عيّن تنظيم “داعش” في آذار/ مارس الجاري، قائده الجديد مؤكدا مقتل زعيمه السابق “أبو إبراهيم القرشي”، بعد شهر من مقتله في غارة شنتها القوات الخاصة الأميركية في سوريا مطلع شهر شباط/فبراير الماضي. إلا أن المبايعة التي لم يعلن تفاصيلها كمن ينص منهج الجماعات الراديكالية كان محط تساؤل، إذا ما كان الزعيم الجديد هو فقط لاستمرار عمل التنظيم، أم أن “داعش” بعد الخسارات التي تلقاها بات متبعثرا وفي أيامه الأخيرة.

البيعة بعد الانحلال

بما أن تنظيم “داعش”، هو أحدث مجموعة هجينة للمتطرفين الإسلاميين، يؤكد الشيخ محمود نبراس، أحد أعضاء مجلس شورى جماعة الدعوة والتبليغ في سوريا، أن التنظيم أساء إلى فهم تطبيق نهج البيعة منذ بداية ظهوره، واستمر في ذلك بعد مقتل قادته.

وبيّن نبراس، في حديثه لـ”الحل نت”، أن أداء البيعة لدائرة الحل والعقد انقسمت بعد القضاء على التنظيم مطلع عام 2019. حيث بات أغلب أعضائه الفاعلين متبعثرين بين عدة دول، في حين أن الواجب أن يكون هؤلاء في مكان واحد ويشهدون على مبايعة الزعيم. ثم يتم إعلان القائد أو الأمير لبقية الجماعة من أجل استكمال شروط البيعة.

وأوضح نبراس، أن تنظيم “داعش”، لا يعد الآن بمفهوم الجماعات الجهادية الإسلامية -بغض النظر عن تصنيفه إرهابيا وجرائمه التي ارتكبها- تنظيما جهاديا مكتملا. إذ يفتقد في منظومته حتى اللحظة، لمكان وأرض، بالإضافة إلى أن بنيته الهيكلية معدومة، أو أنها ليست موجودة الآن.

ومن المفترض وبحسب نبراس، فإن التنظيم حاليا لا يوجد فيه مجلس الشورى، وأهل الحل والعقد، والهيئة الشرعية، والهيئة الإعلامية، وبيت المال، والمجلس العسكري، والمجلس الأمني. إذ إن هذه الهيكلية هي التي تحكم وجود التنظيمات الراديكالية في المناطق التي تنشأ فيها.

للقراءة أو الاستماع: لماذا تأخر تنظيم “داعش” بالإعلان عن زعيمه الجديد؟

أزمة قيادة داعش

غياب تقاليد البيعة بعد موت البغدادي (أواخر عام 2019)، يرجع سببه الخبير العسكري العراقي، حاتم الفلاحي، إلى الانقسام الداخلي في التنظيم. والذي حاربه عبد الله قرداش -الاسم الحقيقي لزعيم التنظيم السابق- بعد توليه قيادة التنظيم بشكل مؤقت من قبل القادة العراقيين.

وأوضح الفلاحي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن تعيين قرداش عارضه أعضاء التنظيم من الجنسيات الأجنبية، لسببين: الأول هو السمعة السيئة التي اكتسبها خلال خلافة البغدادي. وأما السبب الآخر، فهو لرؤية الأعضاء في مجلس الشورى، أن التعيين جاء دون عقد جلسة الحل والعقد. فهي انحسرت فقط على الأعضاء المنحدرين من العراق.

وحتى تعيين الخليفة الجديد، أثار التساؤلات داخل أعضاء التنظيم ذاته. ما يعزز فرضية أن التعيين جاء اعتباطيا وليس على النحو المتعارف عليه منذ تأسيسه من قبل “أبو مصعب الزرقاوي”. وهذا بطبيعة الحال، يرجح كفة أن قادة التنظيم في الشرق الأوسط، ولا سيما سوريا والعراق، على خلاف عميق مع القادة الآخرين من الجنسيات الأجنبية. وفق منظور الفلاحي.

