عقبات أمام الاتفاق النووي الإيراني.. كيف تنعكس على المنطقة؟

عقبات أمام الاتفاق النووي الإيراني.. كيف تنعكس على المنطقة؟

لعل أبرز التساؤلات المثارة مؤخرا حول شكل النفوذ الإيراني في المنطقة، تتمحور حول احتمالات إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران وما إذا كان ذلك سيكون له تبعات على ملفات المنطقة، لاسيما الملف السوري، خصوصا وأن الاحتمالات ما تزال مفتوحة على كل التوقعات سواء فشل نهائي للتفاهم على اتفاق جديد، أو إنجاز اتفاق بين إيران والدول الغربية.

عدة عقبات تقف حائلا دون توقيع اتفاق نووي نهائي، أبرزها يتمثل في المناورة الإيرانية وشروط طهران في الالتزام بخطوات خفض الالتزامات النووية، بخاصة وأن طهران تشدد على رفع العقوبات عن القطاعين النفطي والمصرفي، في الوقت الذي تطلب فيه برفع كل العقوبات الأميركية بـ”طريقة يمكن التحقق منها”.

ما مصير مفاوضات فيينا؟

في منحى آخر يبدو أن موسكو ستكون عقبة لا يمكن تجاوزها بسهولة، وذلك في ظل رغبتها باستغلال ملف إعادة إحياء الاتفاق النووي كورقة تساوم بها أوروبا والولايات المتحدة، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. فضلا عن موقف إسرائيلي رافض لأي اتفاق نووي مع إيران مهما كان شكله ومحدداته، كون تل أبيب تعتبر طهران مهدد دائم لأمنها.

لقد عادت طهران في فترة الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي (نجح في الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو 2021) إلی طاولة المفاوضات النووية في فيينا، بمسودات لم تختلف كثيرا عن الرؤى الإيرانية السابقة بخصوص إحياء الاتفاق النووي. إلا أن إدارة رئيسي تختلف بضعف وثوقها بالأطراف الغربية.

ووفقا لمراقبين، فإن عام 2022 سيكون “سنة مصيرية” بالنسبة لطهران، لأن هذا العام سيحدد نتيجة 18 عاما من المفاوضات بين طهران والقوى الغربية بشأن برنامجها النووي الذي بات على مفترق طرق حقيقي.

إن تجميد التطور النووي والعودة للوضع القائم بعد اتفاق 2015 من قِبل إيران يمثل المطلب الأميركي الرئيس، بينما يمثل إلغاء العقوبات بشروط جديدة المطلب الأهم بالنسبة لإيران. بحسب رؤية المحلل المتخصص في الشؤون الإيرانية، عمار جابر، الذي أشار خلال حديثه لـ”الحل نت” إلى أن واشنطن ولأنها كانت الطرف السابق في نقض الاتفاق، فإن الرؤية الإيرانية بشروطها الحالية تلقی قبولا لدى الدولتين غير الغربيتين -روسيا والصين- بشكل خاص، لكن قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي قلب الموازين، وجعل من روسيا معرقل رئيسي، وكذلك الغرب بات غير متعجل عما ذي قبل لإنجاز أي اتفاق.

إدارة رئيسي ركزت على التذكير بأن اتفاقا سيئا شر من عدم الاتفاق. فدأبت منذ تسلمها الملف على زيادة تأثير أدوات ضغط إيران النووية على الولايات المتحدة والأطراف الأخرى عبر زيادة التخصيب عالي النسبة، وإرباك عملية رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على برنامج إيران النووي، وتفعيل عدد أكبر من أجهزة الطرد IR6 في منشآت إيران النووية، بحسب ما أفاد به تقرير لمركز “الجزيرة للدراسات” نُشر في كانون الثاني/يناير الماضي. في حين تُركز إدارة رئيسي في خطابها على أنها لا تربط مستقبل اقتصاد البلاد بالمفاوضات النووية ومخرجاتها، رغم ترجيحها التوصل إلى حل يُحيي الاتفاق النووي.

عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية في إيران، أبوالفضل عمويي، أكد اليوم الأحد، أن “النص الرئيسي للاتفاق النووي المحتمل جاهز”، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود “خلافات حول موضوع أو موضوعين”.

وأضاف عمويي، في حديث مع وكالة “تسنيم” الإيرانية، أن “إيران لن تكون مستعدة للتوقيع على أي اتفاق ما لم تحل المواضيع المتبقية”، التي لم يسمها. موضحا أن “مطلب إيران للحصول على ضمانات هو مطلب منطقي”.

إلى ذلك، قلل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من أهمية المطالب الروسية بالحصول على ضمانات أن العقوبات الجديدة المفروضة عليها على خلفية غزو أوكرانيا لن تؤثر على حقوق موسكو الواردة في التفاهم على إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وقال بلينكن عبر شبكة “سي بي إس”، إن العقوبات المفروضة على روسيا ردا على غزوها لأوكرانيا “لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني. لا رابط بين المسألتين بأي شكل من الأشكال، لذا أعتقد بأن (المطالب الروسية) خارج السياق”.

وأثارت تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس السبت، وربطه الاتفاق في فيينا بتقديم واشنطن “ضمانات مكتوبة” لروسيا، انتقادات ومخاوف في إيران من إمكانية أن تعرقل موسكو التوصل إلى اتفاق خلال مفاوضات فيينا.

ماذا عن سوريا؟

على الجانب الآخر، وإذا ما توافقت الدول الغربية مع إيران، وتم استيعاب التعطيل الروسي وتبديد مخاوف إسرائيل، فإن مسألة جديدة طارئة لن تقبل بها أغلب الدول المفاوضة في فيينا، حيث يتمثل خطر جديد لإيران في المنطقة، حيث تشير توقعات المراقبين إلى أن دور إيراني خبيث سيكون حاصلا في سوريا، بخاصة وأن الوجود الإيراني في سوريا يمثل لدى طهران عقدة ربط استراتيجية لنفوذها في المنطقة.

الباحث في العلاقات الدولية، عبد الخالق الإبراشي، قال خلال حديث لـ”الحل نت”، إن مسألة التواجد الإيراني في سوريا، لا بد أن تكون من ضمن التفاهمات الجانبية إذا ما تم الإتفاق النووي الجديد، “لكني أعتقد أن الوصول إلى اتفاق قريب هو مسألة بعيدة المنال حاليا، فبغض النظر عن روسيا، إلا أن عدم الرضى الإسرائيلي وتزايد وجود النفوذ الإيراني في سوريا، لا بد أنه سيقلل من حظوظ إتمام الاتفاق مع إيران إلا إذا بات التوافق بين الأطراف ضمن حزمة متكاملة من الحلول المؤدية لاتفاق محتمل”.

وفي الـ10 من شهر شباط/فبراير الماضي، أعلنت الخارجية الأميركية أن مفاوضات فيينا النووية بلغت مرحلة بات فيها إبرام الاتفاق ملحا، أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان استعداد بلاده للتوصل إلى اتفاق في فترة زمنية قصيرة وبشكل سريع.

يذكر أن برنامج إيران النووي، بدأ في فترة خمسينيات القرن الماضي، وأصبحت إيران في عام 1958 عضوا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووقعت عام 1968 معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وتم إنشاء منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في عام 1974.

دخلت إيران، لأول مرة في مفاوضات مع الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) في تشرين الأول/أكتوبر 2003 في طهران، وأجرت العديد من المحادثات بعدها مع قوى عالمية كبرى (ما تسمى دول “5+1”) وتضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا.

فيما حدث معظم التقدم في المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية بعد تنصيب حكومة حسن روحاني في آب/أغسطس 2013 وتغيير فريق التفاوض النووي، وأدى أهم هذه المفاوضات إلى الاتفاق النووي عام 2015.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي خلال فترة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أيار/مايو 2018 استمرت المحادثات بين القوى العالمية وإيران لإحياء هذا الاتفاق، الذي سجل الجولة الثامنة من المحادثات في فيينا مؤخرا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة