أكدت مصادر متقاطعة، الأربعاء، لموقع “الحل نت”، عن وجود مؤشرات لإعادة تشغيل مواقع أميركية شمالي سوريا، أبرزها قاعدة “خراب عشك” جنوبي كوباني/عين العرب، بريف حلب الشرقي، كانت قد أخلتها في عهد الرئيس السابق ترامب عام 2019 في إطار الانسحاب من المواقع التابعة لها في ريفيّ حلب والرقة على خلفية إطلاق تركيا عملية “نبع السلام”.

وقال ستير چلو، ناشط إعلامي من مدينة كوباني، في حديث لموقع “الحل نت”،  إن قافلة عسكرية للتحالف الدولي، وصلت صباح الأحد الماضي، إلى قاعدة “خراب عشك” الملاصقة لمعمل إسمنت لافارج (نسبة للشركة الفرنسية)، في الريف الجنوبي لمدينة كوباني/عين العرب يرافقها طواقم وآليات فنية ومعدات حفر، باشرت فور وصولها بأعمال ترميم القاعدة وإعادة رفع السواتر.

 وأضاف چلو، أن الآليات بدأت بترميم الموقع وهي تعمل ليلا نهارا لإعادة تأهيله وتشغيله لاحقا من قبل قوات التحالف كقاعدة رئيسية كانت تستخدمها قبل انسحابها إبان العملية العسكرية التركية وهجومها على مدينتي سري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض شمال شرقي سوريا.

وأشار الناشط الإعلامي، إلى أن القوات الأميركية كانت تستخدم قاعدة “خراب عشك” كقاعدة رئيسية لها مع قواعد أخرى في ريف كوباني، وتعمل حاليا لإعادة تموضعها في هذه القاعدة من جديد، مبينا أن القافلة العسكرية اتجهت لاستطلاع قواعدها بريف كوباني/عين العرب وصولا إلى منبج شمالي حلب.

تضييق على الروس

فيما يرى المحلل السياسي والكاتب السوري، شورش درويش، يقيم في ألمانيا، أن إعادة تشغيل القواعد والتوسع في الانتشار الأميركي مرتبط بمسار التضييق على الوجود الروسي وضبط مناطق شمال شرقي سوريا بطريقة يفهم منها بأن واشنطن لا تريد لهذه المنطقة أن تضطرب وتشهد تلاعبات إقليمية ومحلية وما من شأنه إفساح المجال للتمدد الإيراني.

وأضاف المحلل السياسي، أنه يجري الحديث عن إشغال المليشيات الإيرانية والحرس الثوري بعض المناطق التي انسحبت او تراجعت عنها روسيا، يضاف إلى ذلك أن تحديات مكافحة إرهاب تنظيم “داعش” يستوجب إعادة الانتشار وتشغيل القواعد مجددا.

وأشار المحلل السياسي، إلى أن هناك مخاطر جدية من أن تقدم “داعش” على القيام بعمليات في مناطق بعيدة نسبيا عن التواجد الأميركي، على حد وصفه.

قد يهمك: دور أميركي في سوريا لضبط التحركات التركية؟

رسالة لأنقرة

المحلل السياسي شورش درويش، قال أيضا، إن إعادة تشغيل القواعد يشير إلى رغبة واشنطن بتوجيه رسالة إلى أنقرة مفادها أن لا تسعى الأخيرة إلى خلط الأوراق أو شن هجوم بالتواطؤ مع موسكو.

وخريف 2019، بدأت الولايات المتحدة سحب قواتها من نقاطها العسكرية المؤقتة بمدينتي كري سبي/تل أبيض، بريف الرقة، وسري كانيه/رأس العين، بريف الحسكة، المتاخمتين للحدود التركية، شمال شرقي سوريا، أسفرت عن سيطرة القوات التركية رفقة الفصائل السورية الموالية لها على المدينتين.

وسلخت تركيا المنطقة الحدودية الممتدة من حدود كوباني/عين العرب إلى حدود الدرباسية وبذلك سمحت أميركا لتلك الجهات بتقويض أجزاء مهمة من مناطق “الإدارة الذاتية” وخلقت مسببات صراع داخلي في المنطقة.

ويرى محللون أن الانسحاب الأميركي آنذاك، وضع قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بين فكي كماشة روسيا وتركيا من جهة و “داعش” و دمشق من جهة أخرى دون أن تقدم أية حلول للأزمات التي تعيشها المنطقة وخاصة أصبحت التهديدات المباشرة والدائمية من الداخل والخارج على “الإدارة الذاتية” من القوى المذكورة.

“دور أكبر” في سوريا

إلى ذلك أكد مركز “جسور” للدراسات، أن عودة القوات الأميركية إلى قاعدة “خراب عشك” مؤشر على نيّتها إعادة التمركز في بقية المواقع العسكرية التي كانت قد أخلتها نهاية عام 2019.

ووفقا للمركز فإن الولايات المتحدة قد تسعى من خلال هذه الخطوة لتحقيق عدد من الأهداف في هذه المرحلة وهذا التوقيت، أهمها “إبداء الاهتمام مجددا بالملف السوري مع زيادة وضوح معالم سياسة إدارة الرئيس جو بايدن تجاهه، وبالتالي، الرغبة في أخذ دور أكبر في هذا الملف وكسر حالة الجمود التي يمر بها، بما يقود لممارسة الضغوط على بقية الفاعلين لا سيما روسيا وإيران”.

وأيضا قد يكون من بين جملة الأهداف “السعي لتفعيل دور الولايات المتحدة كوسيط وضامن بين تركيا و”قسد” مع ازدياد حدّة التصعيد المتبادل بين الطرفين مؤخرا، خاصة في منطقة كوباني/عين العرب”.

كذلك يرى المركز أن من بين تلك الأهداف، التحضير والاستعداد لمرحلة التعافي المبكّر، لا سيما وأن خطوة القوات الأميركية سبقها منح استثناء من عقوبات قانون قيصر للشركات الراغبة في العمل بعدد من القطاعات الاستثمارية والخدميّة ضمن مناطق سيطرة “قسد”، خاصة وأن قاعدة “خراب عشك” ملاصقة لمعمل إسمنت “لافارج سيمنت سيريا” الفرنسي المتوقف عن العمل منذ منتصف عام 2015، والذي يعتبر المنشأة الأكثر أهمية في هذه المرحلة مع توارد معلومات أولية عن وجود مخطط لصيانته وإعادة تشغيله من قبل الشركة المالكة له أو شركة أخرى تقوم باستثماره.

قد يهمك: دمشق وأنقرة تعرقلان الاستثمارات في الشمال السوري؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.