بذلت إيران جهودا مكثفة لإبقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، في السلطة لأطول فترة ممكنة، في الوقت الذي سعت فيه لتهيئة الظروف من أجل الاحتفاظ بقدرتها على استخدام الأراضي والأصول السورية لتحقيق مصالحها الإقليمية.

 أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية قدمت المشورة والمساعدة للجيش السوري من أجل الحفاظ على قبضة بشار الأسد على السلطة.

وقد تطورت هذه الجهود إلى مهمة تدريب استكشافية باستخدام القوات البرية في “الحرس الثوري”، و”فيلق القدس”، وأجهزة المخابرات، وقوات إنفاذ القانون. إذ يعد نشر القوات البرية لـ”الثوري” الإيراني في الصراع في الخارج توسعا ملحوظا في رغبة إيران وقدرتها على نشر القوة العسكرية خارج حدودها.

قائد جديد بعد طرد الأسد للعميد غفاري

في العام الماضي، وتحديدا في تشرين الثاني/ نوفمبر، وبعد أنباء حول وجود خلافات بين ضباط ومسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة السورية، وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد، مع قائد “فيلق القدس” الإيراني في سوريا، مصطفى جواد غفاري، نفت الخارجية الإيرانية تلك الأنباء، مشيرة إلى أن غفاري غادر سوريا ولم يطرد.

ولكن اليوم، يظهر أن إيران لا تريد إبقاء فصيلها العسكري دون قيادة، إذ أكدت مصادر إعلامية، أن “الحرس الثوري” الإيراني أجرى عدة تغييرات في قادة الصف الأول بسوريا، حيث تم تعيين، خليل زاهدي، الملقب “أبو مهدي الزاهدي” كقيادي لـ “فيلق القدس” في المنطقة.

وبحسب المصادر، فقد اتخذ إسماعيل قاآني، قائد “فيلق القدس” في إيران، قرارا بتعيين زاهدي، قائدا إقليميا للفيلق، خلفا لجواد غفاري الذي انتهت مهامه في سوريا انتهى قبل حوالي شهرين تقريبا.

كما عيّن “الحرس الثوري” الإيراني “الحاج كميت” المسؤول عن الملف الأمني لمنطقة الميادين بريف دير الزور، كمسؤول أمني وعسكري للمنطقة الشرقية بشكل عام، ومقرها في مدينة دير الزور. حيث أصبح مشرفا على جميع القوات الإيرانية في دير الزور والحسكة والرقة والبادية.

وجاء تعيين “الحاج كميت” بدلا الحاج “مهدي الإيراني”، الذي نقل إلى دمشق وتسلم قيادة “حرس السيدة زينب” المسؤولة عن الدفاع عن منطقة السيدة زينب بريف دمشق.

للقراءة أو الاستماع: هل تتخلى إيران عن ميليشياتها في سوريا؟

صراع الأسد وغفاري

نفي الخارجية الإيرانية آنذاك، جاء رغم أن غفاري اعترف بأن قواته خالفت القواعد والأسس السورية. وتمركزت عناصره في مناطق حظرتها دمشق عليه.

حيث شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، حينها على عدم صحة الأنباء المتداولة حول جواد غفاري، المعروف باسم العميد أحمد مدني، وفق وكالة “تسنيم” الإيرانية.

وجواد مصطفى غفاري -كان أحد المقربين من قاسم سليماني- خالف مع قواته أيضا التعليمات بتنفيذ عدد من النشاطات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي كادت أن تسفر عن حرب أخرى لسوريا لا ترغب بها دمشق.

إذ تعارضت تصرفات غفاري- كممثل للقوات الإيرانية وميليشياتها في سوريا- جميع الأطر التي بنتها دمشق خلال السنوات الماضية، حتى وصلت لإحداث خرق كبير في السيادة السورية، بحسب تقارير صحفية.

ويشار إلى أن القوات الإيرانية أسندت لغفاري قيادة 18 مجموعة شبه عسكرية أخرى في سوريا للحفاظ على بقاء السلطة بيد الحكومة السورية.

وقاد غفاري، معارك للسيطرة على البادية السورية، امتدادا من تدمر ومحيطها إلى البوكمال ودير الزور حتى مدينة القائم العراقية الحدودية مع سوريا. حيث صارت هذه المناطق من أبرز نقاط تمركز القوات التي يقودها “الحرس الثوري” في سوريا.

للقراءة أو الاستماع: تحذيرات من انهيار الاتفاق النووي بسبب روسيا والصين

هل تغيرت استراتيجية إيران في سوريا؟

وفي هذا السياق، أكد المحلل العسكري، عبد الله حلاوة، لـ”الحل نت”، أنه بعد حوالي عشر سنوات من قيام “الحرس الثوري” الإيراني بنشر مستشارين عسكريين ومقاتلين في سوريا لدعم الحكومة السورية وقواتها، لا يبدو أن طهران ماضية في التقليل من وجودها في سوريا.

وأوضح حلاوة، أنه وسط التقارير التي تحدثت عن تحرك للقوات الإيرانية، لا توجد مؤشرات على أن إيران تغير استراتيجيتها الإقليمية، التي تحركها مصالح سياسية وأيديولوجية وأمنية.

وأشار المحلل العسكري، إلى أن طهران سحبت بعض قواتها من سوريا، وأخلت قواعد عسكرية بالقرب من الحدود مع إسرائيل. وذلك بسبب زيادة الضربات الجوية الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية. في حين لن تنسحب إيران من سوريا كونها الدولة العربية الوحيدة التي انحازت لإيران لها خلال حرب 1980-1988 مع العراق.

ويؤكد حلاوة، إن التقارير الموجزة للجيش الإسرائيلي حول إيران والتي أفادت بانخفاض في القوات العسكرية الإيرانية المنظمة وإجلاء القوات العسكرية من سوريا، منفصل عن المقاتلين “الشيعة” الذين جندهم “الحرس الثوري” الإيراني.

الجدير ذكره، أن هنالك مؤشرات تدل على أن النفوذ الإيراني في سوريا ازداد منذ بداية العام 2022. أبرزها زيارة رئيس الأمن القومي، علي مملوك، لطهران في 27 شباط/فبراير الفائت. ولفته إلى الحاجة الملحة لتعزيز التنسيق الأمني بين الطرفين، والاستعداد لأي تأثير محتمل للنزاع الأوكراني على البلاد.

للقراءة أو الاستماع: إيران تناور من جديد في الاتفاق النووي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة