يبدو أن قضية اللاجئين السوريين أصبحت من أبرز وأهم الأوراق في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا في صيف العام المقبل 2023. خاصة الأحزاب المعارضة في تركيا تسعى لكسب العديد من الأوراق التي قد تقوي من خلالها الحظوظ في الانتخابات، في حين كانت استفادة حكومة “العدالة والتنمية” من ملف اللاجئين ضمن عدة أصعدة.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن يوم الثلاثاء الفائت، عن إعداد حكومته لمشروع يضمن عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم.

فيما توعد رئيس حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، كمال كليجدار أوغلو، في وقت سابق، أن تركيا سترسل ملايين اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم إلى بلادهم، كما ستعيد العلاقات الدبلوماسية مع الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، في حال وصوله (كليجدار أوغلو) إلى الرئاسة التركية في الانتخابات المقبلة.

هل مناطق سوريا آمنة؟

حكومة أنقرة في صدد إعداد مشروع جديد يضمن العودة الطوعية لمليون سوري بدعم مؤسسات المجتمع المدني في تركيا والعالم. ويبدو أن هذا المشروع سيسري بدعم من دول الخليج وليست فقط من قبل منظمات المجتمع المدني، خاصة وأن طرح هذا المشروع يتزامن مع زيارات أردوغان الأخيرة لكل من دولتي الإمارات والمملكة العربية السعودية، بحسب مراقبين.

في وقت قد لا يتمكن فيه أردوغان من إنجاز ذلك قبل الانتخابات المقررة، والسؤال الأهم يتعلق بقناعة مئات الآلاف من السوريين الذين أسسوا لأنفسهم وعائلاتهم حياة مستقرة في تركيا، بعد أكثر من عقد من اندلاع الاحتجاجات في بلادهم.

وفي غضون رغبة تركيا بإعادة أكثر من مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال الشهور المقبلة، تحت غطاء انتقالهم إلى مناطق آمنة في سوريا، وحول ما إذا ما يتواجد بالفعل مناطق آمنة في سوريا، يرى الكاتب والصحفي السوري، فراس علاوي، أن تركيا “قد حصلت على موافقات عربية وضمانات فيما يتعلق بمشروع عودة مليون لاجئ سوري، ويبدو أنه وحسب رؤيتي الشخصية، هناك توافق أردني-لبناني-عراقي-تركي حول قضية اللاجئين. لذلك يمكن أن تبدأ تركيا بالخطوات التنفيذية للمشروع”.

أما من حيث احتمال أن تشكل المناطق التي تتواجد فيها هيئة “تحرير الشام” خطرا على حياة وسبل معيشية السوريين، وكذلك الأمر بالنسبة لمناطق “الجيش الوطني السوري” المعارض التي تشهد مناطق نفوذها انتهاكات مستمرة واقتتال بين فصائله، ورغبة تركيا بإعادة السوريين رغم كل هذا، يقول علاوي لموقع “الحل نت”، إنه بالنسبة لموضوع تحقيق الأمان، “أعتقد أننا سنشهد أيضا خطوات أخرى، وكلنا نعلم أن فصائل المعارضة السورية تابعة لتركيا، ويمكنها ضبط السيطرة على هذه الفصائل إذا أرادت ذلك”.

وفي تقدير الكاتب السوري، فإنه وبالنسبة مسألة انتهاكات وتجاوزات هيئة “تحرير الشام”، فإن هناك محاولة لترشيد وعقلنة الهيئة من قبل تركيا، وأيضا تركيا بشكل عام لها وجود في مناطق سيطرة هيئة “تحرير الشام” بسوريا، وهناك تصريحات لمسؤولين أتراك تثبت هذا، وأعتقد أن القضية الأمنية محسومة بالنسبة لتركيا في موضوع إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، على حد وصفه خلال حديثه لموقع “الحل نت”.

من جانبه اعتبر الباحث السوري، وائل علوان، خلال حديثه لـ”الحل نت” أن المشروع التركي يأتي لتأمين بيئة تساعد على العودة الطوعية لمليون لاجئ سوري، مضيفا بالقول أن “المشروع سيمتد لسنوات وهو ممول من قبل جهات مانحة لإقامة منشآت سكنية ومنشآت صناعية في مناطق شمال غرب سوريا”.

كما لفت إلى أن هذا المشروع يفترض أن يشجع السوريين في تركيا على التقدم بطلب العودة في ظل توفير فرص عمل جيدة إضافة إلى تأمين السكن المجاني في الشمال الغربي من سوريا.

قد يهمك: أوراق أردوغان في سوريا.. مليون لاجىء سوري أولها؟

عودة طوعية؟

يُشير مشروع أردوغان إلى أن هذا “المشروع سيوفر كل الاحتياجات اللازمة للعيش الكريم في 13 منطقة في الشمال السوري مثل اعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض”، كما أكد أردوغان على عودة نحو 500 ألف سوري إلى مناطق آمنة بشمال سوريا منذ عام 2016.

بدوره أوضح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو،مؤخرا، خلال تدشين القرية السكنية قرب تجمع مخيمات الكمونة القريبة من بلدة سرمدا شمال إدلب بسوريا، أن عدد اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا تحت الحماية المؤقتة، بلغ نحو ثلاثة ملايين و762 ألفا، حصل  200 ألف و950 منهم على الجنسية التركية.

كما أعلن صويلو، في مقابلة تلفزيونية الخميس الماضي، أن بلاده بصدد بناء نحو 100 ألف منزل في محافظة إدلب، وتسليمها مع حلول نهاية العام الحالي. وزعم أن تمويل مشاريع المنازل، والتي تبلغ مساحاتها 40 و60 و80 مترا مربعا، هو من المنظمات الخيرية الدولية بالكامل. ونوّه إلى أن خطة بلاده تستهدف مليون لاجئ سوري، وتهدف إلى بناء 250 ألف منزل، على امتداد الشمال الغربي من سوريا في مناطق النفوذ التركي.

في سياق مواز، يقول ناشطون سوريون أن المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية هي “غير قادرة على استيعاب عودة مليون سوري إضافي، فهي مكتظة أصلا بنحو خمسة ملايين سوري، جلّهم من النازحين. وهو ما يعني أننا سوف نكون أمام حالة تشبه حالة قطاع غزة؛ كثافة سكانية وبطالة. ومن شأن ذلك أن يخلف آثارا اجتماعية واقتصادية”، وفق ما أفاد به موقع “العربي الجديد”.

في حين أن ما يحكى عن مشروعات وبنى تحتية لن يجدي نفعا ولا كفاية للسكان. وسوف نكون أمام حالة إعادة توطين وليس عودة طوعية، إذ من المفترض والطبيعي أن يعود كل لاجئ إلى مدينته وقريته وبيته، لا أن يرمى بهم إلى “غزة السورية”.

كما لفت مراقبون، أن هناك “معوقات قانونية” أمام تنفيذ المشروع التركي؛ وأن إعادة مليون لاجئ ليس سهلا ويجر إشكاليات على تركيا.

إن المشروع التركي قد يدفع الدول الأوروبية لإعادة اللاجئين لديها، معتبرين أن المناطق في شمال سوريا ليست آمنة، لأنها مهددة من قبل الضربات الجوية من قبل الحكومتين السورية والروسية. سيما وأن القيود المفروضة على اللاجئين قد تجبرهم على العودة، لكنها لن تكون عودة آمنة، وفق تقرير “العربي الجديد”.

قد يهمك: تركيا تخطط لإعادة مليون ونصف لاجئ إلى سوريا خلال 15 شهر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.