مع تنامي أزمة الطاقة في العالم، نتيجة استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، تسعى المغرب إلى الاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة، لمواجهة أزمة نقص الطاقة، ما جعلها في مركز متقدم عالميا بين الدول الرائدة في هذا المجال، فما دور هذا التقدم في مواجهة الأزمة.

المغرب يمر بأزمة طاقة متعددة الأسباب، ويمثل حاليا “الاستقلال الطاقي” حلما بالنسبة للرباط، بعدما ارتفعت الأسعار وتوقف نصيبه من إمدادات الغاز الجزائري الذي يعبر أراضيه باتجاه أوروبا في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ليزيد من أزمة المغرب، فضلا عن أن البلاد تستورد 90 بالمئة من الغاز الذي تستهلكه.

مرتبة متقدمة

بحسب ترتيب شركة الاستثمارات “إيرنست أند يونغ“، فإن المغرب أصبحت في المرتبة التاسعة عشر عالميا، في مؤشر جاذبية الدولة للطاقة المتجددة، إلى جانب الاقتصادات الكبرى، إذ تسعى حكومة الرباط إلى تطوير خطوط أنابيب الطاقة المتجددة على نطاق واسع، بهدف تلبية الطلب المحلي والأجنبي على الطاقة النظيفة.

أزمة نقص الطاقة والنفط، دفعت المغرب باتجاه المزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة البديلة، لتسجيل البلاد خلال العام الماضي بحسب ما نقل تقرير لموقع “سكاي نيوز“، زيادة في إمدادات الطاقة المتجددة بنسبة 10 بالمئة لتصل إلى 19 بالمئة من إجمالي سوق الطاقة.

نتيجة موقعها في كوكب الأرض، تقدر عدد ساعات تعرض المغرب لأشعة الشمس بثلاثة آلاف ساعة سنويا، وهو رقم جيد للاستفادة من الطاقة الشمسية، كما يساهم هذا الاستثمار في مواجهة آثار التغير المناخي والتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.

لكن الهدف الرئيسي من هذه المشاريع هو تأمين أقصى ما يمكن تأمينه من الاستهلاك المحلي للطاقة، حيث أن الحكومة تسعى بالتوازي مع الاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة، إلى مواصلة البحث والتنقيب عن الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي، بعد أن دخلت البلاد في أزمة طاقة.

وزيرة الطاقة المغربية ليلى بن علي، كشفت مؤخرا عن ارتفاع مستوى التنقيب عن الغاز الطبيعي، وأكدت أن تلك الجهود، تكللت بمنح رخص لمجموعة من الشركات الأجنبية للبحث عن النفط والغاز.

بن علي قالت في تصريحات نقلتها منصة “الطاقة“، إن “السبب هو نتائج الدراسات والأبحاث الجيولوجية والجيوفيزيائية التي أظهرت وجود نتائج مشجّعة لوجود موارد محتملة من الغاز الطبيعي في عدد من المناطق في المغرب“.

بحسب تقرير لموقع “عربي بوست“، فإن العديد من الشركات الأجنبية كشركة “ساوند إنرجي” البريطانية، بدأت التنقيب على الغاز في المغرب وتطوير عدد من الحقول، حيث تسعى الشركة البريطانية إلى تسليم أول إنتاج من الغاز من حقل “تندرارة” شرقي المغرب نهاية 2023، فيما تعد شركة “شاريوت” ببدء إنتاج الغاز المكتشف في حقل “إنشوا 2″ بالمنطقة البحرية ليكسوس قبالة العرائش بحلول عام 2024.

قد يهمك: جهود أميركية لحماية الملاحة في الشرق الأوسط.. ما هي التهديدات؟

بالتوازي مع اكتشافات حقول الغاز في المغرب، تعمل الحكومة على مشروع تطوير أنبوب الغاز النيجيري، والذي يمكن له أن يمد أوروبا بالغاز، بما يصل إلى 31 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، في الوقت الذي تسعى فيه القارة العجوز لإيجاد بدائل للإمدادات الروسية.

