أصبح الحديث عن الأزمات التي تعيشها البلاد، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، مصدر قلق للسوريين. حيث ضربت عاصفة مطرية قبل أيام عموم المدن السورية، لا سيما المحافظات الساحلية، ونتيجة لذلك تعرضت الشبكة الكهربائية في عدد من المدن إلى أعطال متعددة، بالإضافة إلى حالات سرقة كبيرة طالت الأسلاك الكهربائية.

30 حالة سرقة في حمص وحدها!

تعرضت الشبكة الكهربائية في محافظة حمص إلى أعطال متعددة نتيجة الأحوال الجوية السائدة خلال اليومين الماضين إضافة إلى 30 حالة سرقة طالت “الأمراس النحاسية” الموجودة في المحولات والأسلاك الكهربائية.

كذلك، سقط برجي كهرباء في كل من خربة غازي بريف حمص الغربي والغسانية بريف حمص الجنوبي، وعمود خشبي بقرية سكرة شرق حمص، إضافة إلى 40 عطلا على خطوط التوتر الكهربائي المنخفض والمتوسط في مناطق متفرقة من المحافظة.

وأفاد مدير عام شركة كهرباء حمص بسام الرفاعي لموقع “أثر برس” المحلي، بأنه نتيجة الأحوال الجوية السائدة خلال اليومين الماضيين تضررت الشبكة الكهربائية العامة في المحافظة إضافة إلى تعرضها للسرقة، وأن سرقة الأسلاك الكهربائية تؤثر على الواقع الكهربائي، وبيّن أن الشبكة تعرضت إلى 30 حالة سرقة للأمراس الكهربائية النحاسية في المدينة والريف وسرقة تجهيزات مركز تحويل “هدول في حي جب الجندلي” خلال اليومين الماضيين.

وحول الواقع الكهربائي في حمص أوضح الرفاعي، أن انخفاض كمية الطاقة المستجرة نتيجة ظروف الشبكة الراهنة والأعطال المتكررة أثرت بشكل عام على الواقع الكهربائي مشيرا إلى أنه يتم معالجة الأعطال وفق “الإمكانات المتاحة”.وتعرض محولات الكهرباء لسرقة كافة محتوياتها التي يمكن استخدامها ولو بشكل ضئيل في عدة مناطق في المحافظات السورية، خاصة في طرطوس واللاذقية وحمص خلال اليومين الفائتين، نتيجة الأحوال الجوية السيئة وتقنين الكهرباء لساعات طويلة.

وضربت عاصفة مطرية في اليومين الماضيين طرطوس، الأمر الذي أضر بالشبكة الكهربائية المتهالكة، حيث انهار العديد من جسور التوتر العالي، على خطوط (الهني، والباشا، وجنينة رسلان) وانهيار بوتيك خشبي بطول 12م على خط الهني، وكذلك انقطاع شبكات توتر منخفض في الجمعية السكنية.

وأدت هذه الأضرار إلى انقطاع الكهرباء عن أغلب مناطق الساحل السوري، وتعرضت الشبكات الكهربائية في سوريا، للعديد من عمليات التعدّي والسرقة، تطال الأكبال الكهربائية، ما يؤدي إلى مزيد من الانقطاع في الكهرباء، فضلا عن الأضرار المادية.

قد يهمك: وفاة بسبب قطعة حلوى بدمشق.. وإسعاف حامل بـ جرّافة في اللاذقية

دون رقيب أو حسيب

يعاني سكان المدن الساحلية، وخاصة محافظة اللاذقية، من معاناة جمة، والتي أصبحت أشبه بمدن الأشباح، من حيث تدهور الخدمات فيها، بدءا من الواقع الكهربائي السيئ قبل عدة سنوات، فضلا عن الانقطاع المتكرر للمياه، إلى جانب أزمات أخرى، مثل المواصلات والخبز والغاز وغياب الرقابة على التموينية وما إلى ذلك.

يقابل كل ذلك، تصريحات حكومية أقل ما يمكن وصفها بغير الجدية وغير المسؤولة تأتي من وقت لآخر من هذا المسؤول أو ذاك، واعدين بتحسين الخدمات ومن ضمنها طبعا الكهرباء، ولكن حتى الآن لا نرى سوى كلام و وعود في الهواء.

وبحسب مصادر إعلامية محلية، فوضع المدينة أفضل بكثير من الأرياف فالوضع هناك أكثر سوء، حيث تعاني من عدم توفر الكهرباء، وتأتي بمعدل وسطي (8 ساعات تقنين يقابلها ربع ساعة وصل)، فضلا عن كثرة الأعطال، وأحيانا تغيب الكهرباء لعدة أيام عن مناطق واسعة في المحافظات الساحلية السورية.

أما عن استجابة طوارئ الكهرباء لنداءات الأهالي، فبالطبع معالجة طوارئ الكهرباء للأعطال تكون فقط “ترقيع” ليس إلا، إذ لا تكاد “ترقع” حتى يعود العطل من جديد، وفقا للسكان المحليين من تلك المناطق.

كل هذه الأسباب، وبظل غياب أي دور حكومي، أدى إلى انتشار سرقة الكابلات الكهربائية بشكل واسع، وذلك في وضح النهار، على حد قوله أحد المواطنين لموقع “المشهد” المحلي، وذلك حدث فعلا في مناطق متفرقة من المحافظة منها (سقوبين وجبلة و”بسيسين” و”أم درغام ، ودمسرخو “مركز تحويل المؤسسة” ومركز تحويل منشرة الهنادي، والطابيات واسكنتوري مركز تحويل الهواري وبسنادا)، بمحافظة اللاذقية.

وتروي “رهف” احدى السكان المحليين لموقع “المشهد” المحلي، أنه منذ مدة انقطع التيار الكهربائي مدة تقارب 3 أسابيع عن شارع بأكمله في منطقة بسنادا، مما اضطرهم لأخذ خط “سرقة” لحين إصلاح الخط الأساسي، بينما ذكر المواطن “حسن” من نفس المنطقة أن الكبل الرئيسي تعرض للاشتعال أكثر من مرة، ولم يستجب عمال الطوارئ لنداءات الأهالي المتكررة، وأرقامهم غالبا خارج التغطية أو مشغولة.

وبحسب “طبيب أسنان” من طرطوس، أفاد للموقع الإعلامي المحلي، أن المعاناة مستمرة وعلى مدى الفصول الأربعة من السنة، فالعواصف ليست هي السبب الوحيد على حد تعبيره، فثمة ما يتداوله الناس عن لسان مسؤولين يشير إلى نقص في الفيول والغاز، وهذا قبل بدء الأزمة الأوكرانية التي من المحتمل أن تؤثر سلبا أكثر في الفترات القادمة، وهذا ما سيعطل العمل، وخاصة مع صعوبة تأمين مادة المازوت وارتفاع تكلفتها، وبالتالي سنكون مضطرين للضغط أكثر على المواطن ورفع تكاليف العلاج.

لماذا الأسلاك الكهربائية؟

تقدر قيمة هذه المعدات بمبالغ كبيرة، كون مادة النحاس غالي الثمن، وقد اتخذه منذ القدم الكثير من السوريين مهنة وباب رزق لهم، من التجار والحرفيين والصناعيين، حتى الآن هناك من يبحث في الأماكن العامة للخردوات أو عبر حاويات القمامة عن الأسلاك النحاسية. لتجميعها ومن ثم بيعها، حيث يقدّر كيلوغرام الواحد بـ 60 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 15 دولارا.

وتأتي هذه السرقات التي ظهرت بالتزامن مع الظروف الاقتصادية الهشة منذ بدأ الحرب السورية. فأولئك الذين يسرقون يعرفون جيدا ما التبعات التي ستترب عليهم إذا تم القبض عليهم من قبل الشرطة، ولكن في ظروف المعيشة السيئة، يضطر الكثيرون إلى التمسك بأقل ما هو متاح أمامهم.

وبدلا من أن تقوم الحكومة بتخفيف العبء عن المواطن وتقديم الحلول لمعالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي، فإنها تذهب وتصدر قرارات تجعل من الصعب على السوريين إدارة شؤونهم اليومية. وقد رفعت مؤخرا أسعار معظم السلع والخدمات الأساسية، وأبرزها الكهرباء، والوقود والغاز، والعديد من المواد الغذائية، مما أثر سلبا على جميع المواد والخدمات في الأسواق، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار.

قد يهمك: تدهور الكهرباء في مناطق الساحل السوري بسبب السرقات والأمطار

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.