في مسعى جديد لمحاسبة السلطة الحاكمة في سوريا، يأتي بعد قانون “قيصر” الذي صدرت أولى حزمة عقوبات منه منذ قرابة العامين، أدلى الشاهد السوري المعروف باسم “حفّار القبور”، أمام الكونغرس الأمريكي مساء يوم الأربعاء الفائت. بشهادته حول المقابر الجماعية التي أنشأتها حكومة دمشق لإخفاء جثث ضحايا التعذيب في السجون والمعتقلات، ومختلف المجازر التي ارتكبها بحق المدنيين في سوريا.

قانون جديد على غرار قانون “قيصر”

وعمل فريق منظمة “عمل الطوارئ السورية”، على مجيء “حفّار القبور” إلى واشنطن ليدلي بشهادته أمام الكونغرس الأميركي حول المقابر الجماعية في سوريا التي تتقاطع مع ما أدلى به الشاهد “قيصر” وصور الضحايا الشهيرة التي تقدم بها إلى الكونغرس.

كما نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، يوم الأربعاء الفائت، تحقيقا، تظهر فيه شهادة “حفّار القبور” وإرفاقها مع أقوال شهود آخرين حول جرائم الحرب في سوريا، واستطاعت الصحيفة خلال تحقيقها، من تحديد موقع مقبرتين جماعيتين، من المتوقع أنهما تضمان آلاف الجثث لسوريين قتلوا في سجون تابعة للحكومة السورية.

وحول ما إذا كانت شهادة “حفّار القبور”، تحمل بوادر صدور قانون جديد لمحاسبة الحكومة السورية على غرار “قيصر”، يقول الباحث السوري بالمركز الدولي للعدالة الانتقالية، قتيبة إدلبي، “في الوقت الحالي لا توجد بوادر لإصدار قانون جديد لمحاسبة (النظام السوري) شبيه بقانون “قيصر”.

وأردف إدلبي، خلال حديثه لموقع “الحل نت”، فالوضع السياسي الأمريكي الداخلي، بعيد جدا عن الجو السياسي الذي شهدناه في سنوات سابقة من ناحية وجود شخصيات مناصرة بشكل كامل للشعب السوري وتطلعاته في الحرية والديمقراطية، ممكن أن تأخذ عبء العمل على تحريك قانون مثل قانون “قيصر” وتمريره من خلال مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكي. بالإضافة إلى الانشغال الأمريكي والدولي بما يحدث في أوكرانيا اليوم.

يتفق مع الرأي ذاته، السياسي والمعارض السوري، أيمن عبد النور، “حقيقة، الآن الإدارة الأمريكية و”الكونغرس” منشغلان بالأزمة الأوكرانية، لذا فإن قضية التفرغ لإصدار قانون جديد مماثل لقانون “قيصر” صعب جدا، لكن هناك مشروع قرار أمريكي جديد لمحاسبة السلطة الحاكمة في سوريا، الذي قدمه الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي جو ويلسون والديمقراطي فيسينتي غونزالز، وهذه خطوة جيدة للغاية في هذا الوقت”.

وفي تقدير السياسي السوري المقيم في أمريكا، “حاليا الإدارة الأمريكية تدرس مشروع القرار الجديد المقدم من الحزبين “الجمهوري” و “الديمقراطي” الأمريكي، والذي يطالب بالاعتراف بالثورة السورية، ويؤكد على أن سياسة الولايات المتحدة هي دعم جهود الشعب السوري للوصول إلى سوريا حرة ديمقراطية، إضافة إلى معارضة محاولات التطبيع بالعلاقات لأي دولة مع دمشق، والتركيز على تطبيق قانون “قيصر””.

وأشار السياسي السوري إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى الآن وتركز على فعل أي شيء لمضايقة الوجود الروسي في سوريا.

قد يهمك: مشروع قرار أميركي جديد حول سوريا.. ما علاقة بوتين والأسد؟

المأساة السورية لم تنته

الباحث السوري بالمركز الدولي للعدالة الانتقالية، قتيبة إدلبي، أفاد تعليقا حول شهادة وزيارة “حفّار القبور” إلى “الكونغرس” الأمريكي في هذا الوقت، “إن زيارة “حفّار القبور” إلى واشنطن تأتي في سياق التأكيد على أن المأساة السورية لم تنته بانخفاض مستوى العنف وأن هناك عشرات الآلاف من السوريين و عائلاتهم ما زالوا ينتظرون العدالة لأحبائهم أو معرفة مصير من فقدوهم”.

وخلص حديثه بالقول: “كل ذلك يساعد في النهاية كبح جماح أي جهود تسعى لتعويم حكومة دمشق وتخفيف حدة التعامل معه”.

هذا وكان “حفّار القبور” قد أدلى بشهادته، خلال جلسات محاكمة الضابط السابق في مخابرات الحكومة السورية أنور رسلان، وضابط الصف إياد الغريب، في مدينة كوبلنز غرب ألمانيا في عام 2020، وأثارت شهادته حينذاك، كثيرا من الصدمة داخل قاعة المحكمة ولدى الصحافيين الألمان الذين كانوا يستمعون لشهادته، وأعادت إلى أذهانهم كثيرا من الصور المألوفة في ألمانيا، في بلد ما زال يعيش وصمة جرائم النازيين.

وبحسب تحقيق “نيويورك تايمز” المنشور قبل يومين، روى الشاهد “حفّار القبور”، أنه عمل قبل الحرب موظفا تابعا لوزارة “الإدارة المحلية” في حكومة دمشق، يشرف على عمليات دفن المدنيين.

وفي أواسط عام 2011 جندته الأجهزة الأمنية للتخلص من الجثث التي تأتي من المشافي بعد نقلها من المعتقلات، وأضاف أنه مارس هذا العمل طوال ست سنوات في موقعين يضمان مقابر جماعية.ويقع الموقع الأول للمقابر الجماعية، وفق التحقيق، في مقبرة “نجها” المدنية، لمدة سنتين تقريبا، وهي بلدة تقع جنوبي دمشق والثانية بالقرب من قاعدة القطيفة التابعة لجيش الحكومة السورية شمال العاصمة دمشق.

https://twitter.com/joeyayoub/status/1504421151660982280?s=20&t=hApQwOUcyGsNoMJLjR64TQ

ونوّه الشاهد إلى أنه كان يشرف في بداية الأمر على عمل بعض العمال الذين يدفنون أعدادا قليلة من الجثث، ولكن مع تطور النزاع وتحوله باتجاه العنف، زادت أعداد الضحايا وتحول “حفّار القبور” إلى ما وصفه بـ “ترس من التروس” التي تعمل ضمن آلة الموت داخل منظومة الحكومة السورية.

وأشار الشاهد، إلى أنه تلقى أوراقا من المستشفيات توضح عدد الجثث التي جاءت من مركز الاحتجاز، وقال: “سجلت هذه الأرقام في دفتر بمكتبي، لكنني تركت تلك الأوراق هناك عندما هربت من سوريا عام 2017”.

وأضاف: “خلال سنوات عملي في المقابر الجماعية، قام فريق العمل بتفريغ شاحنتين نحو مرتين أسبوعيا، تحمل كل منهما 150 جثة إلى 600 جثة، كما تلقى الفريق عشرات الجثث أسبوعيا”.

قد يهمك: اجتماع أميركي مع قيادات “قسد” و”مسد”.. ما الذي دار بينهم؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.