سجلت مناطق شمال شرقي سوريا خلال الأسابيع الماضية، تراجعا في الأنشطة العسكرية المشتركة بين روسيا وتركيا في المنطقة، ما طرح التساؤلات حول وجود خلافات بين الجانبين، ومدى تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على هذا التراجع، أو فيما إذا كانت تركيا تخطط لتحرك عسكري محتمل في المنطقة.

مركز “جسور” للدراسات سلّط في تقرير مفصل الضوء، على أسباب تراجع معدل تسيير الدوريات المشتركة بين القوات التركية والروسية في منطقة شرق الفرات، شمال شرقي سوريا.

وبحسب تقرير المركز، فقد تراجع معدل تسيير الدوريات المشتركة بين روسيا وتركيا بشكل ملحظوظ منذ مطلع العام الجاري.

ورصد المركز تسيير القوات المشتركة، لـ10 دوريات عسكرية، أي بعدل ثلاث دوريات شهريا، بينما سيرت تلك القوات في عام 2021 الماضي، نحو  66 دورية مشتركة بمعدّل أكثر من 5 دوريات شهريا.

قد يهمك: تركيا تُغلق قضية جمال خاشقجي.. ما الأسباب؟

أسباب تراجع الدوريات المشتركة

ويرى الباحث السياسي صدام الجاسر، أن انخفاض النشاط الروسي والدوريات المشتركة شرق الفرات، مرتبط بالغزو الروسي لأوكرانيا، حيث أن موسكو بحاجة لمرونة أنقرة، لا سيما وأنها تستضيف المفوضات على أراضيها.

ويقول الجاسر في حديثه لـ”الحل نت”: “نستطيع القول إن تركيا حصلت على مكافأة، وهي تفويض إدارة مناطق شمالي سوريا من قبل روسيا، هذا الأمر تسبب بانخفاض عدد الدوريات، يبدو أن تركيا لها مستقبل في إدارة المنطقة كاملة”.

ويضيف: “الروس سيفوضون الأتراك ويلتفتون للأزمة الأوكرانية، التي يبدو أن ارتداداتها ستمتد لسنوات قادمة، روسيا ستخفف اهتمامها بالملف السوري وتفوض تركيا، هناك موافقة أميركية روسيا ودولية على أن يتم تفويض تركيا بإدارة المنطقة”.

ويستبعد الجاسر أن يكون انخفاض عدد الدوريات له علاقة بخلاف محتمل بين موسكو وأنقرة، ويضيف: “لا أعتقد أن هناك خلاف بين الروس والأتراك بس على العكس هناك تنسيق عالي بينهما وسيظهر ذلك للعلن قريبا.. روسيا يهمها ما تسميها سوريا المفيدة وهي التي تمتد من حلب إلى دمشق مرورا بالساحل السوري، لذلك بالتأكيد سنشهد ازياد للدور التركي في تلك المنطقة”.

ويعود تاريخ تسيير أول دورية بين الجانبي، إلى شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2019، وذلك كأداة لمراقبة تنفيذ بنود مذكرة سوتشي 2019، ومن ضمنها بقاء قوات سوريا الديمقراطية على بعد مسافة 30 كيلو متر من الحدود التركية السورية.

ومنذ انطلاقها بلغ عدد الدوريات المشتركة التي سيّرها الطرفان في تلك المسارات 150 دوريةً على أقل تقدير؛ أكثر من 90 في منطقة عين العرب، و56 في منطقة الدرباسية، و4 في منطقة المالكيّة، بحسب “جسور”.

وتركزت معظم الدوريات تركزت في منطقة كوباني بشكل رئيسي، ويستبعد المركزإيقاف أو تجميد عمل الدوريات المشتركة بشكل كامل كما حصل في مناطق شمال غربي سوريا، وذلك لضمان استمرار التنسيق بين الجانبين.

معركة أوكرانيا حاسمة لتركيا؟

وبالنسبة لموضوع العلاقة التركية والأنشطة الروسية في سوريا، ربط المحلل العسكري العقيد مصطفى فرحات، ذلك بما يحصل في أوكرانيا. إذ أن روسيا كانت ولا تزال تصف التواجد التركي في سوريا بأنه غير شرعي. وكثيرا ما تقوم بقصف مناطق خاضعة لنفوذ تركيا في الشمال السوري؛ لاستفزاز لتركيا. وبشكل خاص قبيل عقد أي جولة لمحادثات “أستانا” لتحريك ملف المفاوضات.

وذكر فرحات خلال حديث سابق له مع “الحل نت”، أن العلاقة التي تضبط أو تحكم الطرفين الروسي والتركي، هي علاقة الجبر الجغرافي، وعلاقة وجودهما في مكان واحد، وهذا لا يعني أنهما متفقين. مضيفا بالقول أنه “وبشكل خاص نحن اليوم أمام تصعيد ووقوف أو اصطفاف تركي مع الناتو في موضوع غزو أوكرانيا، ورفض الغزو الروسي لها”.

وتوقع فرحات، أن يؤدي تزويد تركيا لأوكرانيا بالطائرات المسيّرة، إلى إزعاج الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. فكما يقال “سكت عنه اليوم لكنه يضمر ما يريد فعله، وفي لحظة واحدة يفرغ كل ما في جعبته. يعني كما تعامل مع الملف الأوكراني كان ينفي نفيا قاطعا الغزو، وقد قام بالغزو”.

وبالتالي أكد المحلل العسكري، أن العلاقة الروسية التركية سوف تنعكس سلبا على الملف السوري. وعلى ما كان يضبط إيقاع الدوريات المشتركة أو العلاقات التي كانت قائمة. إذ في حال تقدم الروس أو حسموا المعركة ستكون القوات التركية والموالية لها في مأزق داخل سوريا.

أما في حال صمود القوات المدافعة أو القوات الأوكرانية، والمراهنة على أن يكون المجتمع الغربي قد أدخل موسكو في معركة استنزاف مع كييف. وتبني بوتين لفكرة أن هذه المعركة مصيرية والأولى له كتحد خارجي. لذا فإن الملف السوري لن يكون مهما لدى القيادة الروسية التي ستتراجع حتى في التزاماتها داخل سوريا.

قد يهمك: “صيد اقتصادي ثمين”.. تركيا تبتعد عن روسيا بسبب غزو أوكرانيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة