أعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، مساء الخميس الماضي، أن الصين، بصفتها الدائن الرئيسي للدول الفقيرة، تعهدت بالتعاون البناء في إعادة هيكلة الديون، ما يفتح تساؤلا حول حمل الصين نوايا مبطنة من وراء هذه الخطوة. كثيرة هي الدول التي أبدت نظرة إيجابية تجاه الأموال الصينية، واعتقدت أنها قروض شبه مجانية. لكن هذه القروض كانت مكلفة جدا اقتصاديا وقد تعمل على تكبيل هذه الدول لارتباطها بالاقتصاد الصيني وبالتالي ترهن مستقبلها للشركات الصينية.

كيف ستعيد الصين هيكلة القروض بدون فائدة؟

تشكل القروض بدون فائدة حاليا حوالي 5 بالمئة من إقراض الصين. حيث إن هذه القروض يتم  تقديمها إلى البلدان الفقيرة المثقلة بالديون وخاصة الأفريقية، جورجيفا في مؤتمر صحفي، قالت “لقد حصلنا على وعد ملموس للغاية من الصين للانضمام إلى اللجنة بشأن إعادة هيكلة الديون في زامبيا، والتعاون البناء بشكل عام بشأن الإطار المشترك لمجموعة العشرين”.

وقد طلبت ثلاث دول أفريقية فقط، وهي تشاد وزامبيا وإثيوبيا، الاستفادة من هذا الترتيب حتى الآن، فيما اختارت البقية عدم الاستفادة من القروض الصينية.

وقالت نادية كالفين، الرئيس الجديد للمركز الدولي للشؤون النقدية والمالية، “كان هناك التزام جماعي على تعزيز الإطار المشترك بهدف تفعيله ومحاولة الحصول على جدول زمني محدد وواضح، بفضل الالتزام القوي لبعض اللاعبين الرئيسيين، مثل الصين”.

وأضافت رئيسة صندوق النقد الدولي: “لقد عملنا بجد لجلب جميع الدائنين إلى الطاولة، بما في ذلك دائنو نادي باريس … وكذلك الدائنون الحكوميون مثل الصين والمملكة العربية السعودية والهند والإمارات العربية المتحدة والدائنون من القطاع الخاص”.

وخلال مؤتمر صحفي، قالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين: “لقد ناشدت الصين، التي تعد مقرضا رئيسيا للغاية للعديد من هذه البلدان منخفضة الدخل”. وتابعت قائلة: “بالطبع، الكارثة الإنسانية والاقتصادية العالمية المرتبطة بالصراع في أوكرانيا تؤدي إلى تفاقم الوضع، لكنني أعتقد أن هذا هو الطريق الذي يجب أن نسلكه”.

للقراءة أو الاستماع: كيف تستغل الصين النفوذ الاقتصادي للهيمنة السياسية؟

كيف تثقل الصين كاهل البلدان الفقيرة بديون لا يمكن تحملها؟

قدمت الصين أول قرض رسمي لها في عام 1960 إلى غينيا. على مدى العقود القليلة التالية، كان برنامج المساعدات الخارجية الخاص بها يتألف من منح من حكومة إلى حكومة (G2G) وقروض بدون فوائد.

وغالبا ما تضمنت اتفاقيات القروض المبكرة بدون فائدة عبارة: “إذا كانت هناك صعوبة في السداد عند استحقاق القرض، فيمكن تمديد فترة السداد بعد التشاور بين الحكومتين”. وهذا يشير إلى استعداد الصين للعمل مع المقترضين الذين يعانون من ضائقة وقد استفاد العديد من البلدان الأفريقية من ذلك، لا سيما خلال الثمانينيات والتسعينيات عندما عانت العديد من الاقتصادات الأفريقية من أزمة مالية. حيث تم إلغاء أكثر من 85  بالمئة من هذه القروض المبكرة بدون فائدة من قبل الصين.

خلال نفس الفترة، منحت الصين 212 قرضا بدون فائدة بقيمة إجمالية تقارب 3 مليارات دولار، وهو ما يمثل أقل من 5 بالمئة من جميع التزامات القروض الصينية الممنوحة بين عامي 2000 و2018. ومن الأسهل على الصين العمل مع المقترضين المنكوبين.

حاليا، الصين هي واحدة من أكبر الدول الدائنة في العالم. تضاعفت قروضها للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ثلاث مرات خلال العقد الماضي، لتصل إلى 170 مليار دولار بحلول نهاية عام 2020.

سريلانكا مثالا

رئيس وكالة الاستخبارات الخارجية البريطانية، ريتشارد مور، أكد أن الصين تستخدم ما أسماه “مصائد الديون” لكسب النفوذ على الدول الأخرى.

واتهم مور، الصين بإقراض الأموال إلى دول أخرى، والتي ينتهي بها الأمر إلى التنازل عن السيطرة على الأصول الرئيسية إذا لم تتمكن من الوفاء بسداد ديونها – وهو الاتهام الذي نفته بكين منذ فترة طويلة.

ومن الأمثلة التي كثيرا ما يستشهد بها منتقدو الصين هي سريلانكا، التي شرعت منذ سنوات في مشروع ميناء ضخم في هامبانتوتا باستثمارات صينية. لكن مشروع المليار دولار الذي يستخدم قروضا ومقاولين من الصين ترك سريلانكا مثقلة بالديون المتزايدة.

أخيرا، في عام 2017، وافقت سريلانكا على منح الشركة الصينية المملوكة للدولة، حصة بنسبة 70 بالمئة في الميناء على عقد إيجار لمدة 99 عاما مقابل مزيد من الاستثمار الصيني.

ولا تنشر الصين سجلات قروضها الخارجية، وتحتوي غالبية عقودها على بنود عدم إفشاء تمنع المقترضين من الكشف عن محتوياتها. وعادة ما يطلب المقرضون المملوكون للدولة في الصين من المقترضين الاحتفاظ بحد أدنى من الرصيد النقدي في حساب خارجي يمكن للمقرض الوصول إليه.

للقراءة أو الاستماع: فخ الديون الصينية يصل إلى دمشق.. مشاريع الصين في سوريا مصيدة جديدة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة