على الرغم من التقدم المحرز في المفاوضات لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وفق ما تناقلته تقارير صحفية غربية، إلا إن مستقبل الاتفاق لإيران بات على المحك بعد مطالبة روسية في اللحظات الأخيرة بإعفاء من العقوبات الغربية، فيما يبدو أن الولايات المتحدة غير مستعدة للتعامل مع روسيا بشأن هذه المسألة.

الخطوط الحمراء بمحادثات فيينا

بعد أن وصلت المحادثات التي استمرت 11 شهرا لاستعادة الاتفاق إلى مراحله النهائية، والذي يرفع العقوبات عن إيران مقابل قيود على برنامجها النووي، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اليوم الخميس، إن طهران لن تتراجع عن الخطوط الحمراء في محادثات فيينا الخاصة بملفها النووي.

تصريحات رئيسي، ترافقت مع حديث أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، الذي قال إن رغبة الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق نووي سريع، تشير إلى عدم وجود إرادة لديها لإبرام اتفاق قوي. مضيفا أنه “تزداد محادثات إيران النووية تعقيدا كل ساعة بدون اتخاذ الولايات المتحدة قرارا سياسيا”.

وبعد ثماني جولات من المحادثات، تظل النقاط العالقة الرئيسية في الملف النووي الإيراني بمطالبة طهران بضمان أميركي بعدم فرض مزيد من العقوبات أو الإجراءات العقابية في المستقبل. فضلا عن طريقة وتوقيت إعادة فرض القيود على إيران النووية بشكل يمكن التحقق من النشاط النووي الإيراني.

للقراءة أو الاستماع: لماذا تُعرقل روسيا الاتفاق النووي الإيراني؟

روسيا تقترب من تخريب الاتفاق؟

في حين عاد كبير المفاوضين النوويين الإيراني، علي باقري كاني، إلى فيينا أمس الأربعاء، بعد رحلة سريعة استمرت 24 ساعة إلى طهران لإجراء مشاورات في اللحظة الأخيرة، بشأن الاتفاق النووي لعام 2015.

وأكد كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في محادثات فيينا، إنريكي مورا، الاثنين الفائت، أن “المحادثات على مستوى الخبراء” و”الاجتماعات الرسمية” قد انتهت وأن الوقت قد حان “لاتخاذ قرارات سياسية”.

لكن بمجرد حل القضايا النهائية في الأيام الأخيرة، وضعت روسيا أوكرانيا في قلب المحادثات الإيرانية. وأصرت على إعفاء تجارتها مع طهران من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو ردا على غزو جارتها. إذ طالب وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، بأن الاتفاقية التي يتم إحياؤها يجب أن تضمن حق موسكو في التجارة والاستثمار بحرية مع إيران. وهذه محاولة واضحة لاختراق جدار العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا.

يأتي طلب لافروف، الذي كرره في نقاش مع نظيره الإيراني يوم الاثنين، في الوقت الذي أعرب فيه المندوبون عن ثقتهم المتزايدة في أن اتفاقا بين إيران والولايات المتحدة لإعادة الالتزام بالاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في متناول اليد. وأثار ذلك رد فعل من واشنطن وطهران، اللتين أشارتا إلى أنهما تعتزمان المضي قدما في الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق.

طلبات موسكو، جاءت استغلالا على خليفة استيرادها فائض اليورانيوم المخصب من إيران. والذي يساعد في خفض مستوى منشآت التخصيب الإيرانية، مما يضمن عدم استخدامها في أعمال الأسلحة النووية.

وإذا ما قررت روسيا وقف التعاون، فسيتعين على الموقعين الرئيسيين الآخرين على خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (الصين وفرنسا وألمانيا وإيران والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) إيجاد دولة أخرى لتحل محل روسيا، وهي عملية يمكن أن تؤخر إلى حد كبير أي اتفاق نهائي.

للقراءة أو الاستماع: عقبات أمام الاتفاق النووي الإيراني.. كيف تنعكس على المنطقة؟

روسيا تريد ديونها؟

وتفسيرا للمطالب الروسية، قال وجدان عبد الرحمن، الباحث في الشأن الإيراني، لموقع “الحل نت” في وقت سابق، أن لروسيا ديون على إيران تصل إلى نحو 500 مليون دولار، تتعلق بتزويد روسي بالطاقة النووية لمفاعل بوشهر النووي، ومحطة الطاقة النووية في طهران، وحتى الآن روسيا لم تتمكن من تحصيل هذه المبالغ، وتخشى من عدم تحصيلها في حال تم الاتفاق على الملف النووي، بسبب العقوبات المفروضة عليها، لذلك طلبت روسيا امتيازات أو ضمانات من أجل هذا الاتفاق.

أما الباحث في الشأن الروسي، فقال لـ”الحل نت” خلال حديث سابق، إنه يمكن أن تعرقل روسيا الاتفاق النووي الإيراني. انطلاقا، من الظروف الحالية التي تمر بها العلاقات بين روسيا والغرب. مضيفا، أن توقف الغرب عن شراء النفط الروسي، في الوقت الذي يبحث فيه الغرب عن بدائل، يمكن أن يجعل إيران بديلا لروسيا. حيث يراهن الغرب على قدرة إيران على ضخ كميات كبيرة من النفط قادرة على تعويض النفط الروسي.

وأوضح إلياس، أن التوصل لحل في الملف النووي الإيراني، يفقد روسيا عوامل مهمة وميزات تتمتع بها. كما أنه سيجعل من إيران، أقوى في سوريا، وفي منطقة القوقاز، وهذا ما لا تريده روسيا.

وفي الوقت نفسه، يرى مراقبون أن طهران تريد الصفقة الآن أكثر من ذي قبل. لأن أسعار النفط المتزايدة قد تساهم بشكل كبير في تعافي الاقتصاد الإيراني المتضرر من العقوبات.

وكان اتفاق 2015 وقعته إيران، مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا، يفرض قيودا على برنامج طهران. وذلك للحيلولة دون إنتاج أسلحة نووية، وذلك مقابل رفع العقوبات الدولية عنها. وتسعى إيران المنزعجة من مطالبة روسيا بضمانات أمريكية، وصفها أحد مسؤوليها بـ”غير البناءة”، للتوصل لهذا الاتفاق، والتخلص من العقوبات التي أنهكت اقتصادها.

للقراءة أو الاستماع: صحيفة مقربة من “خامنئي”: 3 حلول لنجاح الاتفاق النووي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة