مع دخول سوريا عامها 11 في الحرب، وتراكم الأزمات الاقتصادية، يبدو أن حزب “البعث” السوري، بات يبحث عن قضمة من كعكة الحرب التي أنتجت تجار وحيتان في مجالات متعددة من الاقتصاد السوري، لا سيما وأن الحياة السياسية في سوريا كانت ولا تزال في ضياع، مع توقف الحل دوليا خلال الفترة الحالية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

5 مشاريع في دمشق

بحضور عضو القيادة المركزية للحزب، عمار السباعي، وهلال الهلال، مساعد الأمين العام لـحزب “البعث”، ووزير السياحة، محمد مارتيني، تم افتتاح فندق “مدينة الياسمين”، أحد مشاريع منتديات الاستثمار السياحي، في مدينة الشباب بدمشق ، بتكلفة استثمارية 8 مليارات ليرة سورية.

السباعي، أوضح في تصريح صحفي، أن المشروع هو ثمرة تعاون بين حزب “البعث” والقطاع الخاص في الدولة، حيث يعمل القطاع الخاص كشريك أساسي، مشيرا إلى أن السياحة جزء مهم من الدورة الاقتصادية لتوليد فرص العمل، وتحقيق الدخل.

وأشار السباعي إلى استمرار التعاون في هذا المجال، وأن العمل في المشاريع المستقبلية جاري بالفعل بالتعاون بين القيادة المركزية للحزب والقطاعين العام والتجاري.

وبحسب وزير السياحة، فإن “المشروع افتتح ضمن توجه الحكومة لدعم هذا النوع من الاستثمار، وأن المشروع يتبع نظام “آر أو تي” والذي يشمل التأجير والتأهيل والاستثمار والعودة نهائيا للمالك، رغم حقيقة أن المشروع مملوك لحزب البعث.

وفي معرض حديثه الذي نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الاثنين، بيّن مارتيني، أن هناك خمسة مشاريع، جزءا من إجمالي 26 مشروعا استثماريا سياحيا استؤنفت أو توقفت أو تم التعاقد عليها في السنوات الأخيرة، وتشكل شركات الاستثمار الوطنية غالبيتها بالشراكة مع الحزب.

وأكد مارتيني، أن المشاريع الخمسة يبلغ مجموعها 1000 سرير فندقي جديد، وكان مشروع “مدينة الياسمين” هو الأول، بقيمة استثمارية 8 مليارات ليرة، وبطاقة 240 سريرا فندقيا، مما يوفر حوالي 200 فرصة عمل جديدة، مبينا أن الفندق يضم 110 غرفة.

للقراءة أو الاستماع: كيف تسبب دلال “حيتان” الاقتصاد السوري بارتفاع الأسعار؟

“سوا منعمرها”.. شعار يتخفى خلفه الحزب

خلال الانتخابات الرئاسية السابقة والتي فاز فيها الرئيس السوري، بشار الأسد، أطلقت عدة صفحات إعلامية حملة بعنوان “الأمل بالعمل”، وظهرت حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم الحملة، ولاقت آلاف الإعجابات.

https://twitter.com/AsharifELidrisi/status/1505214187332644877?s=20&t=iJsxmSlwxvVPBucz9KYWfQ

كما أن اللافت في الأمر، من شارك بهذه التحركات، هم شخصيات حزب “البعث”، وشخصيات عسكرية وسياسية. ما يؤكد توقعات رجل الأعمال السوري، منير الزعبي، أن الشخصيات المتنفذة في الحزب تريد إضفاء مشروعية على أموالهم. عبر خلق عملية إعادة الإعمار في شكلها الحالي، وبأنها بيئة مناسبة لتبييض أموالهم ذات الصلة بالأعمال التجارية.

ويشير الزعبي، في حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن فرض سيطرة حزب “البعث” تتم من خلال بنية تحتية أمنية واسعة ومتداخلة. كما يؤثر تقلب وفساد هذه الأجهزة على كل جانب من جوانب الحياة العامة، بما في ذلك التجارة.

وكان الحزب قد تعهد في السنوات الأخيرة بالمشاركة في منظومة تغييرات متواضعة تهدف إلى توسيع القطاع الخاص لجذب الاستثمار الدولي. وبرأي الزعبي، فإن هذه الكلمة تكاد تكون عديمة الجدوى في غياب سيادة القانون. وبدلا من ذلك، عززت هيمنة الأقطاب الأقوياء، الذين اكتسبوا قوتهم من روابطهم السياسية بالاقتصاد.

وأوضح رجل الأعمال، أن تحرك الحزب الحديث هو لركوب موجة الأزمة الاقتصادية في سوريا والاستفادة منها. لأن ذلك ليس جديدا على الحزب وأعضائه. فسابقا، مع صعود الحزب بعد تولي حافظ الأسد، مقاليد الحكم في البلاد، مهد الهيكل السياسي في سوريا الطريق لأعضاء الحزب وعائلاتهم المباشرة لتجميع الثروة والسلطة.

وساهم هذا النهج الوراثي، في ​​إعادة تشكيل النظام الطبقي وخلق برجوازية جديدة. فتم تهميش البرجوازية السابقة، التي كانت تتألف من ملاك الأراضي والنخبة الحضرية. واستبدلت بـ “برجوازية صغيرة” تضم بشكل أساسي البعثيين التقليديين.

للقراءة أو الاستماع: قانون الطاقة المتجددة: “بشار الأسد” يُمهّد لولادة حوت اقتصاد جديد؟

بقاء حزب “البعث” السوري

خلال ما يقرب من خمسة عقود في السلطة، تطور حزب “البعث” السوري من حركة قومية عربية إلى منظمة واسعة النطاق تسللت إلى كل جانب من جوانب الحياة العامة. إذ تأسس الحزب عام 1947 على يد ميشيل عفلق، وهو مدرس سوري، كما حازت علامته التجارية القومية العربية الراديكالية على أنصار في جميع أنحاء المنطقة.

جذب شعار الحزب الأول “الوحدة والحرية والاشتراكية” جيلا من النشطاء السياسيين العرب الذين أرادوا الإطاحة بالحكومات المدعومة من أوروبا في الشرق الأوسط وإنشاء اقتصاد صناعي حديث. وكانت المجموعات الضعيفة اقتصاديا تأمل في أن يؤدي النظام الاشتراكي إلى توزيع أكثر إنصافا للثروة والسلع والخدمات.

كما وتم حجز العديد من المناصب في القطاع العام والجيش والحكومة للبعثيين بشكل عام، مما ساعد على تعزيز عضوية الحزب. بحلول عام 1981، انضم حوالي 375000 شخص إلى الحزب. بحلول عام 2010، ورد أن هذا العدد قد ارتفع إلى 1.2 مليون، ما يقرب من 10 بالمئة من السكان.

وخلال الأزمة الاقتصادية، لم يظهر الحزب أية مشاريع أو خدمات لتقليل آثارها على المواطنين. حتى إنه لم يحاسب الحكومة على إخفاقها في تلافي التأثيرات الاقتصادية. بل اكتفى بالمطالبة عبر أعضائه في مجلس الشعب بتخفيف الأسعار، وفتح باب الاستيراد لرجال الأعمال، دون تحرك ملحوظ كحزب سياسي داخل البلاد.

للقراءة أو الاستماع: أبو علي خضر: أموال جديدة تضاف إلى رصيد حوت الاتصالات الجديد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.