في الوقت الذي تشهد فيه العقارات بسوريا ارتفاعا بنسبة 10 إلى 20 بالمئة في العام الماضي 2021، لكن منذ بداية العام الجاري، تراجعت أسعار العقارات في سوريا، وخاصة في العاصمة دمشق، بنسبة 15 بالمئة، على الرغم من ركود البيع والشراء وانتشار العديد من العروض أمام عدد قليل من الطلب، فإنه لا تزال الأسعار مرتفعة، حيث وصل سعر المتر اليوم في بعض المناطق لأن يكون أغلى من سعر الشقة قبل عام 2011.

أما بالنسبة لتكلفة مواد البناء، فهي لا تزال في ارتفاع بشكل عام، تماما مثل باقي المواد التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، وفي مقدمتها الإسمنت.

ارتفاع أسعار جديد

حكومة دمشق رفعت مؤخرا أسعار الإسمنت بنسبة 90 في المئة تقريبا، ليصل سعر الطن الواحد إلى 397 ألف ليرة سورية، بعد أن كان 211 ألفا.

وأصدرت وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” في دمشق قرارا يقضي برفع مبيع الطن الواحد من مادة الإسمنت (المعبأ والفرط) المنتج لدى معامل المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء.

وبحسب القرار فقد أصبح سعر طن الإسمنت البورتلاندي عيار 32.5 المعبأ للمستهلك بـ 397 ألف و760 ليرة سورية، والفرط بـ 341 ألف و30 ليرة، أما سعر الطن الواحد من الإسمنت البورتلاندي عيار 42.5 المعبأ للمستهلك فقد أصبح بـ 413 ألفاً و490 ليرة سورية، والفرط بـ 355 ألفاً و270 ليرة.

شهدت مواد البناء مثل الإسمنت والحديد في سوريا ارتفاعات في الأسعار مؤخرا بأكثر من 100 بالمئة، والمشكلة مع الأسمنت ليست فقط سعره المرتفع في السوق، ولكن أيضا ندرته وشح مصادره في الوقت الحالي، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف البناء والإكساء، والذي بدوره أثر على أسعار العقارات وجعلها بأقل من التكاليف المدفوعة.

في سوريا، لا يوجد سوى عدد قليل من مصانع الأسمنت العاملة، مما يعني أن هناك ندرة مؤكدة في المواد في هذا الوقت، ووفقا لما أكده الخبير في الاقتصاد الهندسي، الدكتور محمد الجلالي، يبيع التجار الأسمنت بمعدلات وأسعار مختلفة، ويستشهد كل تاجر بالزيادة في تكاليف مواد البناء كسبب في ذلك.

وبحسب تصريحات صحفية للجلالي، مؤخرا فإن الركود في حركة بيع وشراء العقارات في سوريا، أدى إلى تراجع واضح في بناء وحدات سكنية جديدة، بسبب قلة الطلب على العقارات التي لم تتطور قيمتها رغم ارتفاع تكاليف الأسمنت، مشيرا إلى أن المشكلة الحالية، هي أن سوق العقارات لا يوفر وحدات سكنية جديدة، وأن تكاليف البناء والكسوة ارتفعت إلى درجة توقف فيها العمل في معظم مشاريع بناء المساكن.

إن أسعار العقارات حاليا في حالة ركود مقارنة بأسعارها قبل نحو خمسة أشهر، بسبب ضعف حركة البيع والشراء، وذلك في بعض المناطق مثل ضاحية قدسيا وغيرها من المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، حيث تراجعت الأسعار بنسبة ضئيلة تراوحت بين 10 و20 بالمئة لنفس السبب.