تقارير صحفية غربية، منتصف شهر آذار الجاري، قالت إن الزعيم الجديد لتنظيم “داعش” هو الأخ الشقيق لـ “الخليفة المقتول” الزعيم الأسبق للتنظيم “أبو بكر البغدادي”.

زعيم بلا اسم أو نسب

حيث جاء إعلان تعيين “أبو الحسن الهاشمي القرشي” في رسالة صوتية مسجلة نشرها التنظيم على الإنترنت بعد أسابيع من مقتل أبو إبراهيم القرشي، الذي خلف البغدادي في 2019، وكان ثاني رجل يحمل لقب “الخليفة” في التنظيم.

بعد وقت قصير من الإعلان عن تعيين الخليفة الجديد، أعلن أعضاء التنظيم على وسائل التواصل، التي يديرها “داعش” ولاءه للخليفة الجديد. وكتب “نبايع أمير المؤمنين وخليفة المسلمين أن المجاهد الشيخ أبو الحسن الهاشمي القرشي حفظه الله”. ثم حث المستخدم الآخرين على مبايعته، قائلا: “يجب على جميع الأنصار التعجيل بإعلان البيعة”.

واستجابة لدعوة الناطق الجديد بإسم تنظيم “داعش” للمقاتلين بمبايعة الخليفة الجديد، نشر مقاتلون لا يتجاوز عددهم 10 أشخاص في كركوك والعراق وغرب إفريقيا تقارير مصورة توثق مبايعة عناصر التنظيم. وهو تقليد مارسه مقاتلو “داعش” بعد إعلان الخليفة الجديد.

إلا أن المفارقة والتي ترجح أن الخلافات عميقة في التنظيم، برأي الفلاحي، أن أنصار “داعش” استهجنوا مقتل قادتهم. فيما تساءل آخرون عن هوية الزعيم المعين حديثا، وعن نسبه غير المعروف، مثل الخليفة السابق.

للقراءة أو الاستماع: وجود “داعش” ينحسر في سوريا.. كيف ينتهي تماماً؟

هل سينتهي التنظيم؟

على مدى الشهرين الماضيين، تصدرت أخبار تنظيم “داعش” عناوين وسائل الإعلام الدولية. ففي 3 شباط/فبراير، قضت القوات الأميركية الخاصة على زعيم التنظيم، “أبو إبراهيم القرشي” عبد الله قرداش، في سوريا. وذلك بعد أسبوعين من الهجوم الأهم للتنظيم على سجن الصناعة بمحافظة الحسكة.

وفي 10 آذار/مارس، قام التنظيم بتسمية زعيمه الجديد، أبو حسن الهاشمي القرشي، في محاولة لضمان استمراريتها وتجنب الانقسام المحتمل. إذ منذ تحييد اثنين من قادة داعش -أبو بكر البغدادي والقرشي- فقد التنظيم ملاذه في سوريا والعراق. وبات احتمال إعادة تأسيس “الخلافة” بعيد المنال لدى عناصره.

وأوضح الفلاحي، أن عودة التنظيم إلى دولته التي أنشأها عام 2014 لن يتكرر، إلا أن إنهاء التنظيم بشكل تام لا يمكن حاليا. إذ لا يزال التنظيم يحتفظ بخلاياه النائمة والذئاب المنفردة، التي يمكنها زعزعة الاستقرار لإثبات أهميتهم.

وأشار الفلاحي إلى أن قيادة التنظيم زرعة في عقول عناصرها بذرة لضمان استمرار تخريبهم. فبعد مقتل العديد من القادة البارزين “داعش” و”القاعدة”، بات بالنسبة للعناصر الجهادية، أنه من الطبيعي أن يموت القادة في نهاية المطاف، لكن الجهاد سيستمر عبر الأجيال. ولذلك يرى مراقبون، أنه لا تزال هذه الجماعات تشكل خطرا في الشرق الأوسط وخارجه.

للقراءة أو الاستماع: تراجع حضور “داعش” في المنطقة.. ما علاقة القرشي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة