الأدوية في سوريا كغيرها من السلع ترتفع بين الحين والآخر نتيجة تدهور الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي، والمسببات الأخرى لارتفاع الأسعار بشكل عام في البلاد.

الحاجة الماسة تدفع المواطن لشراء الأدوية في ظل ارتفاع أسعارها المستمر حتى ولو على حساب بعض المواد الغذائية أو غيرها التي يمكن الاستغناء عنها، وهذا ما يفعله الكثير من السوريين نتيجة الواقع الاقتصادي الهشّ وخاصة الفئة الفقيرة التي باتت تشكل نسبتها معظم سكان البلاد اليوم.

ارتفاع جديد في تسعيرة الأدوية

تداولت مؤخرا، أخبار حول حدوث ارتفاع قريب في تسعيرة الأدوية في الشارع السوري. غير أن رئيس المجلس العلمي لصناعة الأدوية في سوريا رشيد الفيصل، استبعد حدوث ارتفاع حالي لأسعار الأدوية، إلا أنه لم يستبعد حدوث ذلك في الفترة القريبة المقبلة.

وقال الفيصل في تصريحات لموقع “هاشتاغ” المحلي، يوم أمس، إنه لا يوجد الآن ارتفاع جديد لأسعار الأدوية “ضمن الواقع الصعب الذي يعيشه السوريون، والذي لا يحتمل عبئا جديدا”.

لكن الفيصل لم يخف التلميح إلى أن سعر الصرف قد تغير ما يعني حدوث موجة ارتفاع جديدة في قادم الأيام. حيث قال “كان لابد من وجود سعر جديد للدواء في سوريا نتيجة ارتفاع الدولار أمام الليرة السورية، لكن “الأمور مستوية”، وبناء عليه تم تأجيل الفكرة حتى إشعار آخر”، في إشارة إلى الواقع المتردي للسوريين.

وفي حديث سابق لـ”الحل نت”، قال الخبير الاقتصادي رضوان الدبس إن موضوع ارتفاع أسعار الأدوية  ينظر إليه من عدة زوايا. حيث أن “الدول التي تحترم نفسها وشعوبها، عادة ما تكون الأدوية متوفرة وتدعمها الحكومة، وهذا الشيء غير موجود في سوريا للأسف. هذا لأن دمشق لا تملك القدرة على دعم القطاع الطبي في الأساس، فضلا عن العجز في الميزانية والمصاريف بشكل عام”.

وأشار الخبير الاقتصادي في حديثه، في حال تم رفع الأسعار من جديد، فسيكون بسبب أن معظم المواد الأساسية في صناعة الأدوية يتم استيرادها من الخارج، حيث تخضع هذه المواد لأكثر من عامل يؤدي لزيادة الأسعار، منها ارتفاع الضرائب والجمارك، وارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية مقابل الليرة السورية، إضافة إلى الوضع الأمني ​​في الموانئ على الساحل السوري، وعدم دخول المواد الأولية عبرها بشكل مباشر، الأمر الذي يحرم السوق السورية من بعض المنتجات الدوائية.

الخيارات الحالية أمام حكومة دمشق تتمثل بأن تترك الأدوية تفقد بالكامل في السوق وبالتالي إغلاق أبواب العديد من الصيدليات، أو السماح بارتفاع الأسعار لتغطية هذه التكاليف التي تتحدث عنها.

وختم الباحث الاقتصادي حديثه، “طبعا معامل الأدوية ليس لديها خيار سوى إغلاق خط الإنتاج، أو رفع قيمة منتجاتها حتى تتمكن من مواصلة عملها”.

قد يهمك: ارتفاع أسعار بالجملة.. شراكة بين الأدوية والخضار والفواكه

إغلاق لبعض المعامل!

نقيبة الصيادلة في سوريا، وفاء كيشي، أكدت من جانبها، أن رفع سعر الدواء الأخير نهاية شباط/ فبراير الماضي، كان من أجل أن تتمكن معامل الأدوية من توفير الدواء المفقود في الأسواق.

وأشارت كيشي خلال حديثها لموقع “هاشتاغ” المحلي، يوم أمس، إلى أن رفع سعر الدواء الأخير كان بهدف أن يعادل سعر التكلفة الحقيقية للزمر المفقودة، والتي اشتكى منها العديد من أصحاب معامل الأدوية وأدت إلى فقدان أصناف عدة منها في الأسواق، مع التلميح إلى إمكانية إغلاق العديد من المعامل قريبا نتيجة خساراتها المتلاحقة.

هذا ويعتبر القطاع الطبي في سوريا من أكثر القطاعات هشاشة جراء الحرب الدائرة في البلاد وعدم قدرة الحكومة على توفير أبسط مستلزمات هذا القطاع.

وشهد القطاع الطبي في الآونة الأخيرة تدهورا كبيرا، من هجرة الكوادر الطبية إلى نقص وارتفاع حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. فضلا عن الغياب الملحوظ للرقابة الحكومية والنقابية في السنوات الأخيرة. إضافة إلى قيام الشركات الأجنبية بسحب امتيازاتها الممنوحة إلى 58 شركة دواء سورية.

هيمنة الشركات الروسية

رغم الجهود والتوجهات للنهوض بهذا القطاع الذي يعد المحرك الأول للنمو الاقتصادي، يبدو أن الحديث عن الصناعة ومعوقاتها واهتماماتها لا يتوقف أبدا، ولا شك أن العديد من المنشآت والمصانع تواجه عدة مشكلات.

وزير الصناعة، زياد الصباغ، قال قبل أيام، لصحيفة “الوطن” المحلية، إن زيادة الطاقة الإنتاجية في الشركات المنتجة من أولويات الوزارة، حيث يجري العمل على تنفيذ سياسة الحكومة لتقدم الصناعة الوطنية، وتشكيل لجان متخصصة لتسوية الوضع القانوني لبعض الشركات.

كما تم الإعلان عن طرح العديد من الشركات والمنشآت المدمرة لإعادة التأهيل سواء كان ذلك بنفس النشاط الذي تقوم به كل شركة، أو بتغيير نشاطها بحيث يكون مجديا اقتصاديا.

وقال الوزير الصباغ، إن الاستثمار في المنشآت المدمرة في قطاع الأدوية السورية يمثل أولوية للحكومة، وله تأثير كبير على الأمن الصيدلاني.

كما أشار الوزير إلى وجود نقص في العمالة الماهرة نتيجة الظروف والحرب، وأن أحد أهداف الوزارة الرئيسية هو تأهيل وتدريب عمال جدد من خلال تطوير المناهج والمعاهد التطبيقية التابعة للوزارة. وكذلك تطوير المناهج المعتمدة في الدورات، ومن خلال خطط الاستثمار التي وضعتها الحكومة والمنظمات الأجنبية، على حد وصفه.

قد يهمك: هيمنة روسية على قطاع الأدوية السورية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.