يحتفل السوريون كما هو الحال في عديد دول المنطقة، بعيد الأم في 21 آذار/مارس من كل عام، حيث يقدمون عادة الهدايا والورود لأمهاتهم تعبيرا عن حبهم لها، بالإضافة إلى إقامة حفلة أو “جمعة بسيطة” داخل البيوت للاحتفال بالأم.

وشهدت الأسواق نوعا من الازدحام من أجل شراء ما يمكن شراؤه من الهدايا للأمهات، لكن الأسعار كالعادة “خيالية” وتفوق قدرة الناس، خاصة وأن الظروف المعيشية في عموم سوريا صعبة ولا يكاد المرء يؤمن لقمة العيش.

هدايا تفوق راتب الموظف

شهدت مختلف الأسواق في دمشق هذين اليومين، ازدحاما كبيرا لشبان وفتيات يحاولون البحث عن هدية متوسطة إلى منخفضة التكلفة، وفي نفس الوقت تنال إعجاب أمهاتهم “ست الحبايب”.

وبالقاء نظرة على الأسعار في الأسواق، نجد أن تكلفة الحقائب على سبيل المثال وهي هدية مرغوبة لدى الأمهات، فتراوحت أسعارها وسطيا ما بين 30-80 ألف ليرة سورية وقابلة للزيادة في حال كانت أصلية وجلدها أجنبي، أما البيجامات الشتوية لم تطلها التنزيلات كثيرا، فبقيت أسعارها تزيد عن 40 ألفا وترتفع حتى تتجاوز 100 ألف في بعض الأحيان، وفقا لموقع “أثر برس” المحلي، مساء يوم أمس السبت.

في حين تراوحت أسعار “الجلابيات” أو الثوب العريض والطويل الفضفاض، القماشة الصيفية منه تبدأ من 20 ألفا، والشتوية من 40 ألفا وقد تتجاوز 200 ألفا إن كانت مُطرزة يدويا، وذات جودة جيدة، ويوجد أنواع أخرى وهي ذات الجودة الممتازة ويصل تكلفتها لأكثر من هذه المبالغ.

لكن يبدو أن الكثيرين وجدوا ضالتهم في شراء الحلويات، فالوفود البشرية لا تقل عددا في سوق “البزورية” الدمشقي، ومع هذا المبالغ تفوق القدرة الشرائية للكثيرين، فعلى سبيل المثال سعر (كيلو اللوزينة بـ 30 ألف ل.س، والشوكولا المتوسطة الجودة بـ34 ألف ل.س، والراحة بالمكسرات بـ35  ألف ل.س)، بحسب ما نقله الموقع المحلي.

فضلا عن أن البعض يجد في الأواني المنزلية هدية لعيد الأم والتي يستطيع أن يختار نوعا منها يتناسب ومقدرته الشرائية، لكن حال الأسعار في السوق لم يشهد هذا الغلاء والارتفاع الكبير، ففي أحد المحلات يباع طقم طناجر “الغرانيت” بـ450  ألف ليرة سورية، ودزينة الكاسات تبدأ من 40 ألفا وصولا لـ 150 ألفا، وكاسات شاي بـ45 ألفا.

في حين أن راتب الموظف السوري لا يتجاوز عتبة الـ 100 ألف سوري، أي ما يقرب من 30 دولارا، فمن أين سيشتري هذا الموظف هدية لوالدته في يومها، يتساءل الكثير من الناس في ظل هذه الظروف المعيشية البائسة.

حيث بات شراء هدية في أي مناسبة وليس فقط في عيد الأم تكلفهم مبالغ طائلة، وهذا بالتأكيد يفوق قدرة السوريين، خاصة وبحسب تقارير دولية مؤخرا، 90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.

قد يهمك: فشل “الخطة البديلة” أمام حرب الغلاء في سوريا

تبديل قطعة بأخرى!

وفي محال الصاغة، والتي تجد في عيد الأم موسما لعملها نوعا ما، فزبائنهم إما يشترون أو يبدلون قطعة بأخرى، أو حتى يبيعون في سبيل شراء هدية بسيطة بسعر أخفض لأمهاتهم. وكذلك الأمر في محلات الفضة، فمن لم يجد له مكانا في محلات الذهب حاول الوصول إلى هدية جيدة في محلات الفضة، فوسطيا وصل سعر إسوارة الفضة إلى 30 ألف ليرة سورية، وسعر الطوق كاملا 50 ألفا.

ويبلغ سعر غرام واحد من الذهب 205 ألفا ليرة سورية، وهذا يفوق راتب الموظف الحكومي أضعافه، وبالتالي شراء هدايا مثل الذهب للأمهات في عيدهن، ضرب من الخيال على السوريين عموما، فبات شراء هذه الهدية مقتصرا على الطبقة الغنية فقط، والتي نسبتهم أساسا في سوريا ليس كبيرا.

وبذلك لا يختلف عيد الأم هذا العام عن أي مناسبة أخرى، فالوضع الاقتصادي لم يختلف، والأسعار إلى ازدياد، والأسواق كما هي تترجم شوق الكثيرين للنزول إليها وشراء ما تشتهي له النفوس للأمهات وإدخال السعادة والمحبة لقلوبهن.

وكان قد أعلنت وزارة الصناعة السورية، قبل يومين، تخصيص مكافأة مالية للسيدات العاملات في المؤسسات والشركات التابعة للوزارة، بمبلغ لم تتجاوز قيمته 6 دولارات، وذلك بمناسبة عيد الأم الذي يصادف في 21 آذار/مارس الذي أثار سخرية وانتقاد حاد للحكومة.

وقالت الوزارة في منشور عبر صفحتها على منصة “فيسبوك”، “بمناسبة يوم المرأة وعيد الأم وجه وزير الصناعة زياد صباغ، بمنح كافة العاملات في وزارة الصناعة والمؤسسات والشركات والجهات التابعة لها مكافأة تقديرية لما يبذلنه من عطاء وتفاني“.

وتعاني البلاد من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، في وقت تشهد فيه الأسواق ارتفاعا في كافة أسعار السلع والمواد الغذائية، بدأ منذ مطلع شباط/فبراير الماضي، عقب قرار الحكومة إلغاء الدعم، وساهم الغزو الروسي لأوكرانيا بزيادة أخرى في الأسعار، ترافقت مع نقص حاد في بعض المواد، وخاصة الزيت النباتي.

قد يهمك: بمناسبة عيد الأم.. 6 دولارات فقط مكافأة عاملات سوريات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.