كان الصراع الأخير بين إيران وروسيا في قطاع التعليم السوري موضوعا مهما للسوريين داخل البلاد وخارجها. فكلا الطرفين يسعيان إلى توسعة نفوذهما في سوريا من خلال الجانب العسكري عبر دعم مجموعات مختلفة على الأرض، ولاحقا بات القطاع الاقتصادي مستهدفاً جديداً، قبل أن يصل التنافس الروسي الإيراني إلى قطاع التعليم في سوريا.

هذا الصراع الثنائي يراه العاملين في قطاع التعليم أنه يؤثر على مستقبل جيل كامل عاش ويلات الحرب. إذ لم يدخر البلدان وسيلة إعلامية للترويج عن نظامهما التعليمي. فكيف يؤثر هذا الصراع الجديد على مستقبل نظام التعليم في سوريا؟

النفوذ الإيراني على قطاع التعليم السوري

الحكومة السورية التي تعتبر إيران حليفها الأزلي منذ عهد الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، وقعت عبر وزارة التعليم العالي مع المركز الأكاديمي للتربية والثقافة والبحوث الإيراني مذكرة تفاهم للتعاون العلمي في عدة مجالات.

المذكرة التي وقعت الثلاثاء الفائت، هدفت إلى تبادل الكتب والمطبوعات والمواد العلمية والنشرات والدوريات والاستفادة من المكتبات إلكترونية وتنظيم المؤتمرات والندوات العلمية والثقافية المشتركة.

وخلال التوقيع الذي حضره رئيس جامعة دمشق، محمد يسار عابدين، ومدير المركز الإيراني، حميد رضا طيبي، تنص على تبادل قاعدة البيانات العلمية والإنجازات البحثية لإنشاء حاضنة للأعمال وحديقة للعلوم والتكنولوجيا في جامعة دمشق.

ومن جهته، لفت وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بسام إبراهيم، إلى رغبة الوزارة في تأسيس عمل علمي مشترك مع إيران في إطار الاختصاصات العلمية والطبية الدقيقة للدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه).

أما رئيس جامعة دمشق، فعبر عن أن المذكرة تسهم في دعم القطاع التعليمي والبحثي. ولا سيما في ظل وجود مجالات واسعة لدى المركز الأكاديمي الإيراني وإمكانية التعاون بينه وبين الجامعات السورية.

اقرأ أيضا: التعليم في سوريا بالعناية المشددة.. نسبة النجاح صفر بالمئة بجامعة “تشرين” ورسوم التعليم الموازي في العلالي

لماذا يعتبر قطاع التعليم في سوريا ساحة معركة؟

في اليوم ذاته لتوقيع دمشق المذكرة مع إيران، تحدث ممثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دمشق، ألكسندر يفيموف، عن مباحثات تجري في الوقت الحالي لإنشاء فروع للجامعات الروسية في سوريا.

وأوضح السفير الروسي، أنّه إلى جانب ذلك تسعى موسكو إلى متابعة واقع تدريس اللغة الروسية مع الحكومة السورية، وذلك ضمن خطوات تهدف إلى “تعزيز الثقافة الروسية”. 

استمرار الحرب في سوريا، التي أدت إلى تآكل قطاع التعليم بالكامل، أسس ساحة معركة لحليفي الرئيس السوري، بشار الأسد. ومهد لذلك تضرر قطاع التعليم بشدة من جراء القتال، إذ غادر العديد من السوريين للبحث عن ملاذ في البلدان المجاورة.

ويقول الأكاديمي والمحاضر السابق في جامعة درعا، الدكتور علي الأسود، لـ”الحل نت”، إن التعليم لا يزال يُدرس في سوريا لكنه معرض لخطر الانقراض. حيث اضطرت العديد من المدارس إلى الإغلاق بسبب الصراع. وهو ما فتح الطريق أمام الداعمين لاقتحام القطاع من أوسع أبوابه.

اقرأ المزيد: منظمة دولية.. الأطفال السوريون محرومون من التعليم في لبنان

كيف يؤثر هذا الصراع الجديد على مستقبل نظام التعليم في سوريا؟

يبدو أن مشاكل التعليم في سوريا لا حصر لها في الوقت الذي يمر فيه واقع التعليم في سوريا بأزمات واضحة.

ويشير الأسود، إلى أن  قطاع التعليم السوري يمر حاليا بوقت عصيب. أسبابه عدم توفر الدعم المالي لإصلاح أضرار المدارس، وتكدس الكتل البشرية النازحة في مناطق معينة ما أدى إلى حرمان شريحة واسعة من التعليم. وأيضا السبب الأهم وهو هجرة العقول السورية إلى الخارج.

وأوضح الأكاديمي السوري، أنه كان يُنظر إلى قطاع التعليم السوري على أنه أحد أفضل الأنظمة المتوفرة للطلاب في جميع أنحاء العالم. إلا أنّ التدخل الإيراني والروسي الحالي سيخلق توجها جديداً داخل الجيل الجديد الذي يتشرب الثقافتين دون وعي.

واختتم الأسود حديثه، بأنّ نظام التعليم في سوريا سيتغير ببطء بسبب الظروف الخارجة عن سيطرته. 

لا يزال مستقبل قطاع التعليم السوري غير واضح لأنه لا يمكن التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك. فربما بعد عقود قادمة قد تتغير الهوية الثقافية السورية بسبب التدخل الإيراني الروسي في ظل صمت الحكومة على ذلك، بل وتشجيعها لهذا الأمر.

هذا وتشير تقديرات منظمة “اليونيسيف” لعام 2019، إلى أن نصف الأطفال السوريين بين 5 و17 عاما بلا تعليم. وطبقا لتقديرات المنظمة، فإن 2.1 مليون طفل في داخل سوريا و700 ألف طفل بدول الجوار محرومين من التعليم. كما أن 1.3 مليون آخرين عرضة للتسرب من المدارس أو الحرمان من التعليم.

قد يهمك: أزمة التعليم في سوريا: أكثر من مليون طالب متسرب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة