يتخوف العاملون في المنظمات المدنية السورية من عدم تمديد قرار “الأمم المتحدة” حول إدخال المساعدات عبر الحدود. والذي يتم حاليا عبر معبر “باب الهوى” (المعبر الحدودي الوحيد في الشمال السوري الذي تمر عبره المساعدات الإنسانية).

يتركز اهتمام مسؤولو الإغاثة وخبراء سياسيون خلال هذه الفترة على ما سينبثق عن جلسة مجلس الأمن المقرر عقدها في تموز/يوليو المقبل، من أجل التصويت على قرار تمديد عبور المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا. في ظل ارتفاع احتمالية ظهور “فيتو” روسي في مجلس الأمن لمنع تمديد القرار الأممي ذي الصلة، بعد حوالي شهرين من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا وغرق موسكو شيئا فشيئا في المستنقع الذي أوقعت نفسها فيه.

ومع اقتراب موعد التجديد لآلية إدخال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود، تثار العديد من التساؤلات حول إمكانات عرقلة روسيا إدخال المساعدات عبر معبر “باب الهوى” من أجل حصر هذا الملف بيدها وبيد حكومة دمشق.

بينما يتوقع العديد من المتابعين أن تستخدم روسيا حق النقض لعدم تمرير المساعدات التي يحتاجها ملايين المدنيين السوريين، وتوجيه تلك المساعدات لصالح المعابر التي تتم عبر حكومة دمشق (حليف موسكو).

حياة الملايين معلّقة نتيجة معضلة التوقيت!

لقد هددت روسيا، قبل أسبوعين، بعدم الامتثال للقرار الأممي المتعلق بإيصال المساعدات لسوريا، في موقف وصفه البعض بـ”الابتزازي” للغرب.

وكان ديميتري بوليانسكي، نائب المندوب الروسي في الأمم المتحدة، أكد أن موسكو “لن تغض الطرف عن فشل الدول الغربية في الامتثال للقرار المتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية لسوريا عبر الحدود”.

كذلك، يعتقد الخبراء أن مثل هذه الخطوة محفوفة بـ “عواقب غير سارة على موسكو”، بحسب تقارير صحفية. ومن جهته، حذر فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري، في بيان له، من خطورة إغلاق آخر معبر حدودي على الحدود بين تركيا وسوريا وهو معبر “باب الهوى”.

وحول ما إذا كانت روسيا ستعرقل دخول المساعدات عبر معبر “باب الهوى”، وحصر هذا الملف بيدها، خاصة بعد المتغيرات السياسية بسبب حربها على جارتها الغربية أوكرانيا، يقول بسام الأحمد، المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، “بالطبع إذا لم يتم التوصل إلى صفقة بين روسيا والغرب وبين الأمريكيين بالتحديد، بخصوص هذا الأمر، فإن روسيا ستستخدم حق النقض وبالتالي تمنع تجديد قرار المساعدات الدولية لشمال سوريا”.

وأضاف الحقوقي لموقع “الحل نت”، اليوم الأحد، “إذا حصر (المجتمع الدولي) روسيا في الزاوية بسبب هذه القضية، فستذهب على الأرجح إلى خيار المنع الكامل”.

وبحسب تقدير الحقوقي فإن “المشكلة الأساسية هي أن تاريخ التجديد أتى بفترة بات فيها الروس والغرب بحرب مفتوحة (الحرب الأوكرانية)”.

وعن مدى احتمالية أو فرص النجاح في تجاوز هذا الإجراء إذا تم تنفيذه فعليا، يقول الحقوقي بسام الأحمد، “صحيح أن الحرب في أوكرانيا والقتال يتم بين الروس والأوكرانيين، لكن العديد من الدول، بما في ذلك سوريا غالبا، سيدفعون ثمن هذه الحرب والضخ الذي يتم فيها، سواء في سياق قرار المساعدات العابرة للحدود السورية أو غيره”، وفق تعبيره لموقع “الحل نت”.

قد يهمك: هل ضعفت قبضة روسيا على الأسد بعد غزو أوكرانيا؟

تداعيات الحرب الأوكرانية على الملف الإنساني

وعلى ما يبدو فإننا قد نشهد في الفترة المقبلة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا سواء على المدى القريب أو البعيد، خاصة على دول الشرق الأوسط وأبرزها سوريا، وهي التي تحملت خلال السنوات الماضية الكثير من تداعيات التنافس على المصالح بين الدول الفاعلة في الملف السوري بسبب روسيا.

وبحسب المتحدث باسم إدارة معبر “باب الهوى”، مازن علوش، فقد تمكنت 826 شاحنة محملة بـ 42 ألف طن من المساعدات الإنسانية في الربع الأول من عام 2022 من المرور عبر معبر “باب الهوى”، رغم حقيقة أنه “وبحسب توثيقات السنوات الماضية، مرت كل شهر عبر باب الهوى باتجاه محافظة إدلب، ما لا يقل عن ألف شاحنة”، وفق تقارير صحفية.

ووفقا لتقرير صدر مؤخرا عن منظمة “ميرسي كوربس” الأمريكية غير الحكومية، “من المؤكد أن أزمة الغذاء العالمية الوشيكة بسبب الحرب في أوكرانيا ستؤثر على سوريا”.

وأضافت المنظمة، أن عددا كبيرا من السكان السوريين يعيشون في مخيمات مكتظة بالنازحين داخليا في الشمال السوري، ويعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية التي تنتقل عبر معبر “باب الهوى” على الحدود التركية-السورية.

من جانبها قالت محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كيلي بيتيلو في حديث سابق، بحسب وسائل الإعلام، إن “اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، سيؤدي إلى وجود أزمة إنسانية في أوكرانيا حتما، وبالتالي تحويل التمويل والموارد الطارئة بشكل أكبر نحو أوكرانيا وبعيدا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.

وحذرت بيتيلو من الأثر الذي قد تتركه زيادة الضغط على المساعدات الإنسانية على الوضع في سوريا، كما في دول المنطقة التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين، والتي قد تواجه مزيدا من عدم الاستقرار “وربما الصراع”.

هذا ويشكل الغزو الروسي لأوكرانيا عواقب وخيمة على ملف المساعدات الإنسانية في سوريا، مما قد يؤدي إلى حدوث “مجاعة” وزيادة معدل الفقر في سوريا بشكل أكبر مما هو عليه.

قد يهمك: إيصال المساعدات الإنسانية لسوريا: هل تجوّع روسيا الشمال السوري للضغط على الغرب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة