مع تصاعد إصابات الحمى النزفية، حذرت مختصة عراقية في العلوم الطبية الحياتية، من مخاطر استغلال مرض الـ”حمى النزفية” بوصفه “سلاح بيولوجي” من قبل تنظيم داعش في العراق، فيما أشارت إلى أنه خطر كبير ومحدق يجب العمل على تحجيمه واستيعابه والقضاء عليه قبل أن يكون أداة خاصة لتلك الجماعات.  
  
وقالت المختصة رشا رحيم عبد الحمزة في إيضاح تابعه موقع “الحل نت”، إن “فيروس حمى القرم – الكونغو النزفية هو أحد أنواع الفيروسات التي تسبب مرض الحمى النزفية في العالم، وهذا فيروس متوطن في إيران والعراق وباكستان منذ سبعينات القرن الماضي حيث تسجل حالات متفرقة وتفشيا محليا يتم الإبلاغ عنه كل عام”.

كما أن “الفيروس يسبب أحد أخطر الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، والتي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان ومن الممكن أن يسبب الوفاة بنسبة تصل إلى 30 بالمئة”. 
  
ووفقا لعبد الحمزة، فأنه “تم عزل فيروس حمى القرم – الكونغو النزفية لأول مرة في العراق عام 1981 واستمر توطنه بحالات محلية كل عام، لكن التزايد في أعداد الإصابات منذ منتصف عام 2021 و إلى اليوم”، مبينة أن “تزايد أعداد الوفيات المستمر يشكل خطرا وتهديدا حقيقيا إذا ما تفشى المرض على نطاق أوسع في العراق”.

وأشارت إلى أنه “في ظل ضعف وهشاشة آليات الفحص والرقابة في أسواق الماشية والدواجن وانتشار الطرق البدائية للذبح وبيع اللحوم يكون الخطر عاليا، خاصة وأن أغلب عمليات الذبح تكون غير خاضعة للاختبارات البيطرية والتي تؤكد سلامتها وخلوها من الأمراض والفيروسات”.  

اقرأ/ي أيضا: تفاعل فيروس “الحمى النزفية” بالعراق ودعوات لعزل المناطق الموبوءة 

تراخي صحي
  


وأوضحت المختصة أن “ظهور هذا المرض بهذا الشكل وفي هذا الوقت غير المتوقع، يكشف مدى التهاون الكبير الذي توليه الدولة ومؤسساتها الصحية والبحثية والمراكز المتخصصة في مجال الأمن البايولوجي والكيمياوي، خصوصا إن الكل يعلم إن هذا الفيروس يصنف عالميا ضمن الميكروبات المدرجة في قائمة ميكروبات الأسلحة البيولوجية كالجدري والطاعون والجمرة الخبيثة والكوليرا”.

وبينت أنه “على عكس الأسلحة النووية، التي تتطلب مواد خاصة ومنشآت متطورة وهندسة معقدة، يمكن تطوير الأسلحة البيولوجية والكيميائية بتكلفة منخفضة نسبيا وفي ظروف أقل تعقيدا، مما يجعلها في متناول معظم أو جميع الدول وكما يمكن أن تستخدمها المنظمات الإرهابية إذا ما وفرت البيئات المناسبة”.  
  
وتحمل الأسلحة الكيميائية والبيولوجية مستويات مختلفة من المخاطر، فبينما يمكن تلويث منطقة بأكملها عن طريق رش المواد الكيميائية أو وضعها في إمدادات المياه، تمتلك الأسلحة البيولوجية إمكانيات كارثية أكبر، حيث بالإمكان مضاعفة مسببات الأمراض المعدلة وراثيا ومكاثرتها في مخمرات وأوساط خاصة ونشرها في جميع أنحاء العالم، مما يتسبب في حدوث جائحة، وقد لاحقت هذه النظرية جائحة كورونا حتى وقتنا هذا، بحسب عبد الحمزة.
  
وحذرت الطبيبة المختصة أنه “في منطقة كالعراق حيث مازال يواجه عصابات تنظيم داعش، يجب على الحكومة العراقية عدم استبعاد سيناريو استخدام داعش لمرض الحمى النزفية، خاصة وأن ثمة دلائل وتقارير كثيرة تثبت أن لدى تنظيم داعش المعلومات والتكنولوجيا، بالإضافة إلى الخبرة اللازمة لتصنيع أسلحة كيمياوية أو بيولوجية وتطويرها، حيث استعان سابقا بعلماء متخصصين فى تلك المجالات من باحثين بيولوجيين وعلماء كيمياويين”.

واستدركت، أن “داعش  يتعدى المحاولات أو التجارب في مجال الأسلحة البيولوجية والكيمياوية حيث كشف تقرير لبعثة التحقيق الأممية يونيتاد في جرائم داعش بالعراق وسوريا نشر يوم 6 أيار/مايو 2021، استخدام الأسلحة الكيمياوية ضد المدنيين بين عامي 2014 و 2016”.  

الإرهاب البيولوجي
  


وأردفت، أن “تنظيم القاعدة شغل مختبرا للجمرة الخبيثة في أفغانستان قبل أن تجتاحها القوات الأميركية عام 2002، وفي عام 2001، بعثت رسائل محملة بالجمرة الخبيثة إلى العديد من السياسيين وغيرهم في الولايات المتحدة الأمريكية”.  
  