ركود وسوق سوداء

وبحسب المؤشرات الحالية، فإن أغلى مناطق دمشق هي حي كفرسوسة وحي المالكي، حيث انخفض سعر المتر فيها من 18 مليون ليرة سورية إلى 15.300 مليون ليرة، كما أوضح لبابيدي أن أقل أسعار العقارات في دمشق في المناطق النظامية (طابو أخضر) تقع في منطقة باب شرقي حيث وصل سعر المتر إلى 4.5 ملايين ليرة سورية، وانخفض اليوم إلى 3.800 مليون ليرة، مبينا أن وسطي الأسعار في دمشق وصلت إلى ما بين 8-6 ملايين ليرة في أحياء التجارة والمزرعة والمهاجرين والشعلان والقصاع وشارع بغداد.

لكن وزارة المالية السورية، كانت قد أظهرت بيانات قبل أيام تفيد فيه بأن قيمة العقارات المباعة في المحافظات السورية منذ بداية العام الجاري، ولغاية 7 نيسان/أبريل، ارتفعت إلى أكثر من 3 آلاف مليار ليرة، وتبلغ نسبة هذه الزيادة 8.3 بالمئة، مع تسجيل 116.2 ألف عقد بيع، فيما بلغ عدد عقود الإيجار 57 ألف و200 عقد، حسب مصادر محلية.

بسبب ندرة الإسمنت وتكاليفه الباهظة في السوق السوداء التي تزيد عن 50 ألف ليرة سورية مقابل كيس بوزن 50 كيلوغراما، توقفت معظم أنشطة البناء في دمشق ومحيطها.

ارتفاع سعر الإسمنت، بحسب مصادر محلية في دمشق، يعني خسارة المقاولين، بمن فيهم من يملكون شققا لم تُباع بعد، وسيضطرون إلى رفع الأسعار مجددا، تاركين الأمل في بيعها.

وكشفت المصادر، بأن المحاضر التي ضمن طور البناء، توقفت عدة مرات قبل نحو شهر بسبب تقلبات أسعار الإسمنت، ثم توقفت نهائيا بسبب اختفاء المادة من السوق وارتفاع سعرها بين المحتكرين.

من ناحية أخرى، يرى أحد الاقتصاديين أن فقدان الأسمنت وما تلاه من ارتفاع في سعره لهما عواقب اجتماعية وخيمة، حيث يمتد تأثيرها إلى ما هو أبعد من رفع أسعار الشقق، بل إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال في هذا القطاع، مما يضع أسرهم معرضين لخطر الفقر والعوز.

وفي حين يبلغ متوسط ​​صافي الراتب الشهري للموظف السوري 90 ألف ليرة سورية، فقد بات شراء منزل في سوريا أمر يفوق خيالات السوريين. فمع ارتفاع أسعار العقارات في سوريا غير المبرر في الآونة الأخيرة، أصبح من المستحيل شراء منزل في سوريا. حتى لو كان المرء محظوظا بما يكفي للعثور على وظيفة. حيث تعتبر أزمة السكن في سوريا من أكثر القضايا إلحاحا في البلاد. في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف البناء بنحو 200 بالمئة.

وعليه فإنه من المتوقع أن نشهد ارتفاعا جديدا في أسعار مادة الإسمنت خلال الأيام المقبلة، بحيث سيؤثر ذلك بالتأكيد على أعمال البناء وأجور العمال والنقل وغير ذلك من الأمور المتعلقة بعمليات البناء وسوق العقارات.

يتأثر سوق العقارات في سوريا بعدة عوامل مرتبطة بشكل غير مباشر بالهجرة من جهة وإصدار الحكومة السورية تعديلات على قوانين المالية العقارية من جهة أخرى. إلا أن خبراء اقتصاديون أكدوا أن أسعار العقارات في سوريا لا تزال شبه ثابتة، وسبب ارتفاع أسعارها هو انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية أي أن هذا الارتفاع غير حقيقي.

بالإضافة إلى انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية، أوضح الخبير العقاري، عمار يوسف، يوم أمس الأحد، أن عدة عوامل ساهمت في ركود السوق العقاري، أولها الضرائب الحكومية “ضريبة مبيعات العقارات”، والتي كان لها أثر كبير على تداول في سوق العقارات، حيث ينتج عن أي تداول عقاري خسارة بنسبة 1.5 بالمئة للبائع والمشتري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.