تسعى إيران جاهدة خلال الوقت الضائع الذي تنشغل فيه القوى الدولية بملفات أكثر حساسية من الملف السوري في الفترة الحالية، لتعويض ما أنفقته على تدخلها العسكري في سوريا ومساعدة حكومة دمشق، من خلال التحرك عبر عدة خطوات للاستفادة اقتصاديا قدر الإمكان من الجغرافيا السورية، وبالتالي الاستحواذ والهيمنة طويلة الأمد على سوريا واقتصادها. غير أن موضوع نجاح ذلك مرتبط بعدة عوامل، وأطراف دولية وإقليمية، ما يرفع من احتمالات إخفاقها في سوريا بشكل كبير.

إيران تستغل اقتصاد سوريا

وفق تقارير صحفية، فإن إحدى المساعي الإيرانية تذهب لتمرير النفط الإيراني والعراقي من خلال سوريا. ورغم الحديث السابق عن إمكانية استثمار الواجهة البحرية من قبل حكومة دمشق، وهو مسعى ليس حديث العهد، إلا أن المساعي الإيرانية تغلق الباب على المسعى المحلي للاستئثار به، وليبين ذلك حجم الأطماع في سوريا، وليكون بين أحد المبررات استغلال نقل النفط والغاز.

خلال السنوات الماضية، كُتب وقيل الكثير عن مشاريع نقل وتصدير النفط والغاز العراقي والإيراني عبر الأراضي السورية، خاصة بعد توقيع الدول الثلاث على مذكرات تفاهم ثنائية أو ثلاثية لتنفيذ هذه المشاريع منذ عام 2013، لكن كل هذه المساعي لم تلق النجاح حتى الآن ولا يبدو أنها ستتحقق.

وحول احتمالات تنفيذ إيران هذا المخطط ونقل النفط والغاز عبر الأراضي السورية، يقول الخبير الاقتصادي، رضوان الدبس، “بالنسبة لإيران فإنها لم تتوقف عن الاستفادة قدر المستطاع من الأراضي والموانئ والمطارات وحتى البنى التحتية السورية، وكذلك تحاول الآن تعويض ما أنفقته في سوريا خلال سنوات الحرب السورية، حيث ضخت مبالغ كبيرة نتيجة لذلك، سواء من خلال دعم مليشياتها أو من خلال خطوط الائتمان التي فتحتها للحكومة السورية للحفاظ على بقائها، خاصة خلال السنوات الماضية، ونعلم جميعنا أن حكومة دمشق كانت من الممكن أن تسقط لولا الدعم الإيراني من جهة وروسيا من جهة أخرى خلال سنوات الحرب الأولى”.

وأردف الدبس خلال حديثه مع “الحل نت”، “لذلك تحاول إيران الاستفادة والتعويض عما أنفقته، لأن الاقتصاد السوري متهالك الآن، ولا يمكن الاستفادة من الحكومة السورية المتداعية اقتصاديا بالفعل، وإيران تعلم جيدا أن الاقتصاد السوري لن يكون قادرا على سداد نفقات ودعم إيران، من الآن وحتى السنوات القادمة أيضا”، وفق تعبيره.

وفي تقدير الخبير الاقتصادي أن إيران اليوم، تحاول تعويض تلك الخسائر والنفقات بأي شكل من الأشكال، ولهذا لن تتوقف عن محاولة إنشاء مشاريع اقتصادية على الأراضي السورية واستغلال الجغرافيا السورية لصالح مطامعها التوسعية في المنطقة، حتى ولو تم ذلك على حساب السوريين وثروة بلادهم.

قد يهمك: هل يستمر القصف الإسرائيلي على الأراضي السورية بسبب إيران؟

المشاريع تتعارض مع الاتفاق النووي

وحول مدى توافق هذا المشروع الإيراني مع إتمام الاتفاق النووي، وحول حجم الخسائر التي ستترتب على سوريا في ظل الهيمنة الإيرانية والخطط والمشاريع الاقتصادية المختلفة التي تهدف إلى تحقيق مصالح طهران الخاصة فقط، يقول الخبير الاقتصادي، “بطبيعة الحال، تواصل إيران الهيمنة على المنطقة، ولا سيما سوريا، ونفذت مؤخرا عمليات تهريب نفط عبر منفذي “التنف” و”البوكمال” الواقعين على الحدود السورية-العراقية، حيث كانت شاحنات النفط تمر بشكل يومي، وحتى الآن إيران تنفذ هذه العمليات بشكل متقطع”.

وأوضح الخبير الاقتصادي لموقع “الحل نت”، وبالطبع إيران تحاول الآن تشغيل خط أنابيب النفط في المنطقة، “لكن حتى الآن لا يوجد شيء رسمي حول هذا الأمر، وكلها حتى الآن في إطار “التداول”، على خلاف خط الغاز العربي الذي كان قد تم طرحه بشكل مباشر ورسمي”.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى النقطة الأساسية في هذا المشروع المطروح، وهي أنه لن يكون هناك حصة للحكومة السورية إذا ما تم المشروع بالفعل، نظرا لوجود قانون “قصير” على حكومة دمشق، وفق تعبيره لـ”الحل نت”.

وختم حديثه بالقول: “إذا ربطنا الأمر بالاتفاق النووي الإيراني، وإذا ما تم فسيكون اتفاقا رسميا موقعا من قبل الوكالات الدولية والدول العظمى، وليس له علاقة بالمشروع الإيراني المتداول، وصحيح أنه سيتم رفع بعض العقوبات على إيران، ولكن مثل هذه المشاريع لن يُسمح بها أبدا، وهذا غير ممكن أو على الأقل غير صحيح ضمن الاتفاق النووي الإيراني”.

يذكر أن الاتفاق الذي تم الحديث عنه في 2013، ولم يلق النجاح. المشروع الإيراني المزعوم ينطلق من مدّ خطوط لنقل النفط بسعات عادية بين البلدين عبر الأراضي العراقية، وبما يلبي احتياجات البلدين آنذاك، ويبدأ بزيادة سعة الأنابيب التي سيجري مدّها بطول 1850 كم من إيران إلى سوريا، وبقطر قدره 56 إنشا، وباستطاعة تصل إلى 110 مليون م3 يوميا، أي حوالي 40 مليار م3 سنويا (يرافقه خط غاز لتشغيل محطات ضخ النفط وتصدير فائض الغاز)، ويصل إلى سعة المستودعات والخزانات، التي كان من المقترح لها أن تقام قرب بلدة الناعم في محافظة حمص السورية، وبسعة تخزينية قدرها 50 مليون برميل.

قد يهمك: حلف إقليمي لمواجهة التمدد الإيراني بسوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة