيما وأن نظام الكوتا يمنح أريحة للنساء بالتنافس، خصوصا في حال كانت الدائرة تفتقد لمنافسة قوية بين النساء، فيمكن أن تكون مرشحة واحدة صاحبة الحظ الأوفر بالفوز، على العكس من الرجال الذين دائما ما تكون بينهم منافسة حادة في كل الدوائر، لذلك تفقد المرأة قيمتها الحقيقية في السياسة”.

قد يهمك/ي: جرائم الشرف في العراق: مجزرة ضد النساء بتواطؤ من الحكومة والأحزاب المتنفّذة؟ 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة