ليس من السهل على من يعانون من ضعف الموارد، أن يستيقظوا كل يوم لمواجهة موجات “تسونامي” التي تسحق كل شيء في طريقها وتترك الناس، وخاصة أرباب العائلات، في حيرة من أمرهم.

الحكومة السورية كانت على موعد مع مكافحة الغلاء الجنوني، لكن محاولات تجويع السوريين خير دليل على عدم قدرتها على اتخاذ خطط بديلة،  فأزمة الزيت خير دليل على فشل الحكومة في مواجهة أزمات الغلاء وإلقائها باللوم على الممارسات الاحتكارية حتى تبعد نفسها عن المساءلة.

الحكومة السورية غير مدركة للغلاء

تفاقم الوضع بسبب اتساع فجوة الفقر، واتساع الفجوة بين الدخل والإنفاق، وتراجع القوة الشرائية لليرة، وجنون الأسواق وخروج حيتان الاقتصاد عن السيطرة، يبدو أنه على عكس التصريحات الحكومية التي تبدو متغافلة عن واقع الموقف وخطورته وعواقبه الوخيمة المحتملة.

في هذا الصدد تشير صحيفة “البعث” المحلية، إلى أنه ربما أدت السرعة التي تم بها تنفيذ قرار تحويل المساعدة إلى متلقيها، وكذلك العيوب المصاحبة في قواعد البيانات المستخدمة، إلى فقدان الدعم والسيطرة على السوق المحلية في سوريا.

ولكن بمجرد أن يصل الوضع إلى حالة من الفوضى والتهور، ترى الصحيفة أنه لا بد من صحوة رسمية ذات صلاحيات غير عادية لمحاصرة تجار الأزمات والمحتكرين وتفكيك شبكات الغلاء، حتى تستطيع الحكومة السورية من إعادة القطار إلى السكة وحصار المتاجرين بلقمة الناس وتفاصيل حياتهم. على حد وصفها.

وتعتقد الصحيفة، أنه هذا الأمر لا يمكن القيام به إلا بحضور حكومي قوي. عبر شن حرب مفتوحة على الأسعار الباهظة، إذ تتحمل الحكومة السورية والمؤسسات والجهات المختصة والفريق الاقتصادي ما حدث من الغلاء ويحدث. حيث لا يجوز وفق تصورها إرجاع مشكلة الحرب في المعركة الاقتصادية.

كما دعت الصحيفة، السوريين الذين تحملوا وتغلبوا على مدى 11 عام على الأزمة الاقتصادية، محاربة أمراء الحرب وألا يسمحوا لقلة من المستغلين بالانتصار عليهم بحرب المجاعة الشرسة. مضيفة “وهذه بالدرجة الأولى مسؤولية الدولة بكل ما للكلمة من معنى”.

للقراءة أو الاستماع: سوريا.. أسعار المواد الغذائية لن تنخفض في رمضان

لا خطة طوارئ

لم تظهر الحكومة السورية أولئك الذين يصوغون خططا ذات ألوان زاهية واستراتيجيات اقتصادية لمواجهة الغلاء، لأنها ووفقا للمراقبين للشأن السوري المحلي، لم تلِ حتى القليل من الاهتمام للخطة “ب” – وهي خطة الطوارئ في حال عدم نجاح الخطة الرئيسية للحكومة.

فعلى الرغم من حقيقة أنها خطة طوارئ للتعامل مع أي صعوبة تتعلق بحياة الناس. يشير هذا إلى أنه معدلات العمل والتنفيذ في المشاريع التنموية منخفضة، حيث تظل في حدودها الدنيا، لا سيما بعد توقف العديد من المصانع عن العمل بسبب نقص الحيلة والرؤية الصحيحة لمعايير ومكونات النجاح.

ومع العلم أن الحلول البديلة ليست كذلك أقل جودة من الأصل، وتحقق الهدف بمواصفات جيدة لفترة طويلة من الزمن حتى تسمح لهم الظروف باعتماد الأفضل، لكن الحكومة السورية لم تفعل ذلك، طبقا لذات الصحيفة.

ولسوء الحظ، أظهرت الحقائق أن الخطأ في عقلية الحكومة الاقتصادية هو أنها لا تأخذ في الاعتبار التأثير على المدى الطويل. كما لو أنها تعمل وتعيش ليوم واحد، مما يعني أنها لا تتعامل مع منطق إدارة الأزمات بشكل مناسب.

ومع أن البلاد مرت بأزمات اقتصادية متتالية، فلم تتعلم الحكومة من دروسها القاسية. كما أنها لم ننجح في احتواء آثارها، لا سيما الاقتصادية منها. ونتيجة لذلك فإن البلاد تواجه الآن صعوبات اقتصادية يصعب تحملها. في وقت تعلن فيه الحكومة من المنابر ألا خوف على الأمن الغذائي الفترة المقبلة. في حين أنها لا تستطيع إدارة ملف الخبز، على سبيل المثال.

وانسجاما مع النقاط السابقة، فإن الإجابة الوحيدة على جميع المشكلات في سوريا، هي التخطيط الجيد والتنظيم على المسارين قصير المدى وطويل الأجل بناء على جميع الخيارات. حيث لم تعد الحكومة قادرة على تحمل المزيد من التجارب وتبديد الوقت والمال.

للقراءة أو الاستماع: أسواق خيرية لمواجهة الغلاء الفاحش في سوريا

طمأنات غير مجدية

وعلى الرغم من ادعاء الحكومة السورية في عقد الاجتماعات وإصدار القرارات التي من موجبها أن تحمي اقتصاد البلاد، لكنها ليست سوى حبر على ورق. فقد شهدت البلاد تدهورا في الأسعار وتراجعا كبيرا في الليرة السورية أمام العملة الأجنبية. فضلا عن فقدان بعض المواد الغذائية من الأسواق وفوضى كبيرة في الأسعار. إضافة إلى انتشار قضايا الفساد والاختلاس والتهريب التي طالت العديد من المسؤولين الحكوميين مؤخرا.

كتب وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السوري، عمرو سالم، منشورا على صفحته الشخصية عبر منصة “فيسبوك“، اليوم السبت، مبررا ارتفاع الأسعار الحاصل في سوريا، “تتأثر سوريا بلا شك بارتفاع الأسعار العالمية بالنسبة للمواد المستوردة، لأنها تستورد بكميات صغيرة ومتلاحقة بسبب العقوبات التي تؤثر على عدد السفن والبواخر التي تأتي إلى مرافئنا”.

وقال الوزير السوري، بأنه لا انقطاع مرتقب من القمح بسبب الأزمة الأوكرانية. نظرا لأن سوريا لا تستورد القمح من أوكرانيا. وموضحا عبر صفحته الرسمية: بأن وضع مخزون الـقمح في سوريا بخير، وفق تعبيره.

لكن مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سائر شيحا، كان قد أفاد لموقع “أثر برس” المحلي، في وقت سابق، بأن سعر طن القمح ارتفع منذ بداية الأزمة الأوكرانية حوالي 4-6 أضعاف من بلد المنشأ، وبات يكلف كثيرا ليصل إلى سوريا.

ووفق متابعات “الحل نت”، إنه هناك مخاوف شعبية في عموم سوريا، من أن تطول الحرب في أوكرانيا. لأن ذلك سيؤدي إلى تفاقم تأثيراتها على المواطنين فأكثر من 90 في المئة منهم تحت خط الفقر، وفقا لتقارير دولية.

وتشهد الأسواق السورية غلاءا حادا، مما يزيد من الأعباء على السوريين مع قرب حلول شهر رمضان. في وقت تشهد سوريا أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تدفع الحكومة السورية أسبابها باتجاه الحصار والمؤامرات الخارجية.

للقراءة أو الاستماع: “العز للبرغل والرز لساته غالي”.. أسعار مرتفعة في السوق السورية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.