يدخل الغزو الروسي لأوكرانيا شهره الثالث، في ظل صعوبات عدة تعانيها روسيا كان أبرزها عدم نجاحها في تحقيق أهدافها العسكرية، ومواجهتها العديد من الضغوط السياسية، فضلا عن العقوبات العديدة التي تعرضت لها ما أسهم في عزلها اقتصاديا.

في حين، لم تنجح أي وساطة دولية بين الجانبين الروسي والأوكراني في إبرام اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، حيث فشلت جميع الجهود أو المحادثات التي تمت بين الجانبين حتى الآن، بفضل التعنت الروسي والرغبة في التمدد غرب أراضيها.

إن استمرار هذا الصراع على هذا النحو، ووضع روسيا في زاوية ضيقة، بسبب العقوبات الدولية والعزلة السياسية الدولية لموسكو، قد يؤدي بالصراع إلى اتجاه أكثر تعقيدا وتورطا لموسكو ودخول أطراف أخرى كميليشيات وجماعات إرهابية مرتزقة، ما يؤدي إلى استجرار الغزو الروسي إلى منحى أكثر بشاعة، وبالتالي توجه روسيا إلى سياسة “المفاوضات المماطلة”، والذهاب بالحرب إلى أجل غير مسمى، وكل هذا على حساب الشعبين الأوكراني وكذلك الروسي.

موسكو تسعى لحرب عالمية؟

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قال اليوم الإثنين، إن “روسيا فشلت في تحقيق أهدافها بأوكرانيا، داعيا إلى إنهاء الحرب والعمليات العسكرية التي تشنها موسكو ضد كييف”.

وشدد بلينكن خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في ختام زيارتهما لأوكرانيا، أن معركة كييف “حسمت لصالح الأوكرانيين”، مضيفا: “تحدثت إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الجمعة الفائت، ودعوته إلى إبلاغ رسالة قوية جدا لبوتن بشأن الحاجة إلى إنهاء حربه ضد أوكرانيا”.

ولفت بلينكن إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين سيعودون إلى كييف هذا الأسبوع، وتابع بلينكن في حديثه: “تتعهد واشنطن بتقديم أكثر من 713 مليون دولار إضافية من المساعدات لأوكرانيا و15 دولة في وسط وشرق أوروبا”، على حد وصفه.

ومن جانبه، قال وزير الدفاع الأميركي، “خلال رحلتنا إلى كييف، ما رأيناه هناك يُظهر وكأن الحياة بدأت بالعودة إلى وضعه الطبيعي”.

وبشأن كيفية تأثير العقوبات في عزل موسكو اقتصاديا، قال الكاتب السوري فراس علاوي: “بعد انتهاء الحرب الباردة أو حروب السلاح، والسيطرة شبه الكاملة على وباء كوفيد -19، ليس هناك استعداد للغرب والدول الكبرى للدخول في حرب واسعة إلا للضرورة القصوى، وأعتقد أنه حتى اللحظة لم نصل إلى وضع الضرورة القصوى”.

ووفق تقدير علاوي، الذي تحدث لموقع “الحل نت”، أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعمل الآن على جر الغرب للدخول في حرب مفتوحة أي (العالمية)، وهذا أحد الأسباب التي دفعت بوتين لغزو أوكرانيا، ولكن الغرب لا يريد هذه الحرب، وخاصة الحروب الواسعة”.

لذلك لجأ المجتمع الدولي كنوع من التعويض في الحرب مع روسيا، إلى فرض عقوبات من جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية على موسكو، وهذا النوع من العقوبات سيعزل روسيا حتما، على حد وصف الكاتب السياسي السوري.

قد يهمك: هل تنجح الأمم المتحدة في إنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا؟

الجلوس على طاولة المفاوضات

قبل قرابة أسبوعين قالت وزارة الدفاع الروسية إن موسكو ستنتقل إلى “المرحلة النهائية” من حربها ضد أوكرانيا بعد “إنجاز جميع المهام الرئيسية” في شمال أوكرانيا وفق إدعائها، وأضافت أن القوات تنسحب من كييف لـ”تحرير” إقليم دونباس في الشرق، وفق وصف الوزارة الروسية.

كذلك، تحتدم أكبر معركة في هذه الحرب منذ أسابيع مع سعي روسيا للاستحواذ على مدينة ماريوبول، التي يُنظر إليها على أنها حيوية لمحاولاتها ربط منطقة دونباس الشرقية بشبه جزيرة القرم، التي استولت عليها موسكو في عام 2014، في حين يحتل الانفصاليين الذين تدعمهم موسكو أراضي في منطقة دونباس منذ سنوات.

أما عن مساهمة العقوبات الدولية وتأثيرها على الحكومة الروسية بالتوازي مع الخسائر العسكرية والضغوط السياسية، فيقول الكاتب السياسي، فراس علاوي، “بالطبع هذا الشيء له تأثير على جانبين؛ الأول من الممكن أن يؤثر على روسيا على المدى الطويل، ونعلم جميعا بأن الغرب تأثر قبل روسيا بهذه العقوبات والحصار المفروض على أوكرانيا، كون أوروبا تعتمد بشكل كبير على المنتجات الزراعية الأوكرانية والغاز والنفط الروسي، وبالتالي التأثير مضاعف على روسيا والشعب الروسي”.

وأردف علاوي في حديثه لـ”الحل نت”، “أما الجانب الآخر، فإن العقوبات الدولية ستضع بوتين في زاوية ضيقة، وبالتالي سيتقدم بوتين في تصعيد حربه ضد أوكرانيا، في محاولة لإرباك الدول الغربية وواشنطن ومنعهم من تشديد العقوبات على موسكو”.

واختتم الكاتب السياسي حديثه بالقول: “أعتقد أن موسكو الآن أمام خياران؛ إما المضي قدما في غزوها لأوكرانيا، وتحمل تبعاتها. أو رفع ما يسمى بـ “العبء السياسي” والجلوس على طاولة المفاوضات من أجل الحصول على الأقل على اعتراف الغرب بما وصلت إليه في أوكرانيا”.

قد يهمك: روسيا بين فكيّ كماشة في أوكرانيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة