تقف الحكومة السورية عاجزة أمام انهيار القطاع الصناعي في سوريا، وتكتفي بإطلاق الوعود بتسهيل استيراد المواد الأولية وتأمين الطاقة اللازمة، دعما للصناعيين الذي لا يرون شيئا يتحقق من تلك الوعود.

نقص في مادة القطن

وبعد التحذيرات من إغلاق معامل البلاستيك، أصدرت شركة جبلة للغزل تعميما يقضي بوقف العملية الإنتاجية وتعليق الدوام لكافة العاملين بالشركة بسبب نقص المادة الأولية (القطن) وذلك لمدة 6 أيام تنتهي يوم السبت 23 نيسان /أبريل الجاري.

ونقل موقع “تلفزيون الخبر” المحلي الخميس عن مصدر في الشركة قوله إن: “التعميم كان للعاملين ضمن الشركة، وتسرّب إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أمر طبيعي وضروري لتحقيق استمرارية بالعمل بجودة جيدة“.

وبرر المصدر إيقاف العمل، بأنه طريقة للمحافظة على التشغيل الاقتصادي للآلات لعدم هدر المال العام، ويتحقق ذلك من خلال إجراء عمليات صيانة وتنظيف للآليات بشكل دوري، وتم استثمار توقف العمل للقيام بالصيانة“.

قد يهمك: سوريون يبيعون أغراضهم في “سوق الجمعة” من أجل الهجرة

من جانبه أكد معاون مدير المؤسسة العامة للصناعات النسيجية عمار علي، وجود شح كبير في المواد الأولية الواردة هذا العام المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان.

وأضاف علي في تصريحات للتلفزيون المحلي: “لم توفّر الحكومة وسيلة لتأمينها بشكل إسعافي لتأمين إقلاع شركة غزل جبلة وغيرها من الشركات“.

وكانت وزارة الصناعة عقدت الثلاثاء الماضي، اجتماعاً بحضور عدد من أصحاب الشركات المحلية، لإيجاد حلول لمشكلة نقص المادة الأولية ونقص التوريدات من القطن، ووضع آلية إسعافية لتوريد الأقطان، كما أعلنت عن مناقصة لتوريد كمية 5000 طن من القطن المحلوج، ولم يتقدم لها أحد.

وكانت سوريا تنتج في عام 2011، أكثر من مليون طن من القطن، إلا أن هذا الإنتاج تراجع ليصل إلى 100 ألف طن في عام 2015، وأقل من 20 طن في عام 2021، مع تراجع المساحات المزروعة من 250 ألف إلى 35 ألف هكتار.

ويواجه القطاع الصناعي في سوريا خطر الانهيار، جراء الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تعيشها البلاد، كنتيجة مباشرة لسنوات عديدة من الابتزاز الذي حل محل التحرير الاقتصادي.

تحذيرات من تدهور قطاع البلاستيك

رئيس لجنة البلاستيك العامة في غرفة صناعة دمشق وريفها فواز الأسطة حلبي، حذر قبل أيام من توقف بعض معامل البلاستيك عن العمل، بسبب تراجع كميات الحبيبات البلاستيكية المتوفرة في سوريا.

وأكد الأسطة حلبي في تصريحات نقلتها صفحة “أخبار الصناعة الحلبي“، تراجع الطاقات الإنتاجية للعديد من المصانع وعدم قدرتها على الايفاء بالتزامات عقودها مع القطاعين العام والخاص وتراجع كميات المنتجات المطروحة في السوق وبالتالي ارتفاع سعرها.

وكان وزير الصناعة السورية زياد الصباغ، كشف أواخر العام الماضي عن حجم خسائر الصناعة السورية المباشرة وغير المباشرة، حتى نهاية العام 2019، مشيرا إلى أن قيمة الأضرار تجاوزت 23.5 مليار دولار حتى نهاية 2019، للمنشآت الصناعية في سوريا.

كما أكد زياد صباغ، أن التدمير طال غالبية المنشآت العامة والخاصة، لافتا إلى أن “حجم الأضرار المباشرة نحو 530 ألف مليار ليرة أي 12 مليار دولار وهذه أضرار مباشرة فعلية تم تقديرها“.

مسيرة خسائر الصناعة السورية بدأت قبل 2011

ويقول محمد مصطفى عيد في مقال نشره في “الحل نت” إن “مسيرة التراجع تعود إلى ما قبل 2011، إذ أن وضع القطاع العام الصناعي آنذاك لم يكن مريحاً لأنه كان أصلاً في أزمة لعدم قدرته أو تمكينه على زيادة قدرته التنافسية، سواءً أمام المنتجات المستوردة أو في النفاذ للأسواق المستهدفة“.

ولم يكتب النجاح لإصدار قانون لإصلاح القطاع العام الصناعي على مدى عقدين من الزمن.

وبقيت التعامل في إطار الحلول الارتجالية التي اتخذتها السلطات، فلم تؤتي أكلها بل زاد من تردي وضع شركات القطاع الصناعي، نتيجة للفساد الذي ينتشر في مختلف مفاصله.

وأصبحت محتويات شركاته عبارة عن خردة، لا تدعم الاقتصاد السوري، وعبئا يستنزف موارد خزينته.

اقرأ أيضا: توقف قريب لمعامل البلاستيك في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.