كان موقف إسرائيل الرسمي من الحرب السورية هو الحياد الصارم، لكن من ناحية أخرى، انخرطت إسرائيل سياسيا وعسكريا لمنع تنامي نفوذ وترسيخ القوات الإيرانية ووكلائها في جميع أنحاء سوريا، وتصاعد ذلك بعد تأكيد جنرالات في الجيش الإسرائيلي ومسؤولون غربيون، إنه لو لم تصعد إسرائيل حملتها الجوية، لكانت إيران قد أقامت قاعدة انطلاق استراتيجية قرب حدودها.

مصياف مرة أخرى

أفادت وسائل إعلام رسمية سورية، أمس الجمعة، أن صواريخ إسرائيلية استهدفت وسط سوريا، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص، بينهم مدني، وإشتعال حرائق في مزارع في المنطقة.

قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، إن الصواريخ أطلقت على بلدة مصياف بريف حماة. مضيفة أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت عدة صواريخ. ونقلت عن مسؤول عسكري سوري لم تسمه، قوله إن خمسة أشخاص قتلوا، بينهم مدني، وأصيب سبعة آخرون.

من جهته، أشار “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، إلى أن طائرات إسرائيلية أطلقت ثمانية صواريخ على الأقل، أصابت مستودعات أسلحة ومواقع تابعة لمليشيات إيرانية في منطقة مصياف، ما أدى إلى اندلاع عدة حرائق، وأضاف أن سيارات الإسعاف شوهدت وهي تندفع إلى المنطقة.

وفي السياق ذاته، قال المدير العامة للهيئة العامة لـ “مشفى مصياف الوطني”، ماهر يونس، لصحيفة “الوطن” المحلية، إن “خمسة قتلى وتسعة إصابات بينهم طفلة، هي الحصيلة النهائية للعدوان الإسرائيلي على مصياف”.

تصاعد حدة القصف

على الرغم من أنه لم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي على الهجوم، حيث يؤكد المرصد إنه الهجوم الإسرائيلي الأخير، هو الثاني عشر على الأراضي السورية منذ بداية العام، إلا أن إسرائيل صعّدت من هجومها على سوريا خلال الفترة الأخيرة.

ففي 11 من أيار/مايو الحالي، استهدفت إسرائيل نقاطًا في محيط بلدة حضر بريف القنيطرة الشمالي، واقتصرت الأضرار على الماديات.

برنامج الأسلحة الكيماوية السوري، كان في يوم من الأيام قلب التوترات بين سوريا والولايات المتحدة وإسرائيل وكان سببا للكثير من الجدل حول مزاعم استخدام دمشق للأسلحة الكيماوية ضد المعارضة السورية. الآن ومع تحركات النفوذ الإيراني على الأراضي السورية، تركز إسرائيل استهدافها لمركز البحوث العلمية، خوفا من إعادة بناء دمشق ترسانتها الكيمياوية بمساعدة طهران وشركائهما، ضمن إطار التمدد الإيراني وتهديد استقرار أمن المنطقة.

ففي نيسان/أبريل الفائت، استهدف سلاح الجو الإسرائيلي من شمال لبنان، مدينة مصياف ونقطة في قرية السويدي ومعامل الدفاع في منطقة الزاوي بريف حماة الغربي، حيث تتواجد مليشيات تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني، و”حزب الله اللبناني”، ومستودعات ومراكز بحوث لتطوير الصواريخ، والطائرات المسيرة.

ومن الواضح أن المسؤولين الإسرائيليين، يعتقدون أن المواد الكيماوية ستعيد بناء برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا. ولكن هذه المرة تحت إشراف وسلطة طهران، لذلك حدثت المزيد من الضربات. حيث استهدفت غارة في 8 حزيران/يونيو مخازن عسكرية قرب الناصرية، وهي قرية صحراوية شمال دمشق، وموقعين إضافيين بالقرب من حمص. من بين هذين الموقعين، تم وصف أحدهما بأنه المركز المساعد للمختبر العسكري لمركز البحوث العلمية في مصياف.

منشآت التطوير الإيرانية في سوريا

كانت منطقة مصياف هدفا لعدة هجمات في السنوات الأخيرة، نُسبت معظمها للجيش الإسرائيلي. وكانت آخر مرة استهدفت فيها غارة جوية في المنطقة ذاتها في أوائل حزيران/يونيو الفائت، عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية منشآت أسلحة كيماوية في المدينة ومواقع أخرى، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”. وقُتل ما لا يقل عن ثمانية جنود سوريين في تلك الضربات، بحسب وسائل إعلام محلية.

تركيز إسرائيل استهدافها لمركز البحوث العلمية، بتحليل الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، أنه جاء بناء على أن هذه المراكز تعنى بتطوير الأسلحة، والتطوير التقني للمواد الكيماوية، وهي من أهم المواقع بالنسبة لإسرائيل التي تستهدفها في سوريا.

هذه المواقع وفق تأكيد علوان، خلال حديث سابق لـ”الحل نت”، هي مواقع ايرانية بشكل كامل. مضيفا، أن “القصف هو سياسة جز العشب، وهي رسائل مباشرة لإيران وليست للنظام السوري. والذي يعد الآن بشكل أو بآخر راضخ لإيران بشكل كامل، وليست كذلك رسائل لأي أطراف أخرى. لا سيما روسيا التي تقوم إسرائيل بالتنسيق معها سابقا من أجل قصف هذه المواقع”.

كما بيّن علوان، أن هذه المراكز تقوم بتطوير أجهزة توجيه حراري للصواريخ. وتقوم بحقن بعض الصواريخ بمواد كيماوية. بالإضافة لأنها تطور مزيجا من المواد الكيماوية وتصنع منه الأسلحة. وهناك أيضا أهداف أخرى غير مراكز البحوث هي مستودعات الصواريخ ومستودعات الطيران المسير، ومستودعات الرادارات التي قيد التجهيز.

وبحسب المعلومات التي نقلها علوان، فإن هناك كما هائلا من الأسلحة النوعية وبالتحديد صواريخ جاءت من إيران إلى سوريا؛ مستغلة الانشغال الروسي المعارك في أوكرانيا. وهذا يتوقع منه أن تكون هناك موجة كبيرة من “سياسة جز العشب الإسرائيلية”، كقصف مواقع كثيرة لإيران، استحدثتها أو المواقع القديمة التي ما تزال تنقل الصواريخ. لكن ربما تحتاج إسرائيل إلى الوقت من أجل اختبار التنسيق السياسي والتنسيق الأمني مع روسيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة