خلال العام الفائت، حذر المهتمون بالشأن الاقتصادي في سوريا، من أن وباء “كورونا” مهد المسرح للحكومة لفرض مزيد من الزيادات الكبيرة في أسعار المواد الغذائية، في حين أن المسؤولين ألقوا باللوم على قضايا الإمداد المتعلقة بالإغلاقات، فضلا عن ارتفاع تكاليف العمالة، وارتفاع نفقات الأسمدة وغيرها من الضروريات الزراعية والتصديرية.

ويعني ارتفاع السعر بنسبة 10 بالمئة داخل سوريا، أن تكلفة هذا العنصر المحدد قد زادت بنسبة 10 بالمئة. عندما تنمو معظم الأسعار بشكل غيرر مفهوم، هذا يشير إلى أن هناك تضخم، وهذا بشرط ألا تنخفض أسعار سلع أخرى بشكل كبير، وهذا ما يحدث في سوريا، والذي ستكون نتيجته الحتمية، أن يصبح الناس أكثر فقرا.

تحذير من هجرة للفلاحين

في تحذير جديد، قال الخبير في مجال التنمية، أكرم عفيف، خلال حديثه الثلاثاء الفائت، لموقع “جهينة نيوز” المحلي، في حال استمر واقع غلاء الأسعار، سيؤدي إلى هجرة الفلاح للتربية، وبالتالي انعدام السلعة المحلية، والاضطرار إلى استيرادها، والتي بدورها ستصبح غالية على المواطنين محدودي الدخل.

وأوضح عفيف، أن كيلوغرام الحليب في سوريا يكلف 1100 ليرة للحليب، فيما تبلغ تكلفة عبوة الماء 3000 ليرة في التجارة السورية، وهذا لم يحدث في تاريخ سوريا، وإذا استمر ذلك سيضطر المزارع لهجرة عمله، وكيلوغرام الحليب سيكلف حينها 4000 ليرة سورية.

وبحسب محمد حرفوش الخبير الزراعي، فإن المزارع يبيع بسعر التكلفة؛ لأن متطلبات الإنتاج مرتفعة للغاية وتضاعفت تكلفة زراعة الدونمات، وبات الفلاح يبيع بأسعار رخصية والمواطن يعاني من ارتفاع الأسعار، مضيفا أن “هذه المعادلة قديمة من دون حل، وجميع الاجتهادات للبيع المباشر كانت فاشلة، والسورية للتجارة لا تحضر لاستلام جميع المحاصيل”.

التجارة السورية لا تواكب الأسواق

وحول واقع الأسعار في دمشق بعد إجازة العيد، أكد أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزي، أن انخفاض الأسعار غير ملحوظ خاصة للخضار والفواكه، وأن الأسعار يجب أن تكون أقل مما بعد إجازة العيد، لأن الاستهلاك قد انخفض.

مبررات نفقات النقل، بحسب حبزي، غير منطقية؛ لأن تكاليف النقل أقل بكثير من الأسعار المرتفعة التي يبيع بها المزارع.

ورداً على تدخل السورية للتجارة في الأسواق، أشار حبزي، إلى أن أسعار الصالات التجارية السورية لا تتماشى مع أسعار السوق، فالفرق واضح، إذ في بداية أي تدخل لها في سلعة معينة تنخفض الأسعار، ولكن نتيجة عدم المتابعة والسرعة في مواكبة أسعار السوق، يصبح سعر السلعة داخل صالتها أكثر من الأسواق.

وقال حبزي، إن عقب إجازة العيد في سوريا، أسعار الحليب ارتفعت، حيث وصل الكيلو إلى 2400 ليرة، وارتفعت أسعار اللحوم، حيث وصل الكيلو إلى 42 ألف ليرة، وارتفعت أسعار الفروج بشكل عام.

وفيما يتعلق بتكاليف الفاكهة، بيّن حبزي، إن سعر التفاح والبرتقال أصبح الآن أكثر تكلفة مما كان عليه قبل إجازة العيد،  أما الثمار الصيفية فقد اعتبرها فوق طاقة المواطن، الذي منذ مدة ترك أكلها ولم يلتفت إليها.

أزمة تأمين جديدة

على الرغم من وعود الحكومة السورية الأخيرة بإنهاء أزمة الزيت وتوفيره بشكل كبير وبأسعار مناسبة، لا تزال أزمة الزيوت النباتية في سوريا مستمرة، وحتى الآن لم يتم تنفيذ هذه الوعود بشكل فعّلي على أرض الواقع، إذ سجل سعر الزيت النباتي نحو 22 ألف ليرة سورية للتر الواحد.

صحيفة “البعث” المحلية، تساءلت في مادة لها قبل يومين حول عزوف ملايين العوائل السورية عن شراء زيت الزيتون ما دام بديله النباتي شبه مفقود، خاصة وأن وزارة التجارة أخلفت بوعدها ولم تستطع تأمينه بسعر أقل من سعره في السوق السوداء، حيث أن سعر ليتر زيت الزيتون، وفق ما صرح به بعض المنتجين الكبار، يتراوح بين 12500 ليرة سورية و15000 ليرة أي أقل من سعر الزيت النباتي.

وفي سياق جواب هذا التساؤل، يبدو أنه يعود إلى عدم توفر زيت الزيتون بعبوات من سعة ليتر أو أقل بسعر يوازي مثيله النباتي، إذ ليس بمقدور غالبية الأسر شراء بيدون بسعر 250 ألف ليرة أو 300 ألف، بدليل أن عبوات الليترين من الزيت النباتي اختفت منذ سنوات؛ لأن هناك صعوبة بتصريفها أسوة بعبوة الليتر. أما الشركات الخاصة التي تسوّق زيت الزيتون بعبوات الليتر، فأسعارها مرتفعة وأغلى من مثيلاتها النباتية بعدة آلاف، أي لا تجد إقبالا من ملايين المواطنين.

وبذلك تشير جميع المعطيات والتقارير، إلى أن الحكومة السورية ليست جادة في إيجاد حلول لأزمة الزيت في البلاد، وإنما فقط تقوم بإطلاق وعود وقرارات “رنانة”، ويرى البعض من المواطنين وأصحاب المحال التجارية، أن “الحكومة هي من تخلق الأزمات وانتعاش السوق السوداء”، في سبيل نهب جيوب المواطنين قدر المستطاع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.