تساهم اللجنة الدستورية السورية، في زيادة استعصاء مسار الحل السياسي، بعدما فشلت جميع جولاتها في تقديم رؤية توافقية عن الحل السياسي في البلاد، أو رؤية مشتركة للخروج بدستور جديد. في وقت لم يتم فيه التوجه الجاد نحو البدء بتفعيل خطوات فاعلة وملموسة نحو انتقال سياسي حقيقي في سوريا.

جولات من الفشل المستمر

سبع جولات عقدتها اللجنة، لم تحقق حتى الآن أي تقدم يذكر في مسار اللجنة الدستورية، فظهرت العديد من الخلافات بين الوفود المشاركة في اللجنة، التي وقفت عاجزة أمام تحقيق أي خطوة من شأنها دعم الحل السياسي في البلاد.

في حين تطال اللجنة انتقادات لاذعة بسبب هذا الفشل، انطلاقا من حاجة السوريين إلى رؤية حقيقية من شأنها الوصول إلى الحل السياسي، وبالتالي الوصول للتغيير الحقيقي المنشود.

أعضاء غاضبين

وتزامنا مع التحضيرات لعقد الجولة الثامنة من اجتماعات اللجنة الدستورية المقررة أواخر الشهر الجاري، رفض أعضاء في “هيئة التفاوض” السورية، الاستمرار في حضور اجتماعات اللجنة الدستورية معتبرين أن استمرار الجولات شرعنة لحكومة دمشق، وفق وصفهم.

وأصدر الأعضاء بيانا جاء فيه أن: “هيئة التفاوض السورية بمكوناتها تحمل مهمة التفاوض مع النظام بناء على القرارات الدولية الخاصة بالقضية السورية؛ وهي الجهة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن القيام بهذه المهمة بناء على بيان مؤتمر الرياض 2017”.

قد يهمك: ازدياد ساعات تقنين الكهرباء في سوريا.. نقص الغاز ليس السبب الوحيد

واعتبر البيان أن حصر فعل الهيئة التفاوضي باجتماعات اللجنة، حولها لـ“عملية عبثية بلا نفع أو جدوى، وتكرر فشلها في جولاتها السبع. ولم تعد فقط بلا نفع أو جدوى، وإنما أصبحت ذات فائدة في مشروع إعادة تأهيل حكومة دمشق”

ويرى الباحث السياسي، رشيد حوراني، أن استمرار وفد المعارضة في المشاركة في اللجنة الدستورية، كونها تطمح لاستمرار الاعتراف بها دوليا، من منطلق أن اللجنة الدستورية تعتبر المسار الوحيد الحالي المعترف به دوليا، في ظل العجز عن خلق مسارات أكثر فاعلية.

ويقول حوراني في حديثه لـ“الحل نت“: “المعارضة تخشى من تشكيل أجسام بديلة عنها، في وقت تتزاحم فيه المؤتمرات لأقطاب سياسية متنوعة، وقد ترى في تلك المؤتمرات إرهاصات لتشكيل جسم سياسي بديل عنها“.

وحول التعقيدات التي تضعها حكومة دمشق يضيف حوراني: “مماطلة النظام وحرصه على عدم تحقيق تقدم في موضوعات اللجنة الدستورية كان متعمدا، كونه يجيد المناورة بالاعتماد على عامل الوقت، وهذه المماطلة منه ربما حقق أهدافه منها وهي شق صف المعارضة والانقسام الداخلي ضمنها“.

هذا ويصل المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن مجددا إلى العاصمة السورية دمشق السبت، للتباحث حول الجولة المقبلة من اجتماعات اللجنة الدستورية.

ويسعى الوفد التابع للحكومة السورية إلى إقرار تعديل شكلي لمواد في الدستور الحالي، بينما تصر المعارضة على كتابة دستور جديد، وفق ما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية، في وقت لا تعطي فيه اللجنة أي أهمية للانتقال السياسي الذي يتطلع إليه السوريين.

وتتعقد العملية السياسية في سوريا مؤخرا، مع رفض جميع الأطراف (المعارضة وحكومة دمشق) للسياسة المطروحة من قبل مبعوث الأمم المتحدة غير بيدرسن، للحل في سوريا تحت عنوان “خطوة بخطوة“، ما يوحي ربما بجمود جديد واسع في مسار الحل السياسي في سوريا إلى أجل غير معلوم.

فشل الجولة الدستورية السابعة

وكانت الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية عقدت في آذار/مارس الماضي، إلا أنها انتهت للفشل، على غرار الجولات السابقة. وناقشت اللجنة المصغرة من اللجنة الدستورية، والمكونة من 45 شخصا؛ 15 يمثلون دمشق، و15 عن المعارضة، و15 من منظمات المجتمع المدني، على مدى أيام، أوراق عمل قدمتها الوفود المشاركة.

وقدم وفد دمشق ورقة عمل تخص ما سماها “رموز الدولة“، حيث يصر على أن النشيد والشعار والعلم الحاليين لسورية “غير قابلين للتعديل“، وهو ما فجر خلافا كبيرا.

في المقابل، قدّم وفد المعارضة ورقة حول “أساسيات الحكم“، تقترح أن يكون جمهوريا، وأن “السيادة للشعب” يمارسها عبر وسائل الاقتراع. كما نصت على التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية.

ويبدو أن مسار الحل السياسي في سوريا، بدأ يواجه خطر النسيان على الصعيد الدولي، وذلك تزامنا مع الفشل المستمر لمسار اللجنة الدستورية السورية.

اقرأ أيضا: بعد الأمن الغذائي.. الأمن المائي للسوريين مُهدّد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.