مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا أسبوعها الثالث، وافق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الجمعة على جلب مقاتلين متطوعين من الشرق الأوسط، ولا سيما سوريا. إذ من الواضح أن لدى سوريا مجموعة غنية من المقاتلين يمكن للجيش الروسي الاستفادة منها.

تأثير هذا القرار، على ادعاءات روسيا مكافحتها الإرهاب في سوريا، سيؤدي إلى خسارة نفوذها بعد أن تجذّر الجيش الروسي بعمق في دول الشرق الأوسط، حيث ساعد تدخله – الذي بدأ في عام 2015 – الرئيس السوري بشار الأسد على كسب اليد العليا في الحرب المستمرة منذ 11 عاما.

نقطة اللاعودة

سيشكل هذا الملف نقطة اللاعودة وخسارة كبيرة لروسيا في الملف السوري وغيره من الملفات في ظل تعثر أي تقدم للروس نحو العاصمة الأوكرانية، لا سيما أن تحول موسكو لتجنيد المقاتلين السوريين يشير بأن بوتين بات يعاني من الضغط الشعبي بسبب الخسائر في أوكرانيا.

https://twitter.com/allouch88/status/1502266202382610432?s=20&t=-AVBB4_cvwiLM6WIRr8-Hg

يقول المحلل العسكري، العقيد مصطفى فرحات، إنه بالنسبة لموضوع مكافحة الإرهاب لن يتأثر على الإطلاق،  لأن روسيا لم تكافح الإرهاب وليس لديها قوات برية تزجها في المعارك ضد الإرهاب فمنذ البداية وحتى اليوم هي تحمل شعار مكافحة الإرهاب، ولكن عمليا لا تملك قوات على الأرض تجابه بها الإرهاب.

وبرز ذلك، من خلال ادعاء موسكو باستهداف الإرهاب في سوريا، ولكنها فعليا كانت تستهدف دائما البنى التحتية والمدن والقرى والمرافق الحيوية والصحية وحتى المشافي، والنقاط الطبية لم تسلم من القصف الروسي. كما أنها لم تستهدف مقرات تابعة لـ”هيئة تحرير الشام” على سبيل المثال والتي يعني تصنف على قوائم الإرهاب.

ويضيف فرحات، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن موضوع الحرب الأوكرانية وارتداداتها سوف تطال خارج الجغرافيا الأوكرانية وبشكل خاص في مناطق تواجد القوات الروسية، ومنها سوريا، وهي بالدرجة رقم واحد. لا سيما في الاتجاه العسكري والاقتصادي والسياسي أيضا.

إذ جازفت روسيا بنظر فرحات، في نظرية الهدم البناء لنمط العلاقات القائم مع الغرب. بمعنى أن روسيا كانت تظن أنها قادرة على حسم المعركة سريعا، من أجل تثبيت نظام في أوكرانيا خاضع لها. ولكن استمرار الحرب عطل الخطط الروسية، و حدوث هذا الشيء انعكس سلبا على الميدان السوري.

للقراءة أو الاستماع: ليس للقتال.. سوريون يصلون إلى أوكرانيا

بوتين يشحن الإرهاب بالحاويات

ويشير فرحات، إلى أن تركيز السلطات في دمشق مع الروس على عناصر المصالحات لإرسالهم وزجهم في الحرب بأوكرانيا، جاء من نظرية الحكومة في التخلص من كل من رفع السلاح بوجهها وزجهم في المحرقة الروسية مع أوكرانيا.

https://twitter.com/Ortadogu_ar/status/1501196038455001088?s=20&t=-AVBB4_cvwiLM6WIRr8-Hg

أما بالنسبة لموضوع طلب روسيا لمتطوعين، ففسره المحلل العسكري، أن القيادة في موسكو عاجزة عن إقناع الشبان الروس في التطوع للمحاربة بأوكرانيا. لأن بعض الأصوات بدأت تتعالى حول أعداد الضحايا أو القتلى الذين جرهم بوتين إلى المعركة في أوكرانيا.

وأصبحت هذه الحالة تؤرق بوتين أكثر ما تؤرقه صدى المعارك في أوكرانيا. وعليه يرى فرحات، أن “حقيقة الداخل عندما يتحرك فهو أصعب بكثير على القائد من الخارج. فالجبهة الخارجية يمكن معالجتها أو حتى بمجال الربح والخسارة لن يؤثر عليه كما يتأثر ضمن المجتمع المحيط به”.

في المقابل يرى الصحفي، نذير الزعبي، أن روسيا تدعم نظرية نشر الإرهاب في العالم. وذلك من خلال زج المقاتلين السوريين في مناطق قتالها سواء في أفريقيا أو بأوكرانيا. فبعد سنوات من الحرب، أصبحت القوات المسلحة السورية التي دربها مستشارون روس في حالة “عاطلة عن العمل”. وتعتبر بعض الوحدات جاهزة للغاية، لأنها شحذت للعمليات الهجومية التكتيكية ولديها الكثير من الخبرة القتالية.

وبيّن الزعبي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن هناك أدلة كثيرة على أن الجيش الروسي يعمل مع مكاتب التجنيد في سوريا. كما أوعز الرئيس الروسي بوتين بإيجاد طريقة لإحضار هؤلاء الأشخاص إلى دونباس. لكن هذا يثير أيضا تساؤلات حول اللوجستيات.

لكن الصحفي، لم يستبعد وفي الوقت الحالي خصوصا، بعدما أغلقت تركيا المضيق مؤقتا أمام السفن العسكرية، أنه لن يكلف أحد عناء وضع السوريين على متن سفينة حاويات عادية – وهو ما فعله الاتحاد السوفيتي خلال أزمة الصواريخ الكوبية.

ومع ذلك، لا يزال هناك بديل، وهو الجسر الجوي، مما يسهل على السوريين عبور تركيا. وما يعزز اعتماد بوتين على السوريين، هو فيما يتعلق بالتواصل مع عرب الشرق الأوسط، إذ إنه جاهز بالنسبة لموسكو وذلك باستخدام عدد كبير من المترجمين والمفاوضين الروس الذين عملوا في سوريا.

للقراءة أو الاستماع: أعمال الجولة الثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية

أول القتلى السوريين

نفت مصادر لـ”الحل نت”، ما تم تداوله على وسائل الإعلام المحلية، حول مقتل مضر عبد العزيز علي،  كأول قتيل سوري على الأراضي الأوكرانية، حيث قالت إنه مات “أثناء تأدية واجبه في محور دونباس”. إلا أن المصادر ذكرت أن علي قتل عام 2015 خلال المعارك بريف حلب.

وبحسب وكالات إعلامية دولية، افتتحت القوات الروسية في سوريا، 14 مركزا في محافظات خاضعة لسيطرة الحكومة السورية. لتجنيد شبان ومقاتلين سوريين بغية إرسالهم إلى أوكرانيا. حيث توزعت المراكز على محافظات دمشق وحلب وحماة ودير الزور والرقة، ويشكل عناصر مليشيا “الدفاع الوطني” الرديفة للقوات النظامية. فضلا عن “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا، غالبية القوات التي يتم تأسيسها للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.

ووفقا لما نشره الإعلامي المحلي، رفيق لطف، فإنه يشترط على المتطوعين السوريين التمرس في القتال. وامتلاك خبرة استخدام الأسلحة الثقيلة والقناصات إلى جانب الأسلحة الفردية. وذلك لقاء رواتب شهرية 1500 يورو، ومن المقرر أن يخضعوا لتدريب قصير قبل إرسالهم عبر قاعدة “حميميم” في اللاذقية.

كما  تتكفل الحكومة الروسية بكافة المصاريف من طعام ولباس وطبابة. وبعلاج أي جريح مهما بلغت التكلفة وتقديم تعويض مادي كبير لمن يصاب أثناء تأدية واجب التطوع. وعند انتهاء الحرب ستقوم الحكومة الروسية بتقديم مبلغ 50 ألف يورو لكل متطوع “كعربون شكر ومحبة”.

للقراءة أو الاستماع: بعد سوريا.. روسيا تعيد استحضار سيناريو هجوم كيماوي في أوكرانيا

الروس خارج عقود التطوع

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، قد اقترح إرسال سوريين إلى الجبهة الأوكرانية، على الرئيس فلاديمير بوتين، الذي وافق على الاقتراح في اجتماع لمجلس الأمن القومي، أمس الجمعة.

وقال  شويغو، “نتلقى أعدادا هائلة من الطلبات من المتطوعين من دول مختلفة يرغبون في التوجه إلى جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين بغية المشاركة في ما يعتبرونه حركة تحرير. ومعظمهم من دول الشرق الأوسط حيث تجاوز عدد الطلبات عتبة الـ16 ألفا”.

بدوره، أشار بوتين، ردا على هذا الكلام، إلى أن “الممولين الغربيين للنظام الأوكراني لا يخفون عملهم على جمع مرتزقة من مختلف أرجاء العالم ونقلهم إلى أوكرانيا”. محملا إياهم المسؤولية عن “التجاهل التام لكافة أعراف القانون الدولي”.

وأضاف: “لذلك عندما ترون أن هناك أشخاصا يرغبون في التوجه إلى دونباس لمساعدة سكانها، وذلك ليس من أجل المال، فيجب الرد إيجابا ومساعدتهم في الذهاب إلى منطقة القتال”.

فيما قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إنه لا يجري النظر في اجتذاب متطوعين روس للمشاركة في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

الجدير ذكره، أنه أدت الحرب الطويلة والشاقة في سوريا إلى ظهور عدد كبير من الفصائل المسلحة والمليشيات والمرتزقة من جميع أطراف النزاع.

وتضم صفوف الجماعات شبه العسكرية الموالية للحكومة في سوريا عشرات الآلاف من ما يسمى بقوات “الدفاع الوطني”. ومقاتلي المليشيات الموالية لإيران والمنشقين عن الجيش، والمدربين في حرب المدن وحرب العصابات. وتشمل أيضا وحدات ومليشيات رديفة أخرى مدعومة من روسيا قاتلت إلى جانب الجيش السوري.

لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تجنيد مقاتلين سوريين للصراعات في الخارج. إذ جندت تركيا، وهي لاعب رئيسي آخر في سوريا، مرتزقة سوريين لتعزيز مقاتليها في حروب أخرى. وتشمل هذه الصراعات في أذربيجان وليبيا، حيث لا يزال وجود الآلاف من المقاتلين الأجانب. بمن فيهم أولئك القادمون من سوريا والسودان وتركيا، عقبة رئيسية أمام السلام.

للقراءة أو الاستماع: لماذا تهتم دمشق بدعم الغزو الروسي لأوكرانيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة