مازال الحديث يدور عن معاناة أو ربما يمكن القول تدهور القطاع الصحي من حيث هجرة الكوادر الطبية وتدني رواتبهم وخاصة في المستشفيات الحكومية.

كما وقلة الاهتمام والدعم من الحكومة السورية لهذا القطاع، لا سيما على صعيد زيادة دخل الكادر الطبي، نجد بأن أعدادا كبيرة من الأطباء والممرضين والمَخبَريين يعانون من تدني الرواتب وعدم تماشيها مع مستوى المعيشة في البلاد، الأمر الذي شهد هجرة للكوادر الطبية بشكل غير مسبوق في سوريا ولاسيما خلال السنوات الماضية.

الممرضين الفئة الأكثر ظلما

في حديث لرئيس نقابة التمريض والمهن الصحية بريف دمشق، عدنان يونس، مع إذاعة “شام إف إم” قبل يومين، شدد على أن التمريض من أكثر الفئات ظلما التي تعمل ضمن المشافي، وعلق قائلا: “تقع عاتق المستشفيات على أكتاف الممرضين، حيث يعمل الممرض بمهمات مختلفة، ولكن بنفس الأجور المنخفضة”.

وأشار يونس إلى أن عدد الممرضين في سوريا يقارب 150 ألف ممرض وهو غير كاف ولا يوجد إقبال على المهنة بسبب تدني الأجور حيث يعمل الممرض بمعدل 9 ساعات يوميا مقابل 120-100 ألف ليرة سورية، قائلا: “هذا الراتب لا يكفي لسد حاجة أي إنسان، وحتى لو ارتفع بنسبة 25 بالمئة، فإن المشكلة لن تحل”.

وعن إمكانية منحهم حوافز ومكافآت مماثلة لفنيي التخدير، ذكر يونس للإذاعة المحلية، أنه تم رفع مطالبات للجهات العليا لذلك، لكن الرد كان الرفض لقلة الإمكانيات المالية لدى الحكومة السورية، ونوّه يونس إلى أن “عدد الممرضين كبير جدا على عكس فنيي التخدير والتي تعتبر شريحة صغيرة جدا”.

وفي وصفه لواقع الممرضات أشار رئيس نقابة التمريض والمهن الصحية بريف دمشق إلى وجود ازدواجية في شريحة الممرضين حيث يوجد نقص في الكوادر من جهة، ومن جهة أخرى هناك خريجون بلا وظائف حيث ينتظر عدد كبير منهم إقامة مسابقات للتوظيف، كما أن نزوح الممرضين إلى العمل في المستشفيات الخاصة ليس حلا لأن الرواتب متقاربة، على حد تعبيره للإذاعة المحلية.

وفي هذا السياق، أفاد طبيب من إحدى مستشفيات العاصمة دمشق في اتصال هاتفي لموقع “الحل نت” أن “وجود عدد من خريجي التمريض، بدون وظائف، يرجع إلى ضعف موارد الحكومة المالية لتوظيف عدد من الممرضين الأخرين في المستشفيات، لأنه بالكاد يمكن أن يغطي رواتب الطاقم الطبي الحالي”.

وأردف الطبيب لـ”الحل نت”، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الممرضين يؤدون عدة مهام بشكل مرهق داخل المستشفيات الحكومية، نتيجة قلة الكادر الطبي بشكل عام من أطباء وفنيين وممرضين.

وأضاف، أن عدد الأطباء قليل في المستشفيات وخاصة الحكومية منها، لذا يعمل الطبيب اليوم نيابة عن عمل ثلاثة أطباء تقريبا، نتيجة وجود العديد من الحالات المرضية مقارنة بقلة الأطباء.

وكذلك الأمر بالنسبة للممرضين، بالإضافة إلى أن الممرضين يقومون بعدة مهام لا يندرج ضمن مهامهم، نتيجة لقلة الكوادر الطبية وانشغال الأطباء بأعداد كبيرة من المرضى.

وختم الطبيب من دمشق حديثه مع “الحل نت”، “بسبب تدني أجور القطاع الطبي، كثيرون يميلون إلى الهجرة خارج سوريا، حتى بعض الممرضين يذهبون إلى مناطق شمال شرقي سوريا، حيث الأجور هناك أفضل مقارنة بالأجور في مناطق الحكومة السورية، وبالمثل، من يجد فرصة له خارج البلاد فلا يتردد أبدا، لأن المستقبل هنا أصبح مجهولا والحياة المعيشية صعبة جدا”.

قد يهمك: الكشف عن قائمة جديدة من الأطباء المزيفين في سوريا

فوضى القطاع الطبي

عدم اهتمام ودعم الحكومة السورية بالقطاع الطبي وخاصة من ناحية الرقابة ورفع الأجور، أدى إلى خلق فوضى في تسعيرة “الكشفيات”، فضلا عن وجود أطباء مزيفين يمارسون الطب بشهادات مزورة.

رئيس فرع نقابة الأطباء في ريف دمشق خالد موسى، كشف في حديث سابق لوسائل الإعلام، عن إحالة بعض الحالات لأشخاص مارسوا مهنة الطب بعد أن تبين أنهم ليسوا أطباء أمام القضاء، مبينا أن هذه الحالات قليلة جدا، وفق تعبيره.

وأضاف موسى لصحيفة “الوطن” المحلية، قبل أيام، “من بين الحالات التي تم ضبطها، وجود شخص يمتهن المعالجة الفيزيائية وهو لا يحمل شهادة في هذا التخصص”.

وأشار موسى إلى أنه “تم القبض على شخص آخر لأنه حاصل على شهادة معهد في مجال المعالجة الفيزيائية ولكنه افتتح عيادة خاصة له كطبيب لسنوات، وبعد ذلك اكتشف أنه ليس طبيبا”. مبينا أن بعض هذه الحالات تم كشفها من خلال شكاوى المرضى التي وردت إلى فرع النقابة، وبعد التدقيق تبين أنه ليس طبيبا.

وحول كيفية الكشف عن حالات تزوير البطاقات التي يحصل عليها الطبيب من النقابة المركزية، أوضح موسى للصحيفة المحلية، أن المعلومات تشير إلى أن حالات تزوير من المنطقة الشرقية، كشفت عن أن بطاقة تم كشفها كانت موقعة من رئيس فرع دمشق ويحمل اسم نقيب ريف دمشق، غير أن البطاقة الصحيحة تكون موقعة من الرئيس المركزي للنقابة وليس من قبل رئيس فرع النقابة، وفق تعبيره.

وفي وقت سابق كشف نقيب الأطباء بدمشق، لوسائل إعلام محلية، عن وجود نقص بعدد الأطباء في كثير من الاختصاصات كالنفسية والعصبية، وخاصة خلال الفترة السابقة، وأضاف أن عدد أطباء التخدير قليل بسبب الحاجة لطبيب التخدير للتدخل في اختصاصات كثيرة أخرى، حيث لا يمكن إجراء أي عمل جراحي أو تصوير للأطفال دونه.

ويبلغ عدد أطباء التخدير المسجلين بفرع دمشق 245 طبيبا، وتخلى عن عمله 41 طبيبا، وما تبقى موزعون على القطاعات الطبية المختلفة.

وفرضت ظروف الحرب وما تبعها من انهيار اقتصادي في سوريا، أوضاعا جديدة أدت إلى سعي السوريين للبحث بشتى الوسائل عن فرص للعمل لتحسين أوضاعهم المعيشية، سواء كان ذلك في سوريا أو خارجها، وأيا كانت شروط العمل التي تعتبر غير مقبولة فيما لو كانت أوضاع السوريين الاقتصادية على طبيعتها.

قد يهمك: اللاذقية.. مبادرة لخفض “كشفيات” الأطباء في رمضان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.