بمشاركة 27 دولة عربية وأجنبية وبعد غياب ثلاث سنوات، بدأت النسخة العاشرة من التمرين والتدريبات العسكرية “الأسد المتأهب”، في الأردن، اليوم الأحد، وذلك في وقت يقول فيه مسؤولون، أن المملكة تتعرض لـ”تهديدات” على الحدود الشمالية مع سوريا.

عودة “الأسد المتأهب”، جاء بعد أشهر من تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والتي قال فيها، إن بلاده تواجه هجمات على حدودها وبصورة منتظمة من “ميليشيات لها علاقة بإيران”. وتحدث عن “عمليات تهريب المخدرات والسلاح”، كما خلّفت مواجهات على الحدود الأردنية السورية 40 قتيلا، على الأقل من المتسللين فضلا عن إصابة المئات منذ بداية العام، معظمهم من البدو الرّحل الذين تستعين بهم الفصائل المرتبطة بإيران، التي تسيطر على جنوب سوريا.

على صعيد متصل، وسائل إعلامية محلية، تحدثت عن تدريبات عسكرية تجريها قوات التحالف بالقرب من حقل العمر النفطي، شرقي دير الزور، والذي أنشأت واشنطن، قاعدة لها قربه بدأت أمس السبت، ترافقت مع تصريحات أوروبية تعهدت فيها بتجديد التزامها بمواصلة تقديم الدعم للمعارضة السورية، فما احتمالات أن تشهد المنطقة حربا جديدة، ومَن المستهدف فيها؟

دليل على الوجود أم اختبار ميداني؟

العمليات العسكرية الدولية في الأردن قرب الحدود السورية، والتي جاءت بعد ثلاث سنوات من توقفها أبان سيطرة دمشق على جنوب سوريا، أثارت التساؤلات حول هدفها واستثمارها المحتمل، إذ تزامنت مع تكثيف إسرائيل وأميركا غاراتهما على مواقع لفصائل تابعة لإيران، والحديث اللامتناهي عن نشاط هذه الميليشيات.

يشير المحلل السياسي الكويتي، عمر الساير، خلال حديثه لـ”الحل نت”، إن التدريب وسيلة لإيصال رسالة لأطراف معينة منغمسة في الصراع السوري، تظهر الدول الغربية من خلالها إمكانية إعادة سيطرتها على مناطق داخل سوريا من خلال قواتها الموجودة التي تشرف على التدريبات، وسبق أن حدث ذلك في أعوام سابقة.

وبحسب الساير، فإن أسباب التدريبات تتأثر بالمراحل المختلفة وخصوصياتها والسياق العسكري للمنطقة. وسبق التدريبات التي أجرتها قوات “التحالف الدولي” بالقرب من مناطق انتشار الميليشيات الإيرانية علاقات متوترة بين مع روسيا ودمشق وإيران في ذات الوقت.

ووفقا لرؤية المحلل السياسي، فإن الدول المشاركة في التدريبات العسكرية، لا تعتمد فقط على التدريب لإيصال رسائلها. فبصرف النظر عن الضربات الجوية شبه المتكررة على مواقع الميليشيات الإيرانية، إلا أن هذه التدريبات، هو استعداد لمرحلة مقبلة تتمحور حول خيارين: إما بداية حرب جوية ضد تهديدات إيران للمنطقة، أو عزل كامل لسوريا عن محيطها الإقليمي حتى لا تستفيد منه إيران في تنفيذ مشاريعها.

تدريبات موجهه نحو التأثير

أمس السبت، جددت المملكة المتحدة، على لسان مبعوثها إلى سوريا جوناثان هارغريفز، التزامها بمواصلة تقديم الدعم للمعارضة السورية. قائلا في سلسلة تغريدات على تويتر، إن بلاده “ستواصل المشاركة بشكل خلاق وتقديم دعمها الكامل، بما في ذلك مبادرة خطوة مقابل خطوة”.

وشدد هارغريفز، أنه “يجب على دمشق وداعميها أن يفعلوا الشيء نفسه للمساعدة في إنهاء المعاناة في سوريا”. مضيفا أنه ذكّر رئيس “هيئة التفاوض السورية”، بدر جاموس، بأن بريطانيا تقف إلى جانب المعارضة السورية، وأنهم “جاهزون دائما، ومستعدون وقادرون على المشاركة بجدية، بما في ذلك في اجتماعات اللجنة الدستورية”.

تزامنت تصريحات الساسة الأوروبيين حول الحل السياسي في سوريا، مع زيادة وتيرة التدريبات العسكرية سواء في إقليم سوريا، أو خارجها، مع تزايد الحديث عن النوايا التركية التي عبّر عنها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حول فتح الحوار مع دمشق، وهي عملية ربما ستعارضها عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة، جميعها تستوجب تحركا جديا برأي الساير.

ويرى المحلل السياسي، أن هذه التدريبات تتناسب تماما مع تحركات إيران العسكرية وحتى التجارية داخل سوريا، التي تسارعت بعد انشغال موسكو بغزوها على أوكرانيا، إذ يرى أن الطريقة التي ستعمل بها دول المنطقة المقبلة تتطلب عمليات عسكرية بهدف الهبوط خلف خطوط العدو.

وأضاف الساير، أن المنطقة الجغرافية التي يتم تشغيلها في سوريا كانت مجهزة لمثل عمليات الإنزال المظلي خلف خطوط العدو، بما في ذلك جبهة دير الزور وبادية السويداء، حيث تنشط الميليشيات الإيرانية، وحلفاؤها في الجيش السوري في جبهة واسعة أو طويلة تشمل الريف الجنوبي والشرقي من البلاد.

“الأسد المتأهب” يعود إلى الأردن

وسائل إعلامية محلية أفادت أمس السبت، أن دوي انفجارات سمع داخل حقل “العمر” النفطي، الذي تتخذه قوات “التحالف الدولي” قاعدة لها شرقي دير الزور في سوريا، موضحة أن الانفجارات كانت نتيجة تدريبات عسكرية تجريها قوات التحالف في الحقل.

يشار إلى أن مواقع الميليشيات الإيرانية، تتركز عامة غرب نهر الفرات في محافظة دير الزور، حيث تحصل على الإمدادات من العراق، عبر معبر البوكمال الحدودي. ويقدر عدد من المراقبين وجود نحو 15 ألف عنصر من المجموعات العراقية، والأفغانية، والباكستانية، الموالية لإيران في دير الزور وحدها، وتحديدا المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال الحدودية، ودير الزور مرورا بالميادين.

في غضون ذلك، انطلقت في الأردن اليوم الأحد، النسخة العاشرة من مناورات “الأسد المتأهب”، التي تستهدف التدريب على مكافحة الإرهاب، وتستمر المناورات حتى الخامس عشر من أيلول/سبتمبر الحالي، بمشاركة 27 دولة بينها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا.

وقال الجيش الأردني في بيان، إن هذه النسخة تهدف إلى “العمل المشترك في مجال مكافحة الإرهاب وتطوير القدرات الأمنية والتعاون بين أجهزة ومؤسسات الدول المختلفة، للاستجابة للتهديدات الأمنية والأزمات الداخلية، هذا التمرين صمم على سيناريوهات تحاكي الواقع والظروف والتحديات التي يواجهها العالم أجمع ومنها خطر الإرهاب”.

وتقام التمارين في ميادين القوات المسلحة الأردنية، ومراكز القيادة والسيطرة، ومركز الملك عبد الله لتدريب العمليات الخاصة، والمركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات بمشاركة مختلف أنواع الاسلحة البرية، والجوية، والبحرية، حيث أشار مدير الإعلام العسكري الأردني، مصطفى الحياري، في مؤتمر صحفي، إلى إن “الحدود الأردنية تحت السيطرة ومستقرة، والتمارين لمحاكاة أمن الحدود”.

وتشارك في مناورات “الأسد المتأهب” أيضا، حسب البيان، ألمانيا وإيطاليا واليابان والنروج وكازاخستان والنمسا والسويد وقبرص وكينيا واليونان وبولندا وبلجيكا وباكستان واستراليا والسعودية والعراق ولبنان والإمارات والبحرين والكويت وعمان والمغرب إضافة الى الأردن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة