يبدو أن الاستثمارات التي كانت روسيا تسعى للعمل فيها في سوريا بدأت تأخذ نطاقا أوسع بعد دخولها مؤخرا حيز التنفيذ في قطاعات متعددة، والتي تندرج ضمن إطار مطامح موسكو للحصول على حصة في الاقتصاد السوري.

حيث أعلنت شركة روسية مؤخرا عن تنفيذ مشروع لتصفية مياه بحيرة “16 تشرين“، وذلك بتكلفة وصلت إلى 170 مليار ليرة سورية. كما وصرح وزير السياحة السوري، رامي مارتيني قبل أيام، عن عودة عمل الاستثمارات الروسية في الساحل السوري، وأنها قد دخلت حيز الإنشاء.

ثلاثة مشاريع روسية دخلت حيز التنفيذ

صحيفة “تشرين” المحلية نشرت تقريرا، ذكرت فيه نقلا عن وزير السياحة السوري، أن “وزارة السياحة ناقشت مؤخرا القانون السياحي الناظم للتراخيص والإشراف والرقابة على المشاريع السياحية في مجلس الشعب، وتم طرح المادة 26 من القانون المذكور التي تلزم المنشآت السياحية العامة والخاصة المرخصة والمشتركة بتشغيل نسبة من خريجي المدارس والمعاهد الفندقية والمراكز التدريبية وكليات السياحة التابعة لوزارة التعليم العالي”، على حد قوله.

أما على صعيد الاستثمار الخارجي أكد مارتيني “عودة عمل الاستثمارات الروسية في الساحل السوري والبالغ عددها ثلاثة، اثنان منها في اللاذقية وواحد في طرطوس، وهي مجمعات سياحية وتجارية وترفيهية دخلت حيز الإنشاء”، بحسب تعبيره للصحيفة المحلية.

ومنتصف شهر شباط/فبراير الفائت، قال المكتب الصحفي في محافظة اللاذقية إن شركة “فود ستروي” الروسية تنفذ أعمال تجهيز محطة تصفية مياه بحيرة 16″ تشرين” بطاقة واحد متر مكعب بالثانية لتؤمن نحو 85 ألف متر مكعب يوميا لأغراض الشرب.

وبحسب ما ذكر المكتب الصحفي فإنه “تم إنجاز معظم أعمال الحفريات في موقع المحطة بالقرب من أوتوستراد اللاذقية-كسب على مخرج نفق قناة تصل من بحيرة “16 تشرين” في الموقع الذي قدمته مديرية الموارد المائية لتنفيذ المشروع“.

كما وبدأت روسيا مؤخرا باختراق المؤسسات الاقتصادية الصغيرة في المحافظات السورية، حيث جاء ذلك عبر إرسال وفود تجارية واستثمارية إلى مدن سورية قامت بإبرام اتفاقات “خاصة” مع مجالس هذه المدن ومنظمات غير حكومية.
ومن بين هذه الاتفاقيات توقيع عقد في مدينة حمص، لتنظيم التصدير المباشر لزيت الزيتون السوري إلى الأسواق الروسية، وفق ما ذكرت تقارير صحفية.

ووقعت شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية، في نيسان/أبريل من عام 2017، عقد استثمار وإدارة الشركة العامة للأسمدة بحمص، وذلك في إطار العقود الاقتصادية التي وقعتها روسيا في سوريا، والتي استحوذت بموجبها على مناجم الفوسفات.

كما استولت الشركة الروسية ذاتها بموجب العقد مع “المؤسسة العامة للجيولوجيا” التابعة لوزارة النفط والثروات المعدنية على حق استخراج الفوسفات من مناجم “الشرقية” في تدمر شرق حمص، لمدة 50 عاما وبحجم إنتاج 2.2 مليون طن سنويا، وتبلغ الحصة السورية 30 بالمئة من حجم الإنتاج الذي بدأ مطلع 2018.

قد يهمك: الاستثمارات الأجنبية في سوريا: هل سينعش حلفاء دمشق القدماء والجدد اقتصاد البلاد؟

استثمارات روسية وإيرانية متعددة

ضمن سياق ما سبق، قال وزير الصناعة، زياد الصباغ، في 19  نيسان/أبريل الفائت، إن الاستثمار في المنشآت المدمرة في قطاع الأدوية السورية يمثل أولوية للحكومة، لأنه يمثل أولوية قصوى للحكومة وله تأثير كبير على الأمن الصيدلاني. وتضمن العمل إنتاج الأدوية من مواد وأدوية متخصصة لم تكن متوفرة سابقا في السوق أو بالتعاون مع المستثمرين، وهناك اقتراحات مع “شركة روسية” لإنشاء لقاحات معينة على طاولة البحث.

كذلك، كشف مدين دياب، مدير عام هيئة الاستثمار السورية، أواخر الشهر الفائت عن استثمارات أجنبية ومن بينهم “روسية وإيرانية” مرتقبة خلال الفترة المقبلة في سوريا.

وفي إطار تعليقه على ما ذكره دياب حول الاستثمارات الأجنبية في سوريا، يرى خالد التركاوي، المستشار الاقتصادي في مركز جسور للدراسات، في تعليق سابق لموقع “الحل نت”، أن “الاستثمارات الروسية والإيرانية موجود أساسا في سوريا، بغض النظر عن حجمها، وهناك اتفاق فعلا على زيادة هذه الاستثمارات”.

واستبعد التركاوي، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “يكون لدى روسيا وإيران حسابات أو مخاوف من العقوبات الأوروبية والأميركية في التعامل مع دمشق، لأن البلدين يتعرضان للعقوبات بشكل مسبق”. مستدركا بالقول: “لكن العقوبات تفرض عقبات على تشغيل المشاريع، نظرا للصعوبات التي تواجه وصول مستلزمات الإنتاج”.

وبذلك فإن “توفر الجدوى الاقتصادية في سوريا، بالنسبة للشركات الروسية والإيرانية، هو العامل المهم الذي يحدد حجم تدفق الاستثمارات من البلدين إلى سوريا”. بحسب التركاوي.

من جانبه، يرى د.كرم شعار، مدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “روسيا وإيران استحوذتا بالفعل على الاستثمارات السيادية في سوريا، وهما مهتمتان بما تبقى من فرص استثمارية أيضا”.

قد يهمك: خصخصة القطاع الصناعي في سوريا.. الاحتمالات والمستفيدين

أولوية الاستثمارات

أما عن الاستثمارات العربية والخليجية حصرا، فبيّن الوزير مرتيني لصحيفة “تشرين” أن “وزارة السياحة تقدم كل التسهيلات لكل الشركات العربية والخليجية الراغبة باستئناف عملها في سوريا، وذلك وفقا للقوانين الناظمة للاستثمار”.

وأردف في حديثه، “ذلك ينطبق على كل الشركات الوطنية والعربية والدولية الراغبة بالاستثمار الجديد أو تطوير استثمارها أو إعادة الإقلاع بالمشاريع المتوقفة ، إلا أن الأولوية -حسب الوزير- للمستثمر الوطني والدول الصديقة كروسيا وإيران، كاشفا عن تعاون جارٍ مع إيران في مجال السياحة”.

في حين كشفت بداية شهر نيسان/أبريل الفائت، عن وجود رجال أعمال روس مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقومون عبر شركات تابعة لهم بالهيمنة بشكل غير مباشر على جزء كبير من الاقتصاد السوري.

وحصلت مجلة “نيو لاينز” الأميركية على مستندات مسربة تفيد بأن روسيا قدمت قرضين إجماليهما مليار دولار أمريكي إلى سوريا، شرط أن تستخدم الأموال بشكل حصري لتدفع لشركات روسية خلال فترة ستة أشهر.

وبحسب الوثائق المسربة، فإن الشركات ستستفيد بشكل كبير من القروض، ما يشير إلى أنه ربما تم تصميمها من الجانب الروسي كمخطط للتهرب من العقوبات الدولية وربما تم استخدامها بالفعل لهذا الغرض، وفقا للمجلة الأمريكية.

قد يهمك: حيتان اقتصادية روسية في سوريا.. تعرف إلى أبرز رجال بوتين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.