تجنيد المرتزقة السوريين في أوكرانيا: هل تحتاج روسيا للأسد في حربها؟

تجنيد المرتزقة السوريين في أوكرانيا: هل تحتاج روسيا للأسد في حربها؟

الأخبار عن المرتزقة السوريين في أوكرانيا هيمنت على مساحة واسعة من نقاشات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات الفضائيات. ولاقت اهتماما وتفاعلا كبيرا في الأوساط المحلية والدولية. خاصة بعد إعلان الحكومة الروسية، وعلى لسان وزير دفاعها سيرغي شويغو، “وجود ستة عشر ألف متطوع من الشرق الأوسط، مستعدون للقتال في إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا”.
وجاء تصريح شويغو بعد اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، بقيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صباح يوم الجمعة الحادي عشر من آذار/مارس الحالي، مؤكدا “استعداد روسيا لنقل المقاتلين الراغبين بالذهاب إلى أوكرانيا، والقتال بصفوف قواتها”.
وأضاف مبررا تلك الخطوة أنها “تأتي في سياق الرد على عرّابي النظام الأوكراني الغربيين، الذين لا يدرون حتى ما يفعلون. ويجمعون علانية مرتزقة من جميع أنحاء العالم لإرسالهم إلى أوكرانيا”، بحسب وسائل إعلام روسية.

حرب تجنيد المرتزقة

وفي هذا الصدد نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين أن “روسيا تجنّد المرتزقة السوريين، من ذوي الخبرة في حرب العصابات بالمدن، للقتال في أوكرانيا”.
وأدلى أربعة مسؤولين للصحيفة الأميركية بمعلومات تفيد أن “موسكو، التي بدأت غزو أوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط/ فبراير، واجهت مقاومة لم تكن تتوقعها. وباشرت في الأيام الأخيرة بتجنيد مقاتلين سوريين لاستخدامهم في السيطرة على المدن”.
وصرّح مسؤول أميركي للصحيفة أن “بعض المرتزقة السوريين موجودون بالفعل في روسيا، ويستعدون للانضمام إلى المعارك في أوكرانيا”، دون تفاصيل أوسع عن الموضوع.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أعلن في وقت سابق عن دعمه للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقال الأسد، خلال اتصاله مع بوتين في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، إن “روسيا اليوم لا تدافع عن نفسها فقط، وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية”.
واعتبر “أن العدو الذي يجابهه الجيشان السوري والروسي واحد. ففي سوريا هو تطرف، وفي أوكرانيا هو نازية”.
وفي المقابل أعلن وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، عن “استعداد عشرين ألف مقاتل أجنبي للانضمام إلى مجموعات المقاومة الأوكرانية في مناطق المواجهات”.
وظهر، في فيديو تداولته مواقع عديدة، وصول متطوعين بريطانيين إلى أوكرانيا، جاؤوا للقتال ضد الجيش الروسي، وقال أحد المقاتلين: “اسمي جاكسون من إنجلترا، جئت إلى هنا وأتمنى أن أحقق النصر لأوكرانيا”.
وأردف: “جميعنا هنا على مستوى عالٍ من التدريب، والدافع وراء مشاركتي في الحرب هو الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين، وقصف الأطفال والاعتداء على النساء. كل هذا يجب أن يتوقف”.

مقالات قد تهمك: اجتماعات وتحركات لنقل مقاتلين سوريين إلى أوكرانيا

تحذير أوكراني للمرتزقة السوريين: “سنعرف كيف نكرمكم”

ديمتري جوردون، الإعلامي والمقدم التلفزيوني الأوكراني الشهير، حذّر، خلال مقطع فيديو بثه على صفحته في موقع فيس بوك، من أن “القادة العسكريين الروس، وخاصة ألكسندر كرينكيفيتش، يعملون على تجنيد بعض المرتزقة السوريين في أوكرانيا، ويقدمون وعودا لهم بأن أجورهم ستكون قرابة ألف وثمانمئة دولار شهريا”.
وأضاف أن “الروس يغرون المرتزقة السوريين بأن أوكرانيا مليئة بالنساء الجميلات، اللاتي سيوفرن لهم ممارسة الجنس مجاناً”.
 وهدد السوريين المغرر بهم بالقول: “تعالوا إلى أوكرانيا وسنكرمكم بالتأكيد، كما فعلنا مع الجنود الروس حين هاجمونا”.

شركة فاغنر لا تميل لتجنيد المرتزقة السوريين في أوكرانيا

المحلل السياسي فراس بورزان استبعد، في اتصال هاتفي مع موقع “الحل نت”، “نقل المرتزقة السوريين إلى أوكرانيا من قبل السلطات الروسية. وذلك لعدة عوامل جوهرية، من أهمها عامل اللغة الروسية، التي لا يجيدها المقاتلون السوريون؛ وبرودة الطقس في أوكرانيا، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في هذه الفترة من السنة”.
ويرى بورزان، المقيم في العاصمة الأوكرانية كييف، أن “ما قاله وزير الدفاع الروسي، وأكده بوتين، يندرج تحت التصريحات الكيدية. بعد أن صرّحت عدة دول غربية بأنها فتحت باب التطوع والذهاب للقتال في أوكرانيا، وخاصة بالنسبة للعناصر المحترفة”.
وأوضح المحلل السياسي أن “شركة فاغنر الروسية، المختصة بتجنيد المرتزقة، متواجدة في المعارك منذ البداية. إلا أنها لن تعتمد على المرتزقة السوريين في أوكرانيا، بل على عناصر من صربيا ودول البلطيق”. مؤكدا أنه “شاهد هؤلاء العناصر المرتزقة يقاتلون في أوكرانيا، وهم يرتدون بزات سوداء، ويضعون أربطة بيضاء على أذرعهم”.
ولكنه في نهاية حديثه لم ينف “وجود مشكلة نقص العناصر المدربين بين صفوف القوات الروسية، إذ أن معظم المقاتلين الروس هم من الجنود المتطوعين، أو المساقين إلى الخدمة الإلزامية”.

المرتزقة السوريون لمنع إعادة تعويم الأسد

من جهته بيّن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن “مصادر، ضمن ما يعرف باللواء الثامن المدعوم من روسيا، نفت نية اللواء إرسال مقاتلين للمشاركة إلى جانب الروس في غزوهم لأوكرانيا. كما أن الميلشيات الموالية لإيران ليست لديها نية بذلك حتى هذه اللحظة”.
إلا أن مصادر المرصد أكدت أن “الفرقة الخامسة والعشرين بالقوات النظامية، التي يقودها العميد سهيل الحسن، أبدت استعدادها لإرسال مرتزقة للقتال مع الجانب الروسي. وتتواصل فيها عملية تسجيل أسماء الراغبين في التوجه للمشاركة في الغزو الروسي لأوكرانيا، بالتعاون مع شركة فاغنر الروسية. إلا أنه لم يتم إرسال أي مرتزق حتى هذه اللحظة”.
من جهته يرى الباحث السياسي ماجد علوش، في حديثه لـ”الحل نت”، أنه “لا يعقل أن دولة مثل روسيا بحاجة الى بضعة آلاف من المرتزقة السوريين في أوكرانيا لتغيير ميزان القوى على الأرض، ولا حتى لتأمين غطاء سياسي لغزوها، فبقايا دولة مثل سوريا ليست غطاء لحرب دولية، ما تزال تطوراتها مفتوحة على كل الاحتمالات».
وأضاف علوش: “من الجانب الروسي يصعب بتقديري رد الموضوع إلى عامل محدد يدفع لتجنيد المرتزقة السوريين، وربما تكون الاستعانة بهم تهدف الى توريط بشار الأسد أكثر في انتهاكات القانون الدولي التي ترتكبها روسيا، وبذلك تقطع عليه الطريق للتفاهم مع الدول الغربية، التي قد تحاول استغلال الوضع الروسي الحرج لاستمالة الأسد وإعادة تعويمه. وربما أيضا تأتي هذه الخطوة استعدادا لحرب شوارع داخل المدن الأوكرانية. وفي هذه الحالة استخدام المرتزقة السوريين، وغيرهم من الشرق أوسطيين، مفيد في الداخل الروسي، لأنه يقلل حجم الخسائر البشرية بين الروس، ويمنع تزايد النقمة الداخلية على قرار بوتين بالحرب”.

واختتم حديثه بالقول: “ربما يكون النجاح في تجنيد المرتزقة السوريين للذهاب إلى أوكرانيا سببه حجم الكارثة المعيشية، التي يعانيها الناس في مناطق سيطرة حكومة دمشق. إذ يصبح تطوّع الشباب، للمشاركة في أية حرب خارجية، السبيل الوحيد أمامهم، بعد أن سُدت بوجههم كل الطرق”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.