لكن هذا الخط يواجه بالتأكيد تنافسا شديدا، مع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء بين نيجيريا والجزائر والنيجر، الذي يهدف أيضا إلى إمداد أوروبا بالغاز عبر منطقة الساحل، لا سيما بعد أن بدأت الجزائر توقيع العديد من الاتفاقيات مع الدول الأوروبية لمدها بالغاز.

مواجهة نقص الطاقة

بالعودة إلى مشاريع الطاقة البديلة، فقد أعلن الديوان الملكي المغربي، أن الرباط تعتزم إنتاج 52 بالمئة من الكهرباء انطلاقا من الطاقات المتجددة بحلول عام 2030.

الديوان لفت في بيان نشرته وكالة أنباء المغرب الرسمية، ونقلته وكالة “الأناضول“، إلى أن الملك محمد السادس ترأس الثلاثاء الفائت، بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل خصصت لتطوير الطاقات المتجددة والآفاق الجديدة في هذا المجال.

البيان أوضح، أن البلاد تهدف للارتقاء إلى نادي الدول ذات المؤهلات القوية في القطاع المستقبلي، والاستجابة للمشاريع المتعددة التي يحملها المستثمرون والرواد العالميون.

البيانات الحكومية تشير إلى وجود 111 مشروعا من الطاقة النظيفة في طور الاستغلال والتطوير، مع استحواذ الطاقة المتجددة على حصة 37 بالمئة من القدرة الكهربائية المولّدة في البلاد، خلال 2021.

القدرة الكهربائية المولّدة عبر استخدام الطاقة المتجددة، بلغت بحسب مؤشرات وزارة الطاقة المغربية عن 2021، نحو 3.95 آلاف ميغا واط.

المملكة المغربية أصبحت من أبرز محطات الاستثمارات الأجنبية والمحلية في مجال الطاقات المتجددة خاصة الشمسية والريحية، ومكّنت القوانين والإصلاحات التي باشرتها من تحفيز الاستثمار على مستوى مختلف المناطق، خاصة الجنوبية المتميزة بجاذبيتها للاستثمار الوطني والدولي في مجال تطوير مشاريع الطاقات المتجددة، نظرا للإمكانات الهائلة التي تتوفر بها في هذا المجال.

تعمل المغرب كذلك على إطلاق مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا، وهو واحد من المشاريع الضخمة والعملاقة، التي يعوّل عليها لتزويد المملكة المتحدة بطاقة نظيفة عبر كابلات بحرية هي الأطول في العالم، وتمتد من محطات لإنتاج الطاقات الشمسية والريحية بالمغرب من منطقة كلميم واد نون التي تلقب بـ“بوابة الصحراء“، نحو السواحل البريطانية.

من المتوقع أن يتم ربط أطول خط كهرباء في العالم بطول 3800 كيلومتر من السواحل الجنوبية للمملكة المتحدة، وصولا إلى السواحل الجنوبية للمغرب.

المغرب كان قد أنشأ في ورزازات، جنوبي المملكة، واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، بتمويل أوروبي على مساحة 1.5 مليون متر مربع.

المغرب يعاني من أوضاع اقتصادية ومعيشية متدنية، إذ يرزح ما يزيد عن 12.1 بالمئة من المغاربة، تحت أزمة البطالة، وما يقارب 20 بالمئة تحت خط الفقر، ونحو 2 بالمئة، تحت خط الفقر المدقع، وكلها مؤشرات تزيد الأعباء على كاهل الحكومة المغربية، التي من الواجب أن تزيد من جهودها لمواجهة الأزمة الحالية، مع تغليب مصالح المواطنين وإن لبعض الوقت على حساب بعض المؤشرات الاقتصادية وفي مقدمتها عجز الموازنة العامة.

وفيما إذا نجحت مشاريع الطاقة البديلة، بالتوازي مع مشاريع البحث عن مصادر أخرى للطاقة، فإن المسؤولين في الرباط، يؤكدون أن تلك المشاريع ستساعد البلاد على سد النسبة الساحقة من احتياجاتها من الطاقة خلال السنوات المقبلة.

قد يهمك: رفضتها معظم الأطراف الدولية.. هل تطلق أنقرة عملية عسكرية شمالي سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.