شهدت سوريا حرائق غابات مميتة العام الفائت، واستمرت إلى جانب دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب أوروبا على طول البحر الأبيض المتوسط. إذ تسبب 187 حريقا وقع بين آب/أغسطس وتشرين الأول/أكتوبر، في طرطوس وحمص وحماة وأجزاء أخرى من البلاد بأضرار لحوالي 370 منزلا، بقيمة 23 مليون دولار.

هذا العام وقبل الموسم الذي يضرب البلاد كل عام، برزت تحذيرات باندلاع الحرائق قبل موسمها، ما ينذر بكارثة، إذ وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي التابعة للحكومة السورية، اندلع 57 حريقا غابيا، ما أدى إلى تدمير 1.7 هكتارا من الأراضي المحمية منذ بداية العام الفائت وحتى 9 أيلول/سبتمبر.

خطر النيران يتصاعد

بناء على متغيرات العوامل الجوية الأساسية المؤثرة على الحرائق وهي الحرارة والرطوبة والرياح وتأثيرها على عوامل النبات، توقعت منصة مراقبة الغابات والحرائق بالهيئة العامة للاستشعار عن بُعد، أمس الأربعاء، بدء موسم الحرائق مبكرا العام الجاري. مؤكدة أنها تعمل على نشر خرائط مخاطر الحريق هذا العام.

https://twitter.com/thevoicesyria1/status/1511660395416756227?s=20&t=8rREUZ1qtTq4BeCc5NtPfA

وأكدت الدكتورة روزة قرموقة، رئيسة المنصة بالهيئة، أن بيانات التنبؤات الموسمية للمديرية العامة للأرصاد الجوية للفترة من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو، تشير إلى تأثر منطقة شرق البحر المتوسط ​​بامتداد المرتفعات الجوية شبه الاستوائية الساخنة وامتدادات الحرارة السطحية.

ووفقا لقرموقة، فإن المنخفضات التي ترفع درجة الحرارة فوق معدلاتها. والتوقع بأن يكون هطول الأمطار في مثل هذا الوقت أقل من المعتاد، يشير إلى ظروف الجفاف التي ستؤدي إلى تفاقم العناصر التي تشجع على خطر النيران.

وأوضحت قرموقة، في حديثها لصحيفة “البعث” المحلية، أن المنصة تأمل في توسيع نطاق عملها هذا العام من خلال تعاونها المشترك القائم مع “مديرية الغابات” بوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، في إنشاء نظام للإنذار المبكر والوصول السريع للإبلاغ المباشر عن وقوع حريق، وكذلك إدارة وصول فرق الإطفاء بشكل يعتمد على تزويد أبراج التحكم بآلية لتحديد مكان وزاوية الدخان أو الحريق وإبلاغ الجهات المختصة.

وتقدم المنصة عددا من الخدمات، بما في ذلك جرد المناطق المتضررة باستخدام صور الأقمار الصناعية، وتقييم مستوى الضرر وفقدان الكتلة الحيوية الناجمة عن الحرائق، وإرسال تقارير ربع سنوية لتتبع حالة الغطاء النباتي في مثل هذه المناطق وكذلك مراقبة التعديات.

للقراءة أو الاستماع: إحصائية ثقيلة لحرائق العراق في الربع الأول من 2022

خطة تشاركية لإدارة الحرائق في سوريا

في تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، أعلنت السلطات السورية، أنها أعدمت أكثر من 20 شخصا على خلفية حرائق غابات مميتة في البلاد العام الماضي.

تم إعدام 24 شخصا، بعد إدانتهم بتهم الإرهاب فيما يتعلق بحرائق العام الماضي التي أحرقت مبان حكومية وخاصة. وقالت وزارة العدل السورية في بيان آنذاك، إن 11 شخصا آخرين حكم عليهم بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة بعد إدانتهم بإشعال حرائق أحرقت أراض زراعية .

وبرأي الخبير الزراعي، عبد المولى أبازيد، فإنه لا ينبغي التقليل من أهمية الغابات في بلد جاف مثل سوريا، حيث توفر الغابات علفا ثابتا لعدد كبير من حيوانات الرعي البرية، وتلعب دورا مهما في تجميع المياه، وفي مكافحة التصحر وفي منع التربة والتعرية والحفاظ على التنوع البيولوجي.

وبحسب حديث أبازيد لـ”الحل نت”، فإن حرائق الغابات في سوريا تعتبر مشكلة اجتماعية في المقام الأول، وسكان الريف الذين يعيشون في الغابة وحولها هم العامل الرئيسي لإحداث الحرائق. مضيفا، “في الواقع، يتم إشعال أكثر من 95 بالمائة من الحرائق السنوية مباشرة من قبل الناس، أو بشكل غير مباشر من خلال الأنشطة الزراعية مثل الرعي داخل أكشاك الغابات، وتحويل أراضي الغابات إلى الزراعة وبناء المنازل، والإهمال.

كما إن الدولة ووفقا للأبازيد، أهملت تطوير الخطة التشاركية في إدارة حرائق الغابات، وأيضا تطوير قدرات المؤسسة في مجال الكشف عن الحرائق وقمعها؛ إذ كان يهدف هذا المشروع إلى تعزيز القدرات في مجال الوقاية من الحرائق والتأهب لها من خلال إشراك أصحاب المصلحة في جميع  القطاعات منذ عام 2003.

للقراءة أو الاستماع: بسبب الإهمال والتسيب.. خسائر مؤلمة من الحرائق في ريف دمشق

أنواع الغابات التي تمتلكها سوريا

كانت الغابات تغطي معظم الأراضي السورية في العصور القديمة كما يتضح من الآثار التاريخية. إلا أن هذه المنطقة الخضراء انحسرت عبر القرون حتى أدركت الحكومة أهمية الغابات والأشجار، وأعلنت الخميس الأخير من كل عام، يوم الشجرة.

أصبحت مشاريع التحريج جزءا من خطط الحكومة الخمسية، وتم تخصيص ميزانية خاصة لهذا الغرض لأن الغابات ذات أهمية اقتصادية كبيرة لتوفير الأخشاب الصناعية والمواد الخام، لإنتاج الصناديق الورقية والخشبية، والفحم ومواد أخرى للسوق المحلي.

وقسم التقرير مساحة الغابات البالغة 445 ألف هكتار إلى 150 ألف هكتار من الصنوبر والأرز والتنوب والبلوط في طرطوس واللاذقية وإدلب وحماة، و225 ألف هكتار من الغابات المتفرقة الصالحة فقط لتصنيع الفحم النباتي في دمشق، حمص وحلب والسويداء، و70 ألف هكتار معظمها من الفستق والعرعر في حماة ودمشق.

وعلى الرغم من أن منظمة “الفاو”، سجلت زيادة في حجم مساحات الغابات والأراضي الحرجية في سوريا بين عامي 1997 و2017، من 2.3 بالمئة إلى 2.7 بالمئة، فإن عدد الأشجار المزروعة، وفقا لإحصاءات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، لم يتجاوز 104 مليون من 1995 إلى 2018، أي أقل من أربع سنوات من خطة الاستصلاح الحكومية.

وضعت سوريا نظام إنذار مبكر للحريق عام 1984. ومع ذلك، لم يكن فعالا في تقليل عدد الحرائق أو شدتها، بحسب التقرير الصادر من دمشق، لأن مرافق مكافحة الحرائق الأخرى، بما في ذلك رجال الإطفاء، والمعدات، المعلومات، وما إلى ذلك، لم يتم تجديدها. ويبدو أن الوضع ظل على ما هو عليه حتى الآن، حيث بلغ عدد حرائق الغابات في عام 2019 وحده 627 بحسب إحصائيات دائرة الغابات.

للقراءة أو الاستماع: الحرائق كارثة جديدة على مخيمات النازحين شمال إدلب 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.