بالأمس، ومن أجل البحث عن مخرج لحالة الانسداد السياسي المعطلة لملف تشكيل الحكومة العراقية، اجتمعت قيادات التحالف الثلاثي “إنقاذ وطن” في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.

الاجتماع الذي حصل في مقر زعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، مسعود بارزاني، حضره رئيس “الكتلة الصدرية” حسن العذاري، مع زعيمي حزب “تقدم” محمد الحلبوسي وحزب “عزم” خميس الخنجر المنضويين في “تحالف السيادة”.

الاجتماع المرتقب لم يأتِ بالجديد، فقد أكد تحالف “إنقاذ وطن” مرة أخرى في بيان تلقاه “الحل نت”، انفتاحه على القوى السياسية التي تؤمن بحكومة “الأغلبية الوطنية”.

كذلك اتفق التحالف بحسب البيان، على أن يأخذ مجلس النواب دوره في تشريع القوانين التي تصب في مصلحة المواطنين، وكذا ممارسة دوره الرقابي.

غير ذلك، لا شيء تحقق من الاجتماع، وهو ما يدلّل على استمرار حالة الانسداد السياسي، فمن المستفيد من هذا الوضع الراهن، وهل من متضرر؟

بارزاني غير مهتم

يقول الأكاديمي والمحلل السياسي علاء مصطفى، إن الاجتماع قبل أن يبدأ أظهر عدم اهتمام “الحزب الديمقراطي” بزعامة بارزاني بحالة الانسداد السياسي الحاصلة.

ويوضّح مصطفى، أن ذلك تبين من خلال بروتوكول استقبال وفد التحالف الثلاثي الذي وصل مطار أربيل، بغياب مسعود بارزاني، ولم يحضر محله لا رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، ولا رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني.

“لا بل لم يستقبل الوفد أي عضو في المكتب السياسي لحزب بارزاني”، وتم الاكتفاء باستقبال الوفد القادم من بغداد من قبل أحد قيادات “الحزب الديمقراطي”، يضيف مصطفى لـ “الحل نت”.

ويردف مصطفى وهو أستاذ في العلاقات العامة الدولية بجامعة بغداد، أن عدم استقبال الوفد من قبل شخصية بارزة في أربيل، رسالة مفادها عدم اهتمام بارزاني بملف تشكيل الحكومة لو تأخرت.

ويتابع، أن بارزاني يتصرف بواقعية؛ لأنه لن يتأثر مهما طال ملف تشكيل الحكومة العراقية، فهو يمتلك حكومة الإقليم بين يديه، وعلاقته مع بغداد وحكومة مصطفى الكاظمي في أحسن حال.

للقراءة أو الاستماع:

فيما يخص “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فهو الآخر لا يبدو متأثرا بتأخر تشكيل الحكومة الجديدة؛ لأن الكاظمي هو الأقرب للصدر، ناهيك عن أن أمين عام مجلس الوزراء حميد الغزي هو من قيادات “التيار”، وفق مصطفى.

ويكمل، كما أن “التيار الصدري” يسيطر على البرلمان العراقي بشكل كبير، فهو يمتلك رئاسة اللجنة المالية ومنصب النائب الأول لرئيس البرلمان حاكم الزاملي، الذي يبدو واقعيا وكأنه هو الرئيس للمجلس النيابي.

خشية من تفتّت البيت السنّي

“التيار الصدري”، من أكثر المستفيدين من بقاء الوضع الراهن على حاله، ولن يستعجل لتشكيل الحكومة الجديدة عبر الرضوخ للتوافق، بل سينتظر لحين مجيء الفرصة المناسبة التي تتيح له تشكيل حكومة الأغلبية التي يطمح لها، بحسب مصطفى.

المتضرر الوحيد من بقاء الوضع على حاله وتأخر ملف تشكيل الحكومة، هو البيت السياسي السني بقيادة محمد الحلبوسي؛ لأن هناك خشية كبيرة من حدوث انشقاقات داخل ذلك البيت، على حد تعبير مصطفى.

ويلفت مصطفى، إلى أن المعطيات تشير إلى وجود خلافات حادة بين قيادات كتل داخل “تحالف السيادة” الجامع للبيت السني، وخاصة بين مشعان الجبوري وأحمد الجبوري “أبو مازن”.

للقراءة أو الاستماع:

ويشير إلى أن تلك الخلافات إن تطورت، فستحصل انشقاقات؛ ما يعجّل بانسحاب عدد من الأعضاء الذين ينتمون لكتلتي مشعان الجبوري و”أبو مازن”، خصوصا وأن “الإطار التنسيقي” ينتظر أي فرصة لاقتناصها من أجل تشتيت وحدة صف التحالف الثلاثي.

وفق علاء مصطفى، فإن الحلبوسي لا يريد استمرار الانسداد السياسي؛ لأن الانشقاقات لو حدثت داخل البيت السني، فإن ذلك سيهدد بقاءه في منصبه الحالي برئاسة البرلمان، لكن الواقع ليس كما يرجوه الحلبوسي.

الواقع، يشير إلى أن الانسداد السياسي سيمتد ويطول، والحكومة الحالية ستستمر على حالها لاستفادة الصدر وبارزاني من وجودها، في حال عدم تشكل حكومة الأغلبية التي يريدونها، يقول مصطفى مختتما.

عناد ثنائي

ينقسم المشهد السياسي الحالي في العراق، إلى صراع ثنائي بين تحالف “إنقاذ وطن” بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” بقيادة زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي.

ويضم تحالف “إنقاذ وطن”، كتلة “التيار الصدري” مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني وتحالف “السيادة” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

للقراءة أو الاستماع:

بينما يضم “الإطار التنسيقي”، جميع القوى الشيعية الموالية إلى إيران والخاسرة في الانتخابات المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.

ويسعى مقتدى الصدر الفائز أولا في الانتخابات المبكرة، إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعيدا عن إشراك “الإطار التنسيقي” فيها، بينما يطمح “الإطار” إلى حكومة توافقية يتم إشراكهم بها.

ويعيش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

وكان مقتدى الصدر، أكد في وقت سابق عبر حسابه بموقع “تويتر”: “لن أتحالف معكم (…) وأن الانسداد السياسي أهون من التوافق مع التبعية”، في إشارة منه إلى تبعية “الإطار” لإيران.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

للقراءة أو الاستماع:

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا؛ بسبب سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار التنسيقي” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع عدد من النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة