أمس الأول، صوّت البرلمان العراقي على اختيار أعضاء اللجان الدائمة للمجلس النيابي، حيث تكونت 25 لجنة نيابية، معظمها تمارس العمل الرقابي والتشريعي.

لم يختر البرلمان رؤساء اللجان النيابية، وقرر اختيارهم بعد تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، لكنه اختار رؤساء بشكل مؤقت لتلك اللجان.

اللافت، أن “التيار الصدري” قام بتوزيع نوابه في معظم اللجان، وخاصة المهمة منها، بل وعيّن رؤساء بشكل موقت لأهم تلك اللحان من كتلته، أبرزها “اللجنة المالية” برئاسة حسن الكعبي.

يدور في الكواليس السياسية، أن الاتفاقات حسمت بمنح رئاسة 12 – 15 لجنة من مجموع اللجان الـ 25 النيابية لصالح “التيار الصدري”، وذلك يعني ابتلاع البرلمان العراقي من قبل “الكتلة الصدرية”، بحسب كثير من المراقبين.

للقراءة أو الاستماع:

حكومة تسيّرها لجان “التيار الصدري”

ما يؤكد ذلك، هو مجيء “التيار الصدري” بحليفهم محمد الحلبوسي إلى كرسي رئاسة البرلمان، وتعيين القيادي في “الكتلة الصدرية” حاكم الزاملي بمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان.

سطوة “التيار الصدري” على البرلمان، ترافقها تعيين أمناء السر والمستشارين للجان النيابية لموظفين يتبعون إلى “الكتلة الصدرية”، ناهيك عن أن الأمين العام لمجلس الوزراء، حميد الغزي، هو من أبناء “التيار” أيضا.

ما الذي يعنيه ابتلاع “التيار الصدري” للبرلمان العراقي وحكم قبضته عليه؟ وما الذي يريده من خلال ذلك؟ أسئلة تجيب عنها الباحثة السياسية، ريم الجاف.

تقول الجاف لـ “الحل نت”، إن إحكام “الكتلة الصدرية” سيطرتها على البرلمان، يعني أن السلطة التشريعية ستكون تحت أيادي “التيار”، وبعني أن كل التشريعات القانونية ستخرج وفقة رغبة “التيار الصدري”.

للقراءة أو الاستماع:

كذلك، فإنه بقبضته على لجان القبة التشريعية، سيكون بإمكان “التيار” إجراء تعديلات واسعة على الدستور العراقي، وأهمها نقطة الكتلة الأكبر نيابيا، وجعلها تلك التي تفوز في الانتخابات وليست التي تتكون من خلال التحالفات بعد الانتخابات، وفق الجاف.

وتضيف الجاف، ما وراء تلك السطوة على البرلمان، هو السعي لتطبيق مبادرة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر الأخيرة، وهي تشكيل حكومة كاملة من المستقلين بدءا من رئيس الحكومة وانتهاء بآخر حقيبة وزارية.

الجاف تردف، أنه لو تحقق ذلك السيناريو وآتت حكومة مستقلة، لا يشترك فيها تحالف الصدر ولا “الإطار التنسيقي”، فإن الصدر بذلك سيسحب البساط من خصمه اللدود “الإطار”، ويكون دور البرلمان عبر اللجان النيابية، أقوى من السلطة التنفيذية.

وتشير إلى أنه، حتى لو أخفق “التيار الصدري” في تشكيل حكومة مستقلة، فإن بقاء الحكومة الحالية هو مكسب آخر؛ لقرب هذه ااحكومة من الصدر، وبالتالي سيقوم البرلمان الذي يستحوذ عليه “التيار” بتسيير الحكومة وفق الطريقة التي يريدها.

صراع وعناد شرس

ينقسم المشهد السياسي الحالي في العراق، إلى صراع ثنائي بين تحالف “إنقاذ وطن” بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” بقيادة زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي.

ويضم تحالف “إنقاذ وطن”، كتلة “التيار الصدري” مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني وتحالف “السيادة” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

بينما يضم “الإطار التنسيقي”، جميع القوى الشيعية الموالية إلى إيران والخاسرة في الانتخابات المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.

ويسعى مقتدى الصدر الفائز أولا في الانتخابات المبكرة، إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعيدا عن إشراك “الإطار التنسيقي” فيها، بينما يطمح “الإطار” إلى حكومة توافقية يتم إشراكهم بها.

للقراءة أو الاستماع:

ويعيش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

وكان مقتدى الصدر، أكد في وقت سابق عبر حسابه بموقع “تويتر”: “لن أتحالف معكم (…) وأن الانسداد السياسي أهون من التوافق مع التبعية”، في إشارة منه إلى تبعية “الإطار” لإيران.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا؛ بسبب سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار التنسيقي” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع عدد من النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.