الغزو الروسي على أوكرانيا له تداعيات خطيرة على الشرق الأوسط، إذ بات واضحا أنه يؤثر بشكل خاص على النفوذ الإيراني في سوريا والأمن الإقليمي لإسرائيل والولايات المتحدة.

ويبدو أن سوريا أصبحت قضية من الدرجة الثالثة بالنسبة لروسيا، كما أن إيران أقل تحفظا عن ذلك. فيما تشير التقارير إلى أن إسرائيل على يقين أن روسيا قد تختار زجها في حرب من خلال تفعيل دفاعها الصاروخي ضد الضربات الإسرائيلية على أهداف إيرانية في سوريا، مما يجبر إسرائيل على استهداف الدفاعات الروسية.

القلق من إيران

كشفت صحيفة “ذا هيل” الأميركية، عن إستراتيجية روسية تهدف إلى اندلاع حرب إقليمية جديدة تكون المليشيات التابعة لإيران طرفا فيها لصرف أي اهتمام بجرائم الحرب التي ترتكبها في أوكرانيا.

بوجود سوريا في يدها، شعرت روسيا باليقين من أن قاعدتها الجوية الموسعة في حميميم وميناءها البحري في المياه الدافئة في طرطوس على البحر الأبيض المتوسط سيصبحان مكانا دائما لتأسيس القوة الروسية في الفراغ الذي خلفه انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.

ثم أصبحت روسيا قلقة من أن النفوذ الإيراني وتوسعه في سوريا يمكن أن يعرض ممتلكاتها العسكرية للخطر من خلال استفزاز إسرائيل. لذلك، سمحت روسيا لإسرائيل بالوصول غير المقيد تقريبا لضرب قواعد الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية في سوريا، ومكنت الطائرات الإسرائيلية من استهداف نقل الأسلحة الدقيقة إلى “حزب الله” اللبناني.

ومع انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، باشرت طهران بعملية ملء الفراغ الذي خلفته موسكو في سوريا. وهذا ينذر بتدهور جوهري في الاستقرار الإقليمي، وفقا للصحيفة.

للقراءة أو الاستماع: الاتفاق النووي مع طهران.. هل يواجه النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة؟

إسرائيل في مرمى النيران

السمة الواضحة لدى روسيا، أنها غاضبة من إسرائيل لأن وزير خارجيتها اتهم روسيا بارتكاب جرائم حرب. وقد يرغب فلاديمير بوتين في معاقبة إسرائيل من خلال إنهاء التنسيق الأمني في سوريا الذي سمح لإسرائيل بضرب أهداف إيرانية دون تفعيل الدفاعات الجوية الروسية.

ونظرا لأن إيران تشعر بأنها أقل تقييدا من قبل روسيا، فقد تختار أن تكون أكثر استفزازا وأن تستهدف الدفاعات الإسرائيلية بأسطولها المتنامي والمتطور من الطائرات بدون طيار.

ويزيد هذا السيناريو من احتمالية اندلاع حرب في الشرق الأوسط. فحتى لو أرادت تهدئة الوضع، فربما تكون روسيا قد فقدت نفوذها مع إيران – خاصة وأن الإخفاقات العسكرية الروسية في أوكرانيا استحوذت على اهتمام بوتين.

ومن المثير للاهتمام، أنه في عام 2014، زادت روسيا من تدخلها العسكري في سوريا لصرف انتباه العالم عن غزوها غير القانوني لشبه جزيرة القرم وضمها، وهي نفس الخطة المتوقعة اليوم خلال غزوها لأوكرانيا. وقد تكون الحرب الإقليمية الجديدة بين وكلاء إيران من شمال إسرائيل جزءا من استراتيجية روسية لصرف الانتباه عن جرائم الحرب التي ترتكبها في أوكرانيا اليوم.

للقراءة أو الاستماع: خسارات روسية متلاحقة في أوكرانيا.. ماذا بعد؟

موسكو لا تأبه بالمصالح العالمية

عدم استقرار الشرق الأوسط  سيئ  للمجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، فعندما تُجبر إسرائيل على خوض الحرب، فإنها ستسبب مواقف دبلوماسية صعبة لأمريكا. ولا سيما بعد انخراط موسكو في غزوها لأوكرانيا، ستحتاج روسيا إلى إيران لحماية مصالحها في سوريا، والتي قد تفسرها إيران على أنها إشارة إلى أنها يمكن أن تكون أكثر قوة مع إسرائيل.

كما ستبقى القوات الأميركية في سوريا، التي تستهدفها القوات التي تعمل بالوكالة عن إيران، بحسب التقرير، في مرمى نيران المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

وبالنهاية، تسبب الحروب أحيانا تأثيرات غير مقصودة في المسارح العسكرية، وقد تظهر هذه الأحداث في دول الشرق الأوسط كإسرائيل وسوريا ولبنان. وقد يمثل هذا مشكلة عالمية أخرى، مما قد يصرف انتباه المجتمع الدولي وأميركا عن محور السياسية الخارجية الحالية تجاه روسيا والصين.

للقراءة أو الاستماع: هل تنجح الأمم المتحدة في إنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.