يعتبر التهريب في أي دولة أحد أهم الأسباب التي تؤثر سلبا على اقتصاد البلد، لما في ذلك من ضرب للمنتجات المحلية، في حال كانت الدولة مستقرة اقتصاديا، لكن في سوريا غير المستقرة من أي ناحية، أصبح التهريب أحد أهم أساليب الاقتصاد غير الشرعي، والذي يتم بطرق مختلفة، ويراعي متطلبات الأسواق.

وأرجع مراقبون نشاط عمليات التهريب في سوريا لأسباب مختلفة، منها الفساد الإداري في المديرية العامة للجمارك، والعجز الحكومي عن تلبية احتياجات المواطن في ظل ارتفاع الأسعار الكبير، بالإضافة لذلك فإن التهريب بات يدار من شبكات منظمة متصلة بأشخاص مقربين من الحكومة، وهذا ما يجعل مكافحته في سوريا عملية شبه مستحيلة.

ونتيجة للنقص التي تعانيه السوق السورية، باتت المواد المهربة ملجأ الكثير من التجار المحليين، من أجل استمرار عملهم خاصة مع عدم وجود منتجات محلية مماثلة نتيجة الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عشر سنوات.

تهريب ببيانات قديمة

ومع بدء دخول شهر رمضان، يزداد الطلب في سوريا على أنواع محددة من المواد الغذائية، وخاصة التمور، والتي في الأصل يتم استيرادها من الخارج، ولكن وبسبب ارتفاع سعر المستورد منها يلجأ المواطنون لشراء التمور المهربة لأنها أقل ثمنا، وهذا ما ساهم بتنشيط حركة تهريبها في الآونة الأخيرة، إضافة لمواد غذائية أخرى.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “الوطن” المحلية عن مصدر في الجمارك، أنه مع اقتراب شهر رمضان ينشط تهريب عدد من المواد الغذائية ومنها التمور بسبب ارتفاع الطلب عليها خلال هذا الشهر، مضيفا أن معظم مخالفات التمور التي تم ضبطها خلال الفترة الماضية تتركز على حالات تزوير وخداع من بعض التجار الذين حصلوا على إجازات استيراد التمور خلال المرحلة الماضية، حيث يستغل البعض منهم البيانات الجمركية النظامية التي أدخلوا بموجبها كميات محدودة من التمور لتغطية كميات كبيرة أدخلت عبر التهريب، وفي كل مرة وعند أي مساءلة على الطرقات يبادرون لعرض البيانات الجمركية القديمة لديهم، وأن هذه المحاولات من الاحتيال والتزوير للبيانات الجمركية واللصاقات التي تحملها صناديق التمور سمحت بوجود الكثير من التمور المخالفة والمجهولة المصدر والتي دخلت من دون التحقق من سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك.

وحسب الصحيفة، فإن المصدر أضاف، أنه تم خلال اليومين الأخيرين ضبط عدة شاحنات تحمل مادة التمور، وتشتمل على مخالفات منها شاحنتان تم ضبطهما على مدخل دمشق الشمالي فيهما تمور مخالفة للبيانات الجمركية المرفقة مع البضاعة، وتم احتجاز الشاحنتين لإجراء الكشف عليهما من اللجان المختصة في المديرية العامة للجمارك، حيث تتركز المخالفات الأولية في عدم المطابقة بين البيانات الجمركية ونوع التمور المحملة واللصاقات الواردة على صناديق التمور الكرتونية في حين تم ضبط شاحنة أخرى في منطقة الكسوة فيها تمور مخالفة.

وفي موضوع متصل بصلاحية المواد الغذائية، ضبطت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة حماة، قبل أيام، كميات كبيرة من التمور الفاسدة والموبوءة بالحشرات كانت معروضة للبيع، ولم تقتصر الضبطيات على التمور بحسب المديرية، بل شملت أيضا شراب أطفال منتهي الصلاحية، حيث تم ضبطه والحجز على المادة بقصد الإتلاف، حسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:مواد غذائية منتهية الصلاحية تباع في أسواق دمشق

استغلال للوضع الاقتصادي

يعمل معظم التجار والمهربين في ظل الظروف الاقتصادية السيئة على تحقيق أرباح كبيرة، وتعتبر عمليات التهريب الموسمية، أي المتعلقة بمناسبات معينة كشهر رمضان من العمليات المربحة بسبب زيادة الطلب.

وفي هذا السياق، نقلت “الوطن” عن المصدر في الجمارك، أن هناك حالة استغلال للظروف العامة التي يمر بها البلد من بعض التجار والمهربين، وخاصة مع تراجع حركة النشاط التجاري وتطبيق برامج ترشيد المستوردات واقتصارها على المواد والسلع الأساسية التي يحتاجها المواطن، حيث يعمل بعض التجار والمهربين على إدخال المواد والبضائع بطرق غير شرعية مستغلين الحاجة والطلب على بعض المواد في السوق المحلية وطرحها بأسعار مرتفعة ومن دون التحقق من هوية هذه المواد ومنشئها ومدى سلامتها.

وكانت الحكومة أصدرت يوم الإثنين الماضي، تعديلات على قائمة البضائع المستوردة إلى سوريا، وسط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، رافقتها خطة تقشف إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تم منح الموافقات لإجازات وموافقات الاستيراد وهي، التمر، كتل الغرانيت الطبيعي ، زيوت وشحوم معدنية للسيارات والآليات ، فانات وميكروباصات وباصات للقطاع العام ، باصات وميكروباصات للمؤسسات التعليمية، حسب متابعة “الحل نت”.

كما أعلنت في نفس التعديلات، عن الاستمرار بإيقاف استيراد المواد التالية حتى نهاية العام وهي، جبنة شيدر، إكسسوارات الهواتف النقالة، المكيفات المنزلية – الأنابيب المعدنية” المصنعة محليا”، السيراميك، الهواتف.

إقرأ:جبنة الشيدر ممنوعة في رمضان والتمر عاد إلى المائدة السورية

محاولات حكومية غير قادرة على ضبط إيقاع الأسواق المرتفع بالنسبة للمنتج المحلي، ما يدفع المواطن للتوجه للمواد المهربة فهي أرخص ثمنا وفي معظم الأحيان أكثر جودة، وسط تدهور الوضع المعيشي وعدم وجود دخل قادر على تغطية التزاماته.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.