ولفتت، إلى أن “هذه الدلائل وغيرها تملأ صفحات الإنترنت، والمواقع الإلكترونية تنشر مواد تعليمية عن تصنيع مواد سمية أو متفجرات، وتحرض على استخدام هذا النوع من الإرهاب في أوروبا، كل هذا يضع العراق أمام مسؤولية كبيرة اتجاه شعبه والعالم في التصدي لمرض الحمى النزفية”.  
  
وبحسب المختصة، أن “الخلل في الواقع العراقي يكمن بين نظام دكتاتوري سابق ومحاولاته في مجال تطوير السلاح البايولوجي واستخدام الأسلحة الكيمياوية، وبين نظام حالي مجرد من أدوات النظام السابق”، مشيرة إلى أن “العراق يبقى فاقدا للأدوات التي تحميه، حيث لا يوجد مختبر متقدم واحد خاص بدراسة هذا النوع من الميكروبات أو المواد الكيمياوية، حيث لا يمتلك العراق أي مختبر يحمل مواصفات السلامة والأمن البايولوجي من المستوى الثالث والتي تمكنه من عزل وتشخيص ودراسة الأمراض التي تصنف ضمن ميكروبات الارهاب البايلوجي”.

وحتى على مستوى الأمراض الأخرى، تأخر العراق بالتشخيص الجيني لسلالات كورونا، وتأخر في بداية الجائحة في تشخيص وفحص حاملي الأعراض والداخلين للبلاد، فبينما كانت الدول تشخص وتفحص بالآلاف، ظهر العراق وهو يفحص مئات معدودة خلال الأشهر الأولى من الجائحة، وحتى الأنفلونزا الوبائية وسلالات فايروس الأنفلونزا، حيث لا يملك العراق أي بيانات للتحليل الجيني والوبائي للإصابات الخاصة بالأنفلونزا الوبائية، وحتى اللقاح المنتشر والموزع في العراق يعتمد على السلالات المتواجدة في دول الجوار كالأردن ودولة الإمارات، وفقا لعبد الحمزة.
  
كما أن “الخلل الكامن بقلة اهتمام الدولة بمجال المراكز البحثية الوبائية التي تكون قريبة من مصادر صنع القرار والخاصة بالأمراض الوبائية، يضع العراق في قائمة تراجع مقارنة بدول الجوار، ويسمح هذا التراجع بحدوث كوارث تسبب خسائر اقتصادية وبشرية وبيئية كبيرة.” 

اقرأ/ي أيضا: الصحة العراقية تتحدث عن “تصاعد خطير” بإصابات الحمى النزفية

تدارك صحي وأمني


  
عبد الحمزة أستطردت بالقول؛ إن “الإرهاب البيولوجي هو خطر يلامس العراق والاستهانة به في المناطق القريبة من عصابات داعش، هو خطر كبير محدق يجب العمل على تحجيمه واستيعابه والقضاء عليه، قبل أن يكون أداة لها خاصة وأن لتلك الجماعات الكثير من محاولات التحريض على استخدام هذا النوع من الإرهاب”.  
  
فيما دعت إلى “وضع خارطة وبائية تعكس معدل ومناطق انتشار الفايروس، ستمكننا من الإجابة عن أسباب الانتشار إن كانت بفعل فاعل أم لا، كما يمكن من خلالها إيجاد السيناريو الأسرع للحد من انتشار وتوسع رقعة الإصابات، كما أنه يقطع الطريق على عصابات داعش من إمكانية استغلال هذا الانتشار، وكل هذه العملية يجب أن تكون تحت إشراف ومراقبة مراكز بحثية عالية المستوى، ويجب أن تتكاتف الجهود بين المؤسسات الصحية والبيطرية والبحثية”.  
  
ويوم أمس السبت، أعلنت وزارة الصحة العراقية، عن تصاعد خطير فيما يتعلق بموقف الحمى النزفية في العراق.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر في بيان تلقى موقع “الحل نت” نسخة منه، إن “هنالك تصاعدا خطيرا بإصابات الحمى النزفية في العراق”، لافتا إلى “ارتفاع أعداد الإصابات بالمرض لـ90 حالة”.

واتخذت محافظات البلاد كافة، إجراءات وقائية وتدابير محكمة لمواجهة “الحمى النزفية”، ومحاولة منع ظهوره في عدد منها، وذلك رغم عدم معرفة كيفية مكافحته بشكل كامل.

يأتي ذلك في وقت كانت قد أعلنت فيه وزارة الزراعة العراقية، نهاية شهر نيسان الماضي، السيطرة على البؤر المسببة للإصابة بمرض “الحمى النزفية”، وذلك من خلال مكافحة حشرة (القراد) الوسيط الناقل للوباء من الحيوان إلى الإنسان، حسب قولها.

وفي وقت سابق، أكدت وزارة الزراعة، السيطرة على مسببات مرض الحمى النزفية في المحافظات التي سجلت إصابات، مشيرة إلى تطبيق خطة لرش وتغطيس الحيوانات بالمجان.

اقرأ/ي أيضا: وفيات وإصابات بـ”الحمى النزفية” في العراق وتطمينات من الصحة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.