قرابة الشهر مر على صدور مرسوم العفو رقم 7 لعام 2022، عن الرئيس السوري بشار الأسد، والذي ينص على عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30 نيسان/أبريل 2022عدا التي أفضت إلى موت إنسان.

عفو أثار ردود أفعال متباينة، بين مشكك، وبين متفاءل من المختصين الذين رأوه في وقت صدوره بأنه تميز بالعفو عن كافة جرائم الإرهاب التي لم تفض إلى وفاة وكان من المتوقع أن يشمل الآلاف إن لم يكن أكثر، ولكن وبعد مرور نحو شهر على صدوره لم يتم الإفراج سوى عن عدد محدود جدا.

العفو لم يكن سوى لخداع الخارج

نور الخطيب، العضو في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، قالت خلال حديثها لموقع “الحل نت”، أنه بناء على معلومات ومصادر متطابقة، فإن العفو مرتبط باللجنة التي شكلتها حكومة دمشق في وقت سابق، لتكون كرد على خطوة هولندا وكندا بإحالة ملف التعذيب في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية.

وأضافت الخطيب، أن اللجنة عملت بعد تشكيلها مباشرة على إصدار توصية أدت لصدور القانون رقم 16 لعام 2022 والخاص بتجريم التعذيب، تلاه المرسوم رقم 7 وهو مرسوم العفو، والذي لم يكن كما حاولت بعض الجهات الترويج له على أنه جاء كرد على مجزرة التضامن، مضيفة أن عمل اللجنة لم ينته بعد، ومن المتوقع أن تشهد كل من محكمة الإرهاب والمحكمة الميدانية تغييرات في هيكليتها إزاء ما تسعى إليه هولندا وكندا.

العفو الذي جاء مبشرا للبعض، حمل في طياته العديد من النقاط الغامضة، اعتُبر بعضها فخا للمعارضين وخاصة من كانوا في الخارج، ففي السابع من الشهر الحالي، أصدر وزير العدل، أحمد السيد، بيانا كتنفيذ لمرسوم العفو، جاء فيه جميع البلاغات والإجراءات المستندة إلى الجرائم المنصوص عليها في قانون الإرهاب، رقم “19” لعام 2012، وذلك “بحق جميع المواطنين السوريين في الداخل والخارج، ما لم يتسبب فعلهم بموت إنسان أو يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية أو ارتباطهم مع دول أخرى.

وفي هذا السياق، قال المحامي ابراهيم القاسم، عضو ملفات قيصرفي وقت سابق لـ”الحل نت”، أن المرسوم كان واضحا في تحديد الجرائم، والشروط الواجب تطبيقها على المطلوبين ليشملهم العفو، أما شرط عدم الارتباط بدول أخرى فلم يأت المرسوم عليه، إنما أُضيف من قبل وزارة العدل كنوع من المزاودة، وبهذا يحاول البيان التضييق على الأشخاص المشمولين بالعفو، وهذا ما يؤكد أن العفو في الأصل رسالة للخارج كبادرة حسن نية، في حين سيؤثر بشكل لافت على الأشخاص المشمولين به.

قد يهمك:من صيدنايا إلى الجيش.. العفو لا يشمل من ارتكب جُرمين

من أصل 132 ألف معتقل أُفرج عن 527 فقط

في بيان لـ”لشبكة السورية لحقوق الإنسان”، صدر صباح اليوم الجمعة، جاء فيه أنه بعد صدور مرسوم العفو، واستنادا إلى عمليات المراقبة والتوثيق اليومية منذ صدور المرسوم لم يتم الإفراج سوى عن قرابة 527 شخص من مُختلف السجون المدنية والعسكرية والأفرع الأمنية في المحافظات السورية، بينهم 59 سيدة و16 شخصا كانوا أطفالا حين اعتقالهم.

وأوضح البيان، أن من بين حصيلة المفرج عنهم تم تسجيل 11 حالة لمختفين قسريا تم اعتقالهم في الأعوام 2011 و2013 و2015 و2016 وأفرج عنهم ولم تكن عائلاتهم تحصل على أية معلومات عنهم طوال مدة احتجازهم واختفائهم، كما لم تتمكن من زيارتهم أو التواصل معهم.

كما أن من بين المفرج عنهم الـ 527 ما لا يقل عن 131 شخصا كانوا قد أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية قبيل اعتقالهم ومنحوا تعهدا بموجب التسوية بعدم التعرض لهم من قبل الأفرع الأمنية، و21 شخصا اعتقلوا بعد عودتهم إلى سوريا من اللاجئين والمقيمين خارجها بينهم 2 سيدة.

وأشار البيان، إلى أن حكومة دمشق اعتقلت مئات آلاف السوريين على مدى قرابة اثني عشر عاما، وبحسب قاعدة بيانات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” فإن دمشق لا زالت تعتقل/ تخفي قسريا قرابة 132 ألف مواطن سوري منذ آذار/مارس 2011 حتى أيار/مايو 2022.

وفي هذا السياق، أوضحت نور الخطيب، أن عمليات الإفراج كانت بنفس المعدل المتعارف عليه بمراسيم العفو السابقة، وحتى بالأحوال العادية قبل صدور العفو كانت تتم عمليات إفراج عن معتقلين، ممن أنهوا سنوات أحكامهم، أو بقي لديهم ربع المدة، أو بناء على إخلاءات السبيل، وكان عددهم يصل شهريا ما بين 50- 60 معتقل.

أما بعد صدور المرسوم، سعت دمشق إلى رفع عدد المفرج عنها في الأيام الأولى ليتراوح العدد ما بين 30-60 معتقل يوميا، ثم بدأت الأعداد بالتناقص لتصل إلى معدل الإفراج عن 3 معتقلين يوميا، وتسعى دمشق من خلال هذا الأسلوب إلى الترويج بأنها لا تزال تقوم بعمليات الإفراج، ومن المتوقع أن تستمر عمليات الإفراج إلى نهاية شهر حزيران/يونيو القادم، بأعداد محدودة، وبعد ذلك ستعود كما كانت في السابق، وفي مقابل ذلك كله، لا تزال عمليات الاعتقال مستمرة.

إقرأ:عفو “الجرائم الإرهابية” في سوريا.. من يشمل وما أهدافه؟

ومن الجدير بالذكر، أن هناك العديد من الجهات والصفحات التي تناولت عمليات الإفراج عن المعتقلين، ونشر أعداد كبيرة على أنها أُفرج عنها، في حين أنها اعتمدت على مصادر صحفية غير مختصة، لم يُعرف عنها توثيقا لحالات الاعتقال والاختفاء القسري على مدى السنوات الماضية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.