في أحدث تقاريره التي صدرت اليوم الخميس، أغلق البنك المركزي السوري، الأبواب أمام جميع آمال السوريين الذين ينتظرون مع قدوم رمضان، انفراجة في الاقتصاد السوري الذي يعاني من التضخم وانعدام القدرة الشرائية للمواطنين، في حين أن الليرة السورية التي يعتمد عليها لا تزال تشهد انخفاضا واضحا.

التضخم مستمر في سوريا

حول الإجراءات النقدية الأكثر تشددا للحد من شدة التضخم، أفاد مصرف سوريا المركزي في تقريره الأسبوعي، أن تسارع التضخم العالمي نتيجة الأحداث والتطورات العالمية، وكذلك ارتفاع أسعار السلع الأساسية، سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد السوري.

ولفت المركزي، إلى أن هذه الأحداث ساهمت في زيادة التضخم وعدم استقرار الأسعار داخل سوريا، مما يستلزم اتخاذ إجراءات نقدية أكثر صرامة للحد من حدة التضخم.

ودعم البنك استراتيجية وإجراءات التركيز على الموارد المحلية، ودعم الاقتصاد والسلع والصناعات الوطنية، واستبدال الواردات غير الضرورية قدر الإمكان لتعويض استبدال العملة الأجنبية وتمويل المستلزمات الأساسية، بحسب ما نشرته صحيفة “تشرين” المحلية.

وعلاوة على ذلك، قال البنك إنه إذا نجحت الدول الموردة إلى سوريا في خفض معدلات التضخم لديها من خلال الإجراءات التي نفذتها، فسيكون لذلك تأثير إيجابي على الاقتصاد السوري.

للقراءة أو الاستماع: توقعات بانخفاض أسعار السكر السوري لهذه الأسباب

روسيا متسببة بالأزمة السورية

فيما يتعلق بالعواقب العالمية، ربما يكون الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر شباط/فبراير 2022، هو الحدث التاريخي الأكثر أهمية حاليا، فوفقا لدراسة نشرتها منظمة “التعاون الاقتصادي والتنمية” في آذار/مارس الجاري، فإن “التحركات في أسعار السلع والأسواق المالية التي شوهدت منذ اندلاع الحرب يمكن إذا استمرت، أن تقلل من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من 1 بالمئة في العام الأول، وتدفع تضخم أسعار المستهلكين العالمية بنسبة 2.5 بالمئة تقريبا”.

وبالنسبة لسوريا فهي ليست معزولة عن هذه الديناميكيات العالمية، والضعف الاقتصادي لروسيا. فعلى الرغم من أن روسيا لم تتصرف كداعم مالي لدمشق فحسب، إلا أن الاعتماد الاقتصادي للحكومة السورية على روسيا ازداد بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015.

تعتمد سوريا أيضا اعتمادا كبيرا على كل من روسيا وأوكرانيا في تأمين العلف، وخاصة الذرة الصفراء والشعير وفول الصويا. وبحسب مدير المؤسسة العامة السورية للأعلاف، عبد الكريم شوبات، فإن المؤسسة تستورد الأعلاف من روسيا، بينما يستورد التجار المحليون من أوكرانيا ودول أخرى. وعلى سبيل المثال، استوردت دمشق ذرة بقيمة 8 ملايين دولار في 2019 و2020 من أوكرانيا، من أصل 117 مليون دولار من الذرة المستوردة إلى سوريا، وفقا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة.

والإعلان الأخير عن إبرام عقد منتصف آذار/مارس، بين الشركة الروسية للطاقة “روس إنرجوستروي ليفانت”، ومستثمرين روس وسوريين روس من جهة ودمشق من جهة أخرى، لبناء محطة طاقة توربينية غازية مع بسعة 25 ميغاواط في مدينة الشيخ نجار الصناعية بحلب، لا ينبغي أن يُنظر إليها على أنها تدل على قدرة موسكو على الحفاظ على أو تعزيز استثماراتها في البلاد.

إذ منحت دمشق العديد من الاتفاقيات والعقود الخاصة ببناء وترميم محطات الطاقة والتوربينات إلى الحكومة الروسية والمستثمرين الروس منذ عام 2011، لكن لم يتم تنفيذ أي منها حتى الآن بسبب نقص التمويل من الحكومة السورية.

قد يهمك: تصريحات رسمية تؤكد ارتفاع جديد للأسعار وتُحمّل السوريين المسؤولية

الحياة “الجهنمية” في سوريا

يمكن بالفعل رؤية الآثار الاقتصادية للحرب في أوكرانيا على مستويات مختلفة في جميع أنحاء سوريا. بينما يمكن توقع آثار أخرى في المستقبل القريب والمتوسط. حيث شهدت أنواع مختلفة من السلع المتعلقة بإنتاج القمح والدقيق ارتفاعات سريعة في الأسعار في الأسواق، مثل الزيت النباتي والسمن النباتي والذرة الصفراء وطحين الصويا، وكذلك السلع الأخرى.

وتأتي هذه الزيادة الجديدة في الأسعار بعد عام من الزيادات المستمرة في تكلفة المنتجات الغذائية الأساسية. حيث وصل متوسط أسعار الخضار والفواكه في أسواق دمشق اليوم الخميس، إلى ارتفاع غير مسبوق، إذ وصل سعر الفاصولياء بلغ سعرها 16 ألف ليرة. والبازيلاء 11000 ليرة والبندورة 4 آلاف ليرة والبطاطا 2700 ليرة. والخيار 4200 ليرة، والباذنجان 4 آلاف ليرة، والليمون 2000 ليرة.

رئيس لجنة سوق البزورية في الزبلطاني، محمد السيد حسن، رأى أن الإقبال على شراء المواد الغذائية من السوق لا تتجاوز نسبتها 5 بالمئة مقارنة بالأسبوع السابق لشهر رمضان الفائت. وبيّن في حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الخميس، أن السوق يعاني حالة جمود غير طبيعية. وسببها ارتفاع أسعار المواد من جهة وعدم توفر بعضها من جهة أخرى. يضاف إلى كل ذلك ضعف القدرة الشرائية لدى المستهلك.

ونتيجة لهذا الوضع، يرى مراقبون، أنه قد تستغل بعض الدول الإقليمية، بما في ذلك إيران وتركيا والإمارات العربية المتحدة، عزلة روسيا السياسية والاقتصادية الإضافية على الساحة الدولية والصعوبات، كفرصة لزيادة نفوذها واستثماراتها الاقتصادية في سوريا.

للقراءة أو الاستماع: سوريا تستعد لتقديم الدعم الاقتصادي لروسيا.. أحلام وأوهام؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.