لا تزال فكرة المنطقة الآمنة في شمال سوريا تراود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ عدة سنوات، ولا يزال يكرر الدعوة لإنشائها في العديد من المناسبات، والتعليق على الأحداث على الرغم من فشل المساعي التي خاضها في سبيل تحقيق هذه المنطقة خلال فترة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ردا على السويد وفنلندا أردوغان يجدد المطالبة بالمنطقة الآمنة

في كلمة ألقاها، يوم الأربعاء، خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه “العدالة والتنمية” الحاكم، في البرلمان بالعاصمة أنقرة، دعا أردوغان حلف شمال الأطلسي “الناتو”، إلى إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري وحماية حدود بلاده العضو الرئيسي في “الناتو”، بدلا من دعم طلب فنلندا والسويد للانضمام إلى الحلف.

وأضاف أردوغان، أن تركيا أكملت الجزء الأهم من المنطقة الآمنة التي تخطط لإنشائها على طول حدودها مع سوريا، مؤكدا أن بلاده تعمل على تأمين ما تبقى من المناطق، بحسب تقارير صحفية.

وحول دعوة أردوغان، يرى الكاتب والسياسي، حسان الأسود في حديثه لموقع “الحل نت”، أن أردوغان يسعى من خلال هذه الدعوة إلى الحصول على تنازلات معينة من قبل الولايات المتحدة والأوربيين، وخاصة السويد وفنلندا، مقابل انضمامهما للناتو، نظرا لوجود خلافات معينة بين تركيا والدولتين الأخيرتين.

وأضاف الأسود، أن دعوة أردوغان لا تتعلق بسوريا، على الرغم من تصريحاته حول الأوضاع الإنسانية فيها، مشيرا إلى أن سوريا ليست أولوية لأي طرف من الأطراف الإقليمية والدولية، وأن كل ما تقوم به هذه الدول هو لمصالحها فقط.

إقرأ:أوراق أردوغان في سوريا.. مليون لاجىء سوري أولها؟

المنطقة الآمنة دعوة خاسرة لأردوغان

حسان الأسود، يرى أنه من المبكر الحديث عن إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري، لأن هذه المنطقة تحتاج إلى تفاهمات بين الولايات المتحدة وروسيا بشكل رئيسي، وهذا الأمر غير موجود حاليا، خاصة بعد حالة التصعيد الموجودة بين البلدين، نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا.

وأضاف الأسود، أن الولايات المتحدة لا رغبة لديها حاليا بإقامة هذه المنطقة، فذلك سيجعلها مضطرة للتفاهم مع روسيا من جهة، ومن جهة ثانية كل التحركات التي تقوم بها الولايات المتحدة الحالية مبنية على الضغط على روسيا ومناكفتها، والساحة السورية جزء من هذا الضغط، وبالتالي فلن يكون هناك أي تحرك لإنشاء هذه المنطقة لأمد طويل، فهي تحتاج للكثير من التفاهمات والتنازلات من قبل جميع الأطراف.

ومن جهة ثانية، يرى مختصون، أن روسيا بمفردها لن يكون بإمكانها تحقيق مساعي أردوغان بالحصول على المنطقة الآمنة، فهي في حالة من العزلة الدولية نتيجة غزوها لأوكرانيا، وهي غير قادرة على دعم خطوة أردوغان من أجل عدم فتح صراع جديد مع الغرب، وهذا من الممكن أن يتسبب بتزعزع العلاقات بين كل من أردوغان وبوتين، بحسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:أوهام المنطقة الآمنة التركية في سوريا.. ترحيل اللاجئين بأي ثمن؟

رفض أردوغان لانضمام السويد وفنلندا للناتو ابتزاز وإعادة السوريين صعبة

أردوغان، خلال حديثه المتكرر عن المنطقة الآمنة، يحاول الربط بينها وبين الطلب الذي قدمته السويد وفنلندا للانضمام للناتو، نتيجة للخلافات بين تركيا وهاتين الدولتين في بعض المواضيع.

لذلك، وحسب حسان الأسود، فإن أردوغان يسعى من خلال هذا الربط إلى ابتزاز الناتو والدول التي تقدمت بطلب الانضمام لتحقيق بعض التنازلات منها، ومن المحتمل حصول بعض التنازلات في النهاية، لأنه لا يمكن لأردوغان المضي في مشروع المنطقة الآمنة دون دعم من جميع الأطراف، ولا يمكنه الاستمرار برفض انضمام أعضاء جدد للناتو، ما يعمق خلافاته مع الغرب فتزداد خساراته أكثر.

وأما بالنسبة لحجة أردوغان، بإعادة مليون ونصف سوري إلى المناطق الآمنة التي يتحدث عنها، فذلك ليس سوى دعاية إعلامية يمارسها هو وخصومه من المعارضة لأغراض داخلية فقط، أما من حيث الواقع فإعادة هذا العدد غير ممكنة أبدا، ولكن ما يمكنه فعله إعادة أعداد لا تتجاوز 100 أو 200 ألف سوري على أبعد تقدير.

إقرأ:تركيا تخطط لإعادة مليون ونصف لاجئ إلى سوريا خلال 15 شهر

يشار إلى أن المرحلة الحالية، تشهد الكثير من التجاذبات والاصطفافات على المستويين الدولي والإقليمي، فقد تغيرت الأوضاع الدولية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ما جعل كل طرف يحاول استغلال بقية الأطراف لتحقيق مكاسب ولو كانت محدودة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة