أصبح تأمين الخبز في جميع أنحاء البلاد وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية مصدر قلق للناس. فوصلت أزمة الخبز إلى منحنى تصاعدي غير مسبوق بسبب الجفاف وتأثيره على إنتاج الحبوب وزيادة أسعار الصادرات. إلا أن التصريحات الحكومية, التي غالبا ما تعلق فشلها في حل الأزمة على أمور ثانوية, كانت هذه المرة صادمة.

في سوريا أشخاص ليسوا بحاجة للدعم؟

بات من المعروف محليا وعالميا، أن مناطق كثيرة في البلاد تشهد أزمات معيشية واقتصادية، منها تدهور الزراعة، وانخفاض قيمة العملة السورية، في حين تعتمد حكومة دمشق على شراء القمح من روسيا، وبالرغم من ذلك لم تحل موسكو مشاكل الطوابير الطويلة خارج المخابز لأن القمح المستورد لا يكفي للإنتاج المحلي.

في تصريح جديد، نشرته صحيفة “تشرين” المحلية، أمس الجمعة، أكدت وزارة التجارة الداخليّة وحماية المستهلك، أن الضبوط التي حررت بحق باعة الخبز على الطرقات ممن يجمعون بطاقات من أشخاص لا يحتاجون للدعم مجانا. قد بينت بدقة وتوثيق، على حسب وصفها، وخصوصا في مدينة دمشق، أن دخل   الشخص الواحد من جامعي تلك البطاقات لا يقل عن 4 ملايين ليرة في الشهر.

الجدير ذكره، والذي بات معروفا أن السوريون يواجهون في جميع أنحاء البلاد نقصا في الخبز المدعوم في وقت يعتبره الكثيرون من الأطعمة الوحيدة التي لا يزال بإمكانهم تحمل تكلفتها. حيث يقول برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إنه في هذا البلد الذي كان ذو دخل متوسط ​، يعاني حوالي 9.3 مليون شخص، تقريبا من السكان، من انعدام الأمن الغذائي.

التصريح السابق لوزارة التجارة، وبحسب شهادات محلية لـ”الحل نت”، يتنافى تماما مع ما أعلنت عنه الحكومة في أن الذين استبعدوا من الدعم في شباط/فبراير الماضي، إذ قامت الحكومة السورية بإزالة حوالي 600 ألف عائلة سورية من قوائم الدعم الحكومي؛ بحجة أنهم قادرين على تمويل أنفسهم.

للقراءة أو الاستماع: اختفاء السوق السوداء للأدوية بسوريا.. ما الأسباب؟

وزير التموين تحت المواجهة

انتقادات لاذعة يتعرض لها منذ أسابيع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم، في إشارة على ما يقول خبراء اقتصاديون أنه تمهيد لإقالة الوزير وجعله “كبش فداء“، للأزمات الاقتصادية التي تعصف في البلاد مؤخرا.

وزير المالية الأسبق قحطان السيوق، انضم إلى قائمة الأشخاص المهاجمين لسالم، فبدأ بانتقاد الإجراءات المعتمدة من قبل وزارة التموين، في توزيع مادة الخبز، ووصفها بأنها “غير واقعية وغير ناضجة“.

وقال السيوفي في تصريحات نقلها موقع “هاشتاغ سوريا“، إن: “الخبز مادة أساسية يومية لا يجوز أن تكون محل تجريب واختبار لأفكار غير واقعية وغير ناضجة لبعض المسؤولين في الأزمات” في إشارة للوزير سالم.

واعتبر الوزير الأسبق أن الخبز: “هوالغذاء اليومي للمواطن الصامد الصابر ويجب أن يبقى خطاً أحمرا يتم معالجته بمنتهى الواقعية وبالإمكانات المتاحة“.

للقراءة أو الاستماع: سوريا.. ارتفاع أسعار البنزين في السوق السوداء لهذه الأسباب

الطوابير لا تزال سيدة الموقف

ويشتكي الكثير من المواطنين السوريين من المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، من وجود ازدحام كبير على الأفران، وعدم كفاية مخصصات الخبز، إضافة إلى سوء نوعية الخبز المباع عبر المعتمدين.

وقد حاولت الحكومة حل الازدحام على الأفران في مطلع العام الحالي من خلال توزيع الخبز عبر معتمدين، وخاصة في دمشق، ولكن لم يتجاوز عدد هؤلاء المعتمدين 365 شخص، وهو عدد غير كاف لتغطية دمشق، إذ تحتاج إلى الوصول إلى 1500 معتمد توزيع خبز على الأقل، حسب متابعة “الحل نت“.

ويرى الخبير الاقتصادي أحمد قلعجي، في حديث سابق مع “الحل نت”، أن المشكلة الرئيسية، لا تنحصر فقط بوزارة التجارة الداخلية والوزير، وإنما بسياسة الدولة كافة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية بكافة وزاراتها ومؤسساتها.

الجدير ذكره، أنه في أقل من عام فقدت الليرة السورية أكثر من 70 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي. وهذا التخفيض الحاد في قيمة العملة يعني أن راتب الموظف الحكومي لا يساوي الآن سوى 20 دولارا شهريا – مقابل حوالي 400 دولار قبل الحرب. كما ارتفعت تكلفة سلة الغذاء لبرنامج الأغذية العالمي، والتي تشمل الضروريات مثل الأرز والزيت، بنحو 247 بالمئة منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.

للقراءة أو الاستماع: وزير سابق يهاجم وزير التموين في